Tuesday 22nd February,2000 G No.10008الطبعة الاولى الثلاثاء 16 ,ذو القعدة 1420 العدد 10008



لما هو آتٍ
ثقوب في بناء الإنسان
د, خيرية إبراهيم السقاف

امرأة تضرب عاملتها ضرباً مبرحاً، فقط لأنها لم تجد قطعة ذهبية فُقِدت من بين مجوهراتها,,.
وبعد أن هربت العاملة,,, وجدت السيدة قطعة الذهب في حوزة ابنتها التي تحلَّت بها في زيارة في ليلة سابقة,,,!!
أخرى تفعل المثل,,, ثم تشترك معها جارتها في الضرب، وتوثقان العاملة خشية هروبها,,, وبعد أن تكتشفا إغماءها,,,، يحمل العاملة الزوج وصديقه ويلقيان بها خارج الدار,,, وقد فارقت الحياة,,.
فقط لأن سلسالاً من الذهب وُجد معها يخصُّ صاحبة البيت؟!
رجل يَقِفُ في الشارع,,, يعطل سير المارة، فقط لأنه أشار بيده لسائق عربة من خلفه كي يتوقَّف لرغبته الشخصية الطارئة في تغيير اتجاهه,,, وعندما لم يفعل الآخر,,,، ولأنه لايتحدث اللغة العربية,,, ترجَّل هذا وانهال عليه شتماً وقذفاً، وكاد أن يضربه,,,!!
أستاذ جامعي مزَّق خطاباً موجَّهاً إليه من وليِّ أمر طالب مستجد لم يتجاوز عمره الثامنة عشرة يخبره فيه بتوعُّك ابنه وعدم قدرته على المجيء للدرس في الذي سبق، بِحُجَّة أنه لا يقبل شفاعة، وألقى بِقِطَع الورق في وجه الطالب,,,!!
مسؤول يجلس إليه أحد الذين (قصدوه) في خدمة، وبينما هو يقدم الأعذار بالأدلَّة والبراهين وتأكيد القَسَم، جاءه مسؤول آخر في طلب الخدمة ذاتها,,, وهو يَقِفُ يصافحه كان يؤكِّد له بثقة بأن طلبه مجاب وبأنه يعجز عن عدم تحقيقه!!
مجموعة تذهب لزيارة صديق مريض في المستشفى، ولأنَّه ليس في مدينته، يطلب إلى أحد زملائه تسديد بعض فواتير الخدمة عنه لحين خروجه إلى بيته، وبعد أن يغادروه يكون موضع شماتة، ويصبح مادة لبحثهم,,, واتصالاتهم لمعرفة أسباب عجزه المادي، بينما يتعذَّرُ الصديق عن أداء السداد عنه!!.
رجل يَتَزَوَّجُ من أخت صديق له، وبعد مرور فترة زمنيَّة ليست تتعدى الأسابيع يكشف لها عملياً عن نِيَّتِه، فقد تزوَّجها ليَنتَقِم من أخيها الذي يشك في أنه لم يُنصِفهُ ماديا عندما تشاركا في مساهمة عقار ثم باعاها,,,، ويكون انتقامه منها: بالحبس والضرب، والتعذيب، الفتاة تهرب من نافذة نسيها مفتوحة عندما غادر ذات صباح.
رئيسة أحد الأقسام في مُؤَسَّسة تعليمية,,,، بمجرد تسلُّمِها لرئاسة القسم، وقَّعَت على إلغاء عقد زميلة أخرى بحُجَّة (سَعودَةِ الوظيفة)، بينما عملت هاتفياً على تشويه سمعة زميلتها من حيث أدائها، ووجود اعتراض عليها من الطالبات، وبقبولها لهدايا مِنهُنَّ و,,,و,,, وإنَّ شيئاً من ذلك لم تَعهَده هي ولا مَن معها ولا مَن سبقها,,.
الجميع في القسم يعلم بأن هناك منافسة علمية سابقة بينهما.
ولأن هناك من تقدم للوظيفة من السعوديات تحقق لها ماتريد,,,!
هناك الرجل الذي يكذب وكذلك الامرأة
هناك الرجل الذي يَحقِدُ ويكيد وهناك الامرأة,.
هناك البذيئون والبذيئات
هناك الذين لا يتحمّلُون المسؤوليات التي تُناط بهم من الرجال والنساء,,, بينما هي مُعَلَّقَة في رقابهم,,.
هناك مَن يعيشون في واجهة الضَّوءِ وهم في الواقع مع أنفسهم في الأقبية الظلماء,,.
كل هذا ثقوب في بناء الإنسان:
من تَضرب لمجرد الشَّك من أجل قطعة ذهب، ويصل الأمر عند الأخرى إلى القتل مع الكذب، والهروب من المسؤولية، وعدم خشية الله، ومن يَسهُل عليه إهانة سواه على مرأى من الناس، ويُعَطِّل مسار طريق عام من أجل ذاته واستعراض قُوَّتِه، من يَجرُؤ في معقل التربية والتعليم على تمزيق خطاب بكل الاستهتار والتعالي، ويلقيه في وجه شاب يجيء كي تنمو طموحاته ويجد القدوة الحسنة، أو ذلك الذي يكيل الأيمان اعتذاراً لقاصد متواضع لا يملك شفاعة المنصب، أو وجاهته، بينما يحقق الطلب ذاته لمن يتحلى بهما على مرأى ومَسمَع من الأول، أو أولئك الذين وجدوا في صديقهم المريض الذي تعرَّض لِأَزمات الحياة مادَّة لفضولهم ونميِمَتِهم,,,، أو ذلك الذي ينَتقِم من صديقه في أخته انتقاماً مُقتَدراً بالزواج منها، أو تلك التي تستغل سلطتها الإدارية، ونافذة القرار العام كي تنتقم من زميلة لايحميها وضعها ولاحاجتها,,,، والكاذبون والحاقدون والبذيئون، والسارقون في الظلام، والمستغلون لمسؤولياتهم,,,، والذين يبرقون في الظاهر وهم مظلمون في الداخل,,,، ومن خلف البريق,,.
كل هذا ثقوب,,, ثقوب,,, ثقوب.
في بناء الإنسان,,.
تحتاج إلى ردم، تحتاج إلى أن يُرَمَّمَ بناء هذا الإنسان,,.
ولأن البيوت تُسد ثقوبها بالطين والماء
فإن الإنسان
طينه وماءه: هما تربيته تربية صحيحة منذ البدء,,.
ولكن كيف تُعَاَدُ صياغة بناء إنسان يقف على الأرض وهو مليء بالثقوب وعَصِيٌّ على الترميم؟!
,,, تلك هي القضيَّة, ولعله وحده من عليه سد ثقوبه كي لا يتهالك.


رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

نوافذ تسويقية

ملحق تكنولوجيا المعلومات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved