Al Jazirah NewsPaper Tuesday  31/10/2006G Issue 12451مقـالاتالثلاثاء 9 شوال 1427 هـ  31 أكتوبر2006 م   العدد  12451
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

مزاين الإبل

دوليات

متابعة

منوعـات

ملحق نجران

تغطية خاصة

القوى العاملة

عزيزتـي الجزيرة

الأخيــرة

نجران في لقاء تاريخي مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز
د محمد بن عبد الله أل زلفة*

لماذا اختار الملك عبد الله بن عبدالعزيز أن تكون نجران البداية لزيارته الملكية الميمونة إلى الجزء الجنوبي من مملكته، ربما أن الأمر طبيعي جداً، فلا فرقَ من أين تكون البداية؛ فكل قلوب أبناء المناطق الثلاث مسكونة بحب هذا القائد الذي شغف القلوب بحبه ولهذا فإن كل منطقة تريد أن تكون هي المحظية الأولى بزيارة القائد؛ كل عين تريد أن تسبق غيرها في رؤية الملك، وكل قلب يريد أن يكون له سبق الخفقة الأولى بلقاء الملك، وكل يدٍ تريد أن تكون اليد الأولى بمصافحة الملك، وكل عبارة حب تريد كل شفة أن تسبق غيرها في التعبير بها عن محبة صادقة لهذا الملك الصادق.
ولكن في اعتقادي أن نجران - وهي تمثل آخر جوهرة في عقد وحدتنا الوطنية - لم تكن الأخيرة، لأنها امتنعت فلقد كانت الأولى التي جاءت راضية مطواعة دون أي إكراهٍ أو خوفٍ، أو تردد بل بكامل إرادتها، ورغبة أهلها الصادقة أن تكون خاتمة جواهر عقد وحدتنا الوطنية. فقد أثبت التاريخ أن نجران عصية على كل طامع. فلقد تحطمت قوة الغزاة الرومان الذين شقوا الجزيرة من أقصى نقطة في شمالها أمام الصمود البطولي لأبناء نجران، وكان وفد أهل نجران من أوائل الوفود التي وفدت على الرسول محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، حينما تبين لهم أنه جاء داعياً للحق، وأنه رسول من عند الله، وهم قوم خبروا وتوارثوا معرفة الديانات التي سبقت الدعوة الخاتمة التي جاء بها خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وعرفوا بعلمهم أنه النبي المنتظر.
فلقد كانت تنتشر في بلادهم بعض الديانات السابقة اليهودية والنصرانية، وشهدت ذلك الصراع الأسطوري بين معتنقي تلك الديانات، وشهد بذلك القرآن الكريم. (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) الآية) البروج. والأخدود وآثارها - لحكمة ربانية - ما زالت ماثلة للعيان تحتل مساحة في قلب مدينة نجران، وعلى الضفة الجنوبية لواديها العظيم. لم تستطع أي من القوى المتعاقبة على مدى تاريخ المنطقة أن تفرض سيطرتها على نجران، وكانت نجران أثناء فترات سيادة فوضى الصراعات القبلية في الجزيرة العربية أكثر المناطق منعة لقوة ومنعة قبائلها التي تعمل لها القبائل المجاورة، وحتى البعيدة، كل حساب.
ومع مطلع القرن العشرين - الذي شهد انقلاباً كبيراً في الخرائط السياسية - لم يعد هناك مجال لبقاء أحد منعزلاً، مهما كانت قوة قبيلته، أو مناعة موقعه، وهنا فإن العاقل هو من اختار لنفسه ما يجعله ينحاز أو يخطب ود من يرى أنه إليه أقرب، وعلى تحقيق مصالحة أقدر. وبما أن نجران جوهرة ثمينة في موقعها، وفي مكانة وتاريخ أهلها، وأمام تحديات إقليمية، وربما ما هو أبعد من ذلك رأت زعامات قبائل نجران - التي أصبحت في موقع مواجهات وتحديات - أن لا قدرة لها على الاستقلال بإدارة شؤون أمرها كما تعودت على مدى القرون الطويلة، وأن ليس أمامها إلا أن تختار - بكامل إرادتها - إلى أي جانب تقبل الانضواء تحت لوائه، فاختارت الجانب السعودي الذي تربطها به علاقات تعود إلى قيام الدولة السعودية التي دخلت معها في مواثيق واتفاقيات ضمنت لنجران وقبائلها حقاً في إدارة شؤونها، ولكن ليس من حقها أن تقف إلى أي جانب في حالة عداء مع الدولة السعودية الأولى، وجددت هذه الاتفاقيات مع مؤسس الدولة السعودية الثانية الإمام فيصل بن تركي - رحمه الله - ثم إنه أمام المتغيرات والتحديات التي شهدها مطلع القرن العشرين نجد أن زعامات نجران ممثلين لأهل نجران يجددون مع الملك عبد العزيز ما بين أسلافهم وأسلافه من العهود والمواثيق، ومن هنا كان دخولهم في منظومة وحدتنا الوطنية الكبيرة.
لم يعجب الجارة - المملكة اليمنية آنذاك - هذا الموقف من أهل نجران، علماً بأنه ليست لليمن علاقة بنجران، فقد - أشرت سابقاً - نجران حافظت على استقلالها على مدى القرون التاريخية، مما دفع اليمن إلى شن غزو مسلح مفاجئ على نجران، وتحتل معظمه. وفي اعتقادي أنه أول غزو يتعرض له نجران منذ قرون. تعرض نجران خلال هذا الغزو لأكبر هجمة عبثية لم يكتفِ خلاله بتدمير البيوت والآبار، بل وصل لتقطيع النخيل والمزروعات. كان هذا الغزو المفاجئ فعلاً والمحادثات بين المملكة ومملكة اليمن قائمة حول وضع حدٍ نهائي لكل أسباب النزاعات على قضايا الحدود بين البلدين، بما فيها منطقة نجران التي ارتأى أهلها انضمامهم إلى المملكة، وهو حقهم المطلق في تقرير مصيرهم، إضافة إلى أن - نجران كما يعرف كل دارسي التاريخ أنها منطقة مستقلة بذاتها على مدى تاريخها، ولم تكن لليمن علاقة بها.
لم يمكث الاحتلال اليمني طويلاً فسرعان ما توحدت صفوف أهل نجران، وقادت مقاومة شرسة وضارية ضد الاحتلال، واضطرت المملكة، بعد استنفاد كل الوسائل لحل مسألة نجران مع اليمن دون الدخول في حرب، إلى دخول الحرب إلى جانب أهل نجران وتحريره كاملاً، بل وانتهت الحرب بقبول اليمن توقيع اتفاقية الطائف التي أنهت كل الخلافات الحدودية، وإنهاء مسألة نجران، وذلك في عام 1353هـ - 1934م. حيث تأسست أول إدارة سعودية مباشرة في نجران، وحظي أهل نجران بزعاماته المعروفة بتقدير بالغ من الملك المؤسس، بما في ذلك المكارمة ذوو المكانة الدينية في نجران، الذين كان إمام اليمن يهدد بالقضاء عليهم أثناء غزوه نجران فلجؤوا إلى الملك عبد العزيز فأمنهم بنقلهم إلى مدينة أبها، ثم عادوا إلى نجران بعد ضمه نهائياً إلى المملكة، وخصص لهم المرتبات والأعطيات السنوية النقدية والعينية، ليس فقط لكبارهم، ولكن لأبنائهم، وزوجاتهم، وكان من شملهم عطف ورعاية الملك عبدالعزيز من هذه الأسرة 144 نفراً وذلك عام 1353هـ، أمر الملك المؤسس باستمرار هذه الأعطيات لأبناء وبنات كل متوفى منهم، ولدينا كشف بأسمائهم من اليوم الأول باستمرار هذه الأعطيات لأبناء وبنات كل متوفى منهم، ولدينا كشف بأسمائهم من اليوم الأول لضم نجران. أما الزعماء البارزون من غير المكارمة، فهم الشيخ جابر أبوساق، والشيخ ابن نصيب، والشيخ ابن منيف، والشيخ الأسلومي؛ والشيخ المهان. وقد أمر لهم الملك العظيم - رحمه الله - بالأعطيات السنوية النقدية والعينية، وظلوا مكان احترام المؤسس وأبنائه من بعده؛ وكان الملك يحث موظفيه على احترام أهل نجران، وكان يقول: بدوهم على غيرهم في صرف أعطياتهم، ولم يرضَ بمضايقة أهل نجران، بوجود الحامية العسكرية التي استقرت في نجران، بل أمر ببناء معسكرات لهم خارج المناطق السكنية، رغبة في راحة السكان. هذا الاحترام الذي حظي به أهل نجران من لدن المؤسس قابله حب مطلق من أهل نجران كافة، وظلوا من أكثر أبناء مناطق المملكة حباً وولاءً للقيادة السعودية، ومن الأكثر إخلاصاً لهذا الوطن، والحريصين على وحدته، فانتشر أهالي نجران في كل منطقة من مناطق المملكة عرفوا بالولاء والإخلاص لما جبلوا عليه من المروءة والكرم، واحترام الآخر، وأثبتوا تفوقهم في كل ميدان طرقوه.
واليوم الملك المصلح زعيم الإصلاح، ورائد الدعوة إلى الحوار ونبذ الغلو والتطرف، وقاهر الإرهاب، ومجدد مشاعر الولاء لهذا الوطن، القائل إن الوطن للجميع دون تمييز أو تصنيف، والعقد المشترك الذي لا خلاف عليه بين أبناء هذه البلاد هو الولاء والإخلاص لهذا الوطن، والموت والحياة من أجل الحفاظ على وحدته وأمته وسلامته، والملك - حفظه الله - بزيارته لنجران مفتتحاً زيارته للمناطق الجنوبية يحمل معه حزمة من مشروعات الخير من أجل نجران، وأبناء نجران، والأجيال القادمة لنجران. وهو بهذا يتوسم خطى والده المؤسس العظيم، وإخوانه الذين سبقوه في إدارة دفة هذه البلاد وعدم تمييزهم بين منطقة وأخرى، مراعياً كل المتغيرات والمعطيات، ومتطلبات المرحلة التي يسري - حفظه الله - بحنكته وعقله، وعمق تفكيره أننا إذا لم نأخذ بأسباب التطور والخروج من الأفكار المقولبة، ودوائر التفكير المغلق، والرؤى الضيقة، فإننا بذلك نعرض أمن واستقرار ووحدة بلادنا للأخطار، وهذا ما يريده لنا الأعداء المتربصون بنا وببلادنا منذ اليوم الأول لقيام وحدتنا الوطنية العظيمة الخالدة، بارك الله مساعيك ياأبا متعب، وسدد خطاك، وحفظك ذخراً لهذا الوطن، وشد أزرك بساعدك القوي وعهدك الأمين.

(*)عضو مجلس الشورى





نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved