Al Jazirah NewsPaper Wednesday  22/11/2006G Issue 12473مقـالاتالاربعاء 01 ذو القعدة 1427 هـ  22 نوفمبر2006 م   العدد  12473
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

كود البناء

دوليات

متابعة

محاضرة

منوعـات

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

عبد الله القصبي بين النقل والعقل مع الأميرين سلطان وطلال
محمد بن ناصر الأسمري

لا أبعد النجعة قولاً أن كثيرين من جيل البناة في وطننا السعودي قد طالتهم مظالم كثيرة، لعل من أقساها وقعاً على الأنفس ليس للأشخاص بل لأجيال الوطن، فهؤلاء الرجال والنساء الذين شاركوا في وضع وحمل بدايات التأسيس لكل متطلبات المؤسسات الدستورية في معارك الوحدة والاتحاد الوطني مع الملك المؤسس رمز الوطن عبد العزيز بن سعود رحمه الله.
عمل أولئك النخب في زمن شح الموارد المالية والبشرية، لكنهم كانوا السواعد التي استثمر فيها الملك المؤسس فربحت أسهمه، وتوسعت مساهماتهم فكان الربح لكل الوطن. إن عجز الإعلام بهؤلاء البناة الرواد ليس منوطاً يغفل أجهزة الإعلام الرسمية، ولكن بتخاذل النخب الفكرية في شتى النواحي التعليمية والإدارية عن منهجه وتأطير ما يذكر بأجيال البناة والمؤسسين في شتى مناحي تطورات مراحل النمو والإنماء والانتماء.
بل لعل الجحود قد اتسع مجاله في نكران الاقتداء، فلم أعرف فيما أعلم إلا قلة ان مؤسسة حكومية أو بلدية قد أطلقت اسم أي من الرواد المؤسسين على شارع أو قاعة أو ميدان على طول الوطن وعرضه، وهنا ضاعت على الأجيال المتعاقبة المعرفة بالأعمال والتجارب الخالدة التي لا شك أن فيها ثراء معرفيا وتاريخيا وقدوة ومثالا. ولعل عبد الله بن عثمان القاسم القصبي المثال في إعلامي هنا هو أحد الرموز الوطنية التي كان لها إسهام في النهوض بالأمة العربية إبان شبابه وعمله في مجال التربية والتعليم في العراق، وتمثيله العراق في مناسبات رسمية وعلى مستويات عالية، من خلال أعماله الفكرية وتطاول قامته في الندية والحوار مع قمم الفكر العربي كأمثال طه حسين والراوي وغيرهما. ثم من خلال عودته إلى الوطن والعمل فيه .
كان عبد الله القصبي قامة كبيرة في مرحلة تأسيس أهم الوزارات في السعودية وهي وزارة المواصلات - النقل حالياً - أهمية الوزارة أنه كان لها من اسمها نصيب، فقد كانت الركيزة الأهم في ربط أطراف الوطن، من أجل استكمال مراحل التواصل والاتصال بين جهات الوطن، وكان القصبي من أوائل من عمل في الوزارة في مستوى إداري عال، واستطاع مع الأمير طلال بن عبد العزيز، أول وزير للمواصلات أن ينشئ بدايات الوزارة وأعمالها المنتظرة لكن الوزير استقال فبقى القصبي في العمل مع الوزير الخلف الأمير سلطان بن عبد العزيز، وهنا كانت النقلة الكبرى في التفكير الاستراتيجي التخطيطي الهندسي والمالي الشمولي لوصل أطراف الوطن بطرق مزفتة، لعلها كانت بداية التأسيس الحقيقي لانطلاقة الربط بين مناطق الوطن.
ترك عبد الله القصبي العمل الحكومي لينطلق عائداً إلى أول عشيقة له الصحافة، فقد كان أول سعودي يسجل لدرجة الدكتوراة في الصحافة في مصر، لكن وقف دون ذلك رغبة الملك فيصل في أن يلي أعمالاً ذات أهمية، مع استكمال التحصيل. عمل عبد الله القصبي مديراً عاماً لمؤسسة المدينة المنورة للصحافة التي تصدر صحيفة المدينة، واستطاع أن ينهض بها إدارياً وتسويقياً وتقانة وإسهاماً في التحرير كاتباً وصاحب رأي.
حصلت نقلة في الحياة المهنية للرجل فاستثمر المعرفة المهنية المكتسبة في العمل في نطاق أعمال النقل والمقاولات فأنشأ شركة أسماها كرا باسم الجبل الأشم الذي يطل من الطائف على المشاعر المقدسة، وقام بأعمال مقاولات في مناطق المشاعر المقدسة لعل أهمها أول توسعة وبناء لجسر الجمرات. مارس التفكير في التعديل لطرق التصميم والتنفيذ، ليس وفق المعرفة الأكاديمية التخصصية، ولكن وفق الخبرة والتجربة فنجح كثيراً ونال الثناء على إجازاته من الجهات التي عمل لصالحها.
لقد أنسأ الله للرجل في العمر، لكنه ما زال ترفاً في الفكر والتفكير والإنجازات، لقد بهرني الرجل بما سمعته منه من أحاديث توثيقية لمناح كثيرة واسعة عن الطرق والنقل، وعن علاقات وظيفية وفكرية وشخصية نشأت بينه وبين شخصيتين قياديتين في الوطن هما الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد، والأمير طلال بن عبد العزيز اللذين شغلا منصب وزير المواصلات في بداية تأسيس أجهزة الحكومة بعد اكتمال مراحل لتأسيس التوحيدي الاتحادي للوطن.. لقد شغفت بفكر وتفكير الرجل كثيراً، وسافرت له في مقره الصيفي في الهدا، وفي ضواحي مكة المكرمة، وجدة والرياض، وسجلت معه توثيقاً جميلاً عن المواصلات والنقل، في عمل توثيقي سيرى النور قريباً بحول الله. وهنا نماذج من وحي ما قمت بتوثيقه قال القصبي:
سافر جدي من بلدة القصب ومعه مجموعة من النجديين إلى العراق، ومعه والدي وهو طفل صغير، واستقر في الزبير، وكان جل سكانها سعوديين، عمل الجد والوالد في التجارة، وتخصص الوالد في تجارة الحبوب، وتمكن والدي من تكوين صداقات وعلاقات مع شخصيات عراقية كبيرة في مجال التجارة والسياسة والفكر. ولدت ودرست في مدارس العراق، وعملت في حقل التعليم في العراق. تخرجت من جامعة فؤاد الأول بدرجة الماجستير في الصحافة، ثم سجلت للدكتوراة وسجلت رسالتي مع الدكتور عبد اللطيف حمزة، وكان عنوانها الدعاية السياسية لجامعة الدول العربية، وكان ذلك عام 1952م قدمت للمملكة عام 1372هـ وصلت للطائف للسلام على الوالد، وصحبته للسلام على الملك عبد العزيز، قابلت بعد السلام على الملك عبد العزيز الأمير فيصل بن عبد العزيز نائب الملك في الحجاز، وفي تلك الأيام تعكرت العلاقات بين السعودية ومصر، وعند مقابلتي للأمير فيصل بن عبد العزيز، ولم يقبل فيصل بسفري، وفي اليوم الثاني قابلت الأمير طلال بن عبد العزيز فأبلغني أنه قد اتفق مع والده الملك عبد العزيز، وأنه أمره بجلبي للعمل معه في وزارة المواصلات حيث إنه كان للتو قد عين في منصب وزير المواصلات.
وهنالك موقفان في ذاكرة القصبي: في أواخر الأربعينيات الميلادية كان مدرساً في ثانوية البصرة، وزارها الأديب المصري الكبير عبد القادر المازني، وحصلت له مشاغل عن معرفة عن البصرة ومركزها الأدبي، فألقى كلمة زبدتها: إذا كان ذنب أهل البصرة أنهم يبالغون في إكرام الضيف فهو ذنب لا يعتذرون عنه بل هم يفخرون؟؟ فقام المازني ورد علي قائلاً: إنه إذا كان حصيلة كلامي قد دفع السيد القصبي إلى إيضاح أن أسواق الكتب القديمة عامرة بما يمكن ان يبني مركزها الفكري، فإن ما بدا مني أمر مستدرك، وإنني أعد بزيارة الأسواق التي ذكرها السيد القصبي وأغير خطئي الذي حصل، فإن هذا الإيضاح من السيد القصبي عمل إيجابي.. وفي عام 1950م عقد في الاسكندرية مؤتمر عن مستقبل سياسة الدول العربية في التعليم، برئاسة الدكتور طه حسين.. كنت حينها موظفاً في السفارة العراقية في مصر، تأخر وصول الوفد العراقي، فاستدعاني السفير العراقي السيد نجيب الراوي وذهبنا إلى المؤتمر في الاسكندرية، وطلب إلي السفير إلقاء كلمة العراق أمام المؤتمر عن مستقبل السياسة التعليمية في العراق. في تلك الأيام كنت متحمساً للقومية العربية وما زلت، وألقيت كلمة أكدت فيها أن العراق يهتم بتأكيد القومية العربية قبل اهتمامه بالثقافات الإقليمية، وفي اليوم التالي وصل الوفد العراقي الرسمي برئاسة وزير التربية وأكد أن اهتمام العراق بالثقافات الإقليمية الخاصة، فما كان من الدكتور طه حسين إلا أن أوقف الوزير العراقي، وقال الآن نريد من الاستاذ القصبي أن يوضح ما حصل من تناقض بين كلمته أمس عن العراق، وكلمة رئيس الوفد اليوم فقلت: إن العراق يؤكد اهتمامه بالقومية العربية في سياسته التعليمية واستشهدت بأن الأستاذ إدريس البغدادي القومي العربي الكبير الذي كان يشغل عميد كلية دار المعلمين العالية في بغداد والأستاذ الكبير ساطع الحصري قد اختار العراق للإقامة والسكن، فصفق طه حسين وصفق الحاضرون، كذلك وأيد السفير العراقي الراوي ما ذهبت إليه. أراد عبد الله القصبي أن يدرس المحاماة، لكن والده لم يقبل، وقال له إذا أردت أن تدرس كما تريد أعطيك ديناراً في الشهر، وإذا أردت أن تدرس ما أريد أنا فلك 3 دنانير، وقبلت في الحقوق وبعد ثلاثة أيام لاحظت أن اسمي مشطوب بالقلم الأحمر، وأبلغني عميد الكلية الأستاذ أنور القاضي أن رئيس غرفة تجارة بغداد السيد كامل الخضيري وهو شخصية لها وزن سياسي في العراق قد أخبره بضرورة شطب اسمي؟ وعند حضوري للسيد كامل طردني بعنف قائلاً: أنتم الشباب تعصون آباءكم، وأنا لا أستقبل العصاة لآبائهم، وذهبت إلى الوالد في البصرة أستفسر؟ فقال لي الوالد: يا بني أجبني على ما سوف أسألك عنه بوضوح تام؟ لو تخرجت محامياً وجاءك رجل قاتل يطلب منك الدفاع عنه وأعطاك 100 دينار، هل تقبل الدفاع عنه أم ترفض؟ فقلت أقبل الدفاع عنه عسى أن يخفف عنه الحكم. قال أبي: ولو كان قاتلاً مخطئاً؟ قلت ولو كان ذلك قال يا بني أتريد أن أدرسك لكي تدافع عن القتلة؟ اختر أحد أمرين: أما هذا البيت أو كلية الحقوق؟؟ فتركت كلية الحقوق طاعة لوالدي، وفي نفسي ما فيها من حب لكلية الحقوق!! وتخرجت من كلية دار المعلمين، وعملت مدرساً في البصرة.
الوزير سلطان بن عبد العزيز
في سيارة القصبي القرنبع:
يذكر السيد القصبي أن الأمير طلب سيارته للذهاب إلى وزارة المالية ولم يجدها، فقال أين سيارتك فقلت هنالك وهي مستعارة وقرنبع لا تليق بمقام سموكم؟ فقال احضرها، وركب معي في سيارتي القرنبع وأوصلته إلى مقصده وأنا أشعر بحرج بالغ، بينما كان هو في غاية السعادة كانت رؤية وتوجه الأمير سلطان عقب مباشرته العمل أن تكون الطرق الرابطة بين أطراف المملكة هي المنطلق والأساس قبل أي منظور آخر، ثم أن يتم الحرص على أن تمر الطرق بأغلب قدر ممكن من البلدات حتى لو طال المسار، ولهذا فإن أغلب الطرق الرابطة بين مناطق المملكة قد تمت دراستها في عهد الأمير سلطان إذ قام بالدراسات مهندسون من مصر ولبنان أمر بإحضارهم من جميع البلدان وكان هذا النهج هو ما سارت عليه أغلب الطرق التي تمت كمرحلة أساس ولقد كان الأمير سلطان محباً وعاشقاً لبناء الطرق، وهو بحق المؤسس للطرق في المملكة.
كان أول مشروعات الطرق: طريق الرياض - جدة وقد نفذه ابن لادن. ثم تبعه طريق المدينة - تبوك، وقد جاء لهذه الأسبقية إلحاح الأمير خالد السديري وحظوته لدى الأسرة المالكة، كان له أثر في إعطاء الأولوية للطريق لكني أعتقد انه منظور ذو بعد استراتيجي، وله أهمية بالغة في الربط وخدمة الحجاج بعد ترك القصبي لوزارة المواصلات عمل رئيساً لبلدية جدة ويقول: استفدت من خبرتي في أعمال وزارة المواصلات في أعمال البلدية، وعملت على إقامة طرق الربط فكان طريق جدة مكة هو أول اهتماماتي، وهو لم يكن مزفتا بالكامل، ويستذكر القصبي أهم الشخصيات التي تعامل معها المعلم محمد بن لادن- رحمه الله- فقد كان عصامياً قد مرت به صعوبات كبيرة استطاع التغلب عليها، وقد اختبره الملك عبد العزيز في بناء أحد قصوره خلال الشهور التي طلب إنجازه، وقد قام المعلم بعمل معظم ما يحتاجه القصر في بيروت ثم شحنه إلى المملكة، وأظن ان اسم القصر كان مشرف، بعد كل هذا الثراء ترى ألا يستحق عبد الله القصبي تكريم الوطن له، ولعل وزير النقل معني بهذا في إطلاق اسمه على قاعة أو معلم، وفي بلدية جدة آمل أن يكون اسمه على أحد الشوارع الرئيسة، وفي الثقافة والإعلام آمل في توثق خبرات ومذكرات أجيال التأسيس للإدارة والأعمال.

yosr46@hotmail.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved