|
| |
أضواء عودة الوعي لفكر المصالحة العراقية جاسر عبدالعزيز الجاسر
|
|
أخيرا عُقِدَ مؤتمر المصالحة الوطنية الذي تأخر انعقاده كثيراً، فالفكرة كانت قد انبثقت خلال مؤتمر الوفاق العراقي الذي عُقِدَ تحت مظلة جامعة الدول العربية في القاهرة، وأوصى ذلك المؤتمر الذي شاركت فيه أغلب الشخصيات العراقية المؤثرة، أن يُعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية لتعزيز المسيرة السياسية بعد مؤتمر القاهرة بستة أشهر كأقصى حد إلا أن الوقت طال نتيجة أحداث ومستجدات بعضها من صنع القوى السياسية، فأفشل عقد مؤتمر المصالحة الوطنية في أربيل بعد مبادرة حكومة كردستان إلغاء العلم الوطني العراقي، وأحبط مؤتمر بغداد نتيجة جور المليشيات الطائفية، والآن وبعد تفاقم الوضع الأمني وتمادي المليشيات الطائفية، وعجز الحكومة العراقية عن مواجهة هذه المليشيات التي يتبع أخطرها وأقواها لكتل رئيسية مشكلة للحكومة العراقية، أنذرت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الحكومة ورئيسها نوري المالكي بأنها ستسحب الدعم السياسي والمادي والعسكري عن هذه الحكومة إذا لم تعالج طغيان المليشيات الطائفية التي عاثت فساداً في العراق وخاصة في بغداد، وقد جاء التحرك الأمريكي بعد ضغط دول الجوار التي تابعت عمليات الإبادة التي يتعرض لها أهل السنة على يد هذه المليشيات التي بلغ عدد أفرادها حسب تأكيدات عبدالعزيز الحكيم 140 ألف عنصر يشكلون 33 مليشيا شيعية وكردية وسنية، بعضها ليس لها علاقة بالمذاهب ولا الأحزاب السياسية بل عبارة عن عصابات إجرامية تكونت على شكل مليشيات امتهنت الخطف والابتزاز والقتل. هذا الوضع الشاذ الذي حوَّل العراق إلى مستودع للإجرام، انعكس على سمعة أمريكا في العراق والمنطقة حيث اعتبرت أمريكا مسوؤلة عما وصلت إليه الأوضاع في العراق بانحيازها إلى الطائفة الشيعية وتهميش بل ومحاربة الطائفة السنية.. مما حوَّل أمريكا من (قوة تحرير) - كما بررت غزوها للعراق - إلى قوة احتلال. ولوقف تآكل السمعة الأمريكية وتهدئة غضب دول الجوار اجتمع الرئيس جورج بوش مع رئيس الحكومة نوري المالكي في العاصمة الأردنية، ثم استدعى رؤساء الكتل السياسية الطائفية في العراق إلى واشنطن، حيث توجه عبدالعزيز الحكيم رئيس التحالف الشيعي أولاً، وبعده طارق الهاشمي نائب رئيس الحزب الإسلامي السني المشارك في الحكم، وممثل عن التحالف الكردي، وكان أن اتفقت الأطراف الثلاثة على الاستجابة لدعوة رئيس الحكومة نوري المالكي بعقد مؤتمر المصالحة الوطنية الذي سيكرس مسيرة المصالحة التي ستكون محاورها الرئيسية عودة البعثيين غير المتورطين بأعمال (إجرامية) وحل المليشيات، مع توجه لتهميش وحتى إبعاد التيار الصدري الذي يرفض حل ما يسمى ب(جيش المهدي) مع إعادة ضباط الجيش العراقي من الرتب الصغيرة، دون إغفال طرح إعادة المؤسسات العسكرية والأمنية السابقة التي حلها الأمريكيون كبداية لوعي حقيقي لفكر المصالحة في العراق.
jaser@al-jazirah.com.sa |
|
|
| |
|