Al Jazirah NewsPaper Sunday  05/11/2006G Issue 12456وَرّاق الجزيرةالأحد 14 شوال 1427 هـ  05 نوفمبر2006 م   العدد  12456
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

الثقافية

دوليات

متابعة

ملحق جازان

ملحق المجمعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

وطن ومواطن

وَرّاق الجزيرة

الأخيــرة

وسم على أديم الزمن
(لمحات من الذكريات)
قراءة: حنان بنت عبدالعزيز آل سيف

تأليف: معالي الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر
(الجزء الخامس)
كتب الأديب الأريب، والوزير الخطيب، معالي الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر - حفظه الله - وأدام عليه سروره - سيرته الذاتية في خمسة أسفار كبار، وبين يديّ الجزء الخامس منها، جاءت به مطابع سفير الناهضة، وأمام ناظريّ الطبعة الأولى لعام 1427هـ وهو يصور حياة تلميذ صغير يدب نحو الخامسة عشرة من عمره في مكة المكرمة -شرفها الله- مثل مئات التلاميذ من أخوانه وأترابه، وهذا جزء من جزأين يؤمل أن يعطي صورة صادقة ناطقة لحياة التلاميذ في ذلك الزمن البعيد، والمكان المجيد التليد.
هذه الترجمة الذاتية كتبت على شكل ذكريات عني فيها بتصوير الأحداث الاجتماعية والمشاهدات البيئية والمسيرة التعليمية، أكثر من العناية بتصوير الواقع النفسي والإطار الذاتي، وكتبها صاحبها - حماه الله - على شكل لمحات من ذكريات نفيسة فجاءت قطعة أدبية بديعة. وهذه الذكريات جاءت وفق بناء مرسوم واضح، رتبت من خلالها الأحداث والمواقف والشخصيات التي عاصرها ومرت به ثم عمد معالي الوزير الأديب عبدالعزيز الخويطر - حرسه الله - إلى صياغتها صياغة أدبية محكمة، فجاءت حلة سندسية استبرقية رائعة ذائعة فلله دره. والخويطر يتميز بذاكرة قوية تضرب بجذورها في أعماق الأحداث والحقائق الماضية، ويضرب أطنابها بما يسوقه من وثائق وشهادات هي عند المؤرخين والباحثين والدارسين من أبدع ما تحمله السيرة الذاتية دلالة على واقعيتها ومصداقيتها، يقول - حفظه الله - في مقدمة كتابه الميمونة: (من أهم ما جاء في هذا الجزء رصد خطابات الوالد وتوجهه لنا وهو في الرياض عما يجب أن تكون عليه كتاباتنا، وفيها حث لنا على الدراسة بتتابع وإصرار، وفيها من مقومات التربية ما يكشف عن حرصه - رحمه الله - على أن نكون في أرقى المستويات العلمية، وسوف يلحظ القارئ براعته - رحمه الله - في حث حمد على التحصيل وحُسن الخط متخذاً أساليب متعددة، وسالكاً طرقا هو على يقين أنها موصلة، وقد لا تهم هذه الخطابات القارئ ولكنها لنا أولاده مهمة، ورصدها هنا يحميها من الضياع... قد لا يهتم بعض القراء بالوثائق التي أرفقها وما عليه إلا أن يتجاهلها، وينصرف رأساً إلى غيرها، أما أنا فقد أثبتها لأني أعتقد أن لها أهمية في تحديد تاريخ التربية والتعليم في المملكة في بعض الحقب).
هذا ويتضح في هذه السيرة الخالدة التزام المترجم لنفسه الحقيقة والصدق فيما يكتبه عن ذاته ومحيطه وبيئته، ومن هنا جاءت هذه السيرة الذاتية من أصدق السير في تصوير المجتمع السعودي التقليدي المحافظ في ذلك الزمن الماضي والحقبة السالفة، والصدق كما يراه الدكتور يحيى إبراهيم عبدالدايم في كتابه: (الترجمة الذاتية في الأدب العربي الحديث)(1) مجرد محاولة، حيث يقول: (فالصدق المحض في الترجمة الذاتية رغم أنها أصدق الفنون الأدبية تصويراً للإنسان هو مجرد محاولة وهو صدق نسبي، وليس شيئا متحققاً؛ لأن هناك عوائق تعترض سبيل المترجم لنفسه وتحول بينه وبين نقل الحقيقة الخالصة ومن هذه العوائق أن الحياة نسيج صنعت خيوطه من حقيقة وخيال وحياتنا وأفكارنا تصنع بعض أجزائها من وحي الخيال، والحقيقة المجردة شأنها في ذلك شأن الخيال البحت كلاهما يختفي من الترجمة الذاتية، ومن الحوائل.. دون نقل الحقيقة الخالصة عوامل طبيعية لا إرادية كالحياء الطبيعي والنسيان الطبيعي الذي تعمل آليته دوماً داخل الإنسان على مراحل حياته، وهو نسيان تفرضه علينا قوة الذاكرة بحكم تعقيدها، وأكثر ما ينساه الإنسان ما يقع له في مرحلة الطفولة)، وأما الدكتور شوقي المعاملي في كتابه (السيرة الذاتية في التراث)(2) يقول ما مضمونه التالي: (فالصدق المطلق لا يمكن تحققه في السيرة لأن الإنسان لا يستطيع أن يعرف نفسه ثم هناك حوائل أخرى تحول دون تحقق الصدق أشار إليها أندريه موروا فمنها ما يرجع إلى النسيان الطبيعي ومنها ما يرجع إلى النسيان المتعمد ومنها ما يرجع إلى الذاكرة نفسها، ومنها ما يرجع إلى عملية الخلق الفني).
وبهذا فتتسم هذه الذكريات بالقوة والأصالة والتميز وهي معين جارٍ موصول متدفق لا ينضب متعة وإشراقاً وإبداعاً في شكلها ومضمونها وأسلوبها وبنائها الفني.
وعن عناية المترجم لنفسها بتصوير المشاهدات والشخصيات والبيئات يقول - حفظه الله - وأبقاه - ما نصه: (هذا هو الجزء الخامس من مذكراتي (رسم على أديم الزمن) وهو الثاني من ذكرياتي في مكة المكرمة ويأتي مكملاً لسابقه في هذه العاصمة المقدسة - شرفها الله - وفيه جولة شملت الزمان والمكان وما جرى لي فيهما من ترعرع ونمو ودراسة وحياة اجتماعية بمظاهرها المختلفة وصورها المتنوعة، وما حدث مما خزنته الذاكرة، واستوعبه الفكر، وترجح اختياره للتدريب ليعطي صورة متكاملة عن الحياة في تلك الفترة، مما سوف يستجلب المقارنة المدهشة بين ما كان وما هو كائن اليوم في مجتمعنا، بعد أن دخله من التطور والتغيير ما لم يكن في الحسبان وإن حدس بعض الناس أن شيئاً من هذا سوف يحدث فلم يكن حدسهم ليصل إلى ما وصلنا إليه حقيقة وما تم إنجازه على المستويات المختلفة، والمجالات المتعددة).
والمتأمل في هذه السيرة الحافلة يلمح أنها ترسم الخط البياني لأسلوب التعليم السعودي مع تزويدنا بأمثلة ناطقة حيّة من أغلفة كتب دراسية، وأوراق إجابة مصححة وموثقة ومعتمدة وهي تظهر جانباً من جوانب التميز في شخصية معالي الدكتور الخويطر - زاده الله علماً - وهو جانب التفوق في التحصيل الدراسي، فقد كان من الأوائل والمبرزين في مسيرته العلمية والعملية، وتتجلى مهارة وفنية القصاص في حبك أحداث وحوادث وأحاديث هذه السيرة، وقد تدرج فيها معاليه من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الكهولة فجاءت صفحاتها التي تربو على الأربعمائة صفحة لتلقي الضوء على مغاليق وأسرار العقلية الخويطرية الجبارة الناهضة، وقارئ اليوم حين يقرأ هذه السيرة يتعرف من خلالها على خبايا هذه العقلية الفحلة، وأطوار حياتها وما مرَّ بها من تجارب وخبرات، وبطلها هو الخويطر بعدته وعتاده، وهو مبدع مضمونها النفسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، ومن الأمور الدالة على تعقل أديبنا الخويطر - سلمه الله - إشارته إلى أسماء الشخصيات بحروف أوائل الأسماء - كما يبدو لي - فهو يتورع عن مس شخصيات الناس بالمجاهرة والصراحة سواء أكانوا أحياء أم في ذمة التاريخ(3).
وأخيراً فقد وضح وتجلى لنا أن السيرة الخويطرية جاءت في مقدمة السير الذاتية من ناحية الاهتمام بترتيب الأحداث التي عاصرها بطلها، وأظهرته أديباً فحلاً ملماً بثقافات عصره اللغوية والأدبية والاجتماعية والتاريخية.
الهوامش:
1 - ط دار النهضة العربية - بيروت.
2 - ط مكتبة النهضة المصرية - القاهرة.
3 - ينظر الكتابان السابقان.

عنوان المراسلة: ص. ب (54753) الرياض (11524) - فاكس: 4656444



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved