مشهد مسرح الجنادرية: عيدنا المئوي أم عيدنا السنوي؟ محمد العثيم |
تقدم الجنادرية كل عام مشروعين من مشاريع المسرح احدهما العرض الرئيسي,, والآخر عروض تكثر او تقل بحسب العدد المتاح من المناطق او الهيئات الاجتماعية والتعليمية وهي عروض تستمر طيلة ايام المهرجان,, وتشارك فيها فرق من كافة انحاء المملكة وكافة القطاعات الاهلية واحيانا المحافظات وتختلف موسميا الا انها لا تحظى بنظرة اعلامية لاكتفاء الاعلام بالعرض الكبير.
والانصراف الى انشطة اسهل انتاجا واقصر نفسا في العرض مع ان الوقت مازال في التلفزيون متاحا للكثير من المواد التي قد قلت اهميتها عن المسرح.
هذا العام كان المناسبة الكبرى لذكرى توحيد المملكة ,, والمسرح من خلال عروضه الوحيد القادر على التعبير عن عظمة المناسبة - ولاني كنت غير قادر على مشاهدة العرض - وهو شيء حز في نفسي - فقد تكرم احد الزملاء باعطائي مقاطع (شريط فيديو) سجلها من عرض التلفزيون في الاخبار وبهرت حقيقة بالمستوى الانتاجي للعمل والسخاء المتناهي مما يناسب عظمة احتفالنا بدخول المائة الثانية,, ويسعدنا ان المسرح كان حاضرا على رأس المناسبة فهو فخر لكل مسرحي ودليل على الانفتاح الفكري ازاء الفن والادب فالمسرح دعي ليقدم اهم احتفال في عمر بلدنا المديد مما يؤكد اننا امة لا تعاني من فقر ثقافي ولا تلجأ لفنون الغير للتعبير عن حالها.
اعود مرة اخرى للموضوع عندما تتوفر لي مواد مرئية ومكتوبة عن الاوبريت.
اما المسرح الدائم في الجنادرية فقد لقي ترحيبا من الحرس الوطني منذ البداية,, وكان المسؤولون يقومون بجولات مبكرة لحث الفرق في الاقاليم على المشاركة فكانت نهضة الثقافة في الاربع عشرة سنة الماضية منسوبة للمشروع التثقيفي والتحضيري لمسؤولي الحرس الوطني وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الامير بدر بن عبدالعزيز وجيش من مسؤولي الحرس الوطني الذين لم يقصروا في مشروعهم التحضيري والتثقيفي والتعليمي والصحي على القطاع نفسه بل جعلوه مشروعا لكل الوطن مما خلق تغييرا كبيرا في جانب الجهاز ليكون جهاز التحضير والتوعية الاول في وطننا.
لذا نعيد الشكر كما نفعل في كل عام للمسؤولين في الحرس الوطني.
نعمان كدوه والسجن الكبير,.
لازال في ذاكرتي من ايام المهرجان السعودي الثاني عرض جامعة الملك عبدالعزيز (السجن الكبير) الذي ألفه واخرجه نعمان كدوه وهو طالب في الجامعة مثل كثير من الشباب السعودي الموهوب الذين يقدمون عطاءات موفقة في مجال الفنون والمسرح والعرض,, والاهم,, بل ومصدر الفخر انه لشباب سعودي طال انتظارنا لابداعه وعطائه,.
ابرر الحديث عن هذه المسرحية بعد ان اعيد عرضها من قبل جامعة الملك عبدالعزيز في مهرجان الجنادرية لهذا العام والمسرحية فازت سابقا بجائزة النص للمهرجان السعودي الثاني للمسرح,, ومؤلفها هو مخرجها الاخ نعمان كدوه وتعتبر حسب علمي التجربة الاولى له بالاخراج.
النص يأخذ منحى النصوص البوليسية في عقدته وتشويقه حيث نرى على المسرح غابة بالحجم الطبيعي تقريبا ويظهر رجلان احدهما قاتل والاخر آواه وهما هاربان من العدالة حيث يتفانى صاحب المأوى بصداقته ويتقن الكاتب عملية تمايز صراع البطل مع نفسه من دوافعه الداخلية يوم يحس انها سببت لصديقه الكثير ويدخل في الحدث حطاب قوي يجدهما فجأة فيجعلها يعملان لحسابه مقابل طعامهما,, والفكرة تعالج حسب قول كاتب التوصيف عدم التروي لانه لم تكن هناك جريمة قتل بالاصل,, وكل الموقف الانساني بني في مخيلة البطلين فتوهما انهما شريكان في جريمة فيهربان الى الغابة ليجدا انهما سجينان في الفضاء الطلق.
لا يمكنني سد كل تفاصيل النص ذي النزعة الواقعية في هذا العرض الا ان الاخراج امعن بالتبسيط الى حد الانتهاء الى الطبيعية واحيانا المباشرة لكن انسانية الموضوع وحيوية الممثلين (لم تذكر اسماؤهم في منشور المسرحية) الزمت الجمهور مقاعده حتى انتهاء العرض في قاعة كلية العلوم بجامعة الملك عبدالعزيز, اعود للتأكيد ان الممثلين ادوا ادوارهم احيانا بانفعالات عززت الجانب المسرحي بصورته الاخراجية وخلقت تفاعلا مع النص من قبل المتفرجين.
(والكلام هنا عن عرض مدينة جدة لا عرض الجنادرية) ومن اهم انجازات المهرجان السعودي الثاني الذي تبنته جامعة الملك عبدالعزيز انه قدم لنا معظم مسرحياته بايدي شباب سعودي مثل مشاري محمد وعواض عسيري ونعمان كدوه وسامي الجمعان مع باقات من الممثلين المجددين الذين هم الدعم الحقيقي لثقافة المسرح,, وهذا القول لا ينفي شكرنا الجزيل لاساتذة اجلاء ساهموا في تنمية الثقافة السعودية خصوصا المجال المسرحي.
|
|
|