|
| |
فلسطين... الخطر القادم من الداخل مطلق سعود المطيري
|
|
إن غياب المراد الحضاري عن فكرة قيام الدولة الفلسطينية انعكس على المستقبل السياسي للشعب المحتل، ومن بين مؤشرات هذا الغياب رفض حماس للمبادرات السلمية كأساس لقيام الدولة المسنودة وهذا الرفض أزاح عنها صفة المقاومة وصنفها كورقة ضغط بأيدي أصحاب الطموحات الإقليمية وصانعي إستراتيجيات التوازن في المنطقة، وعلى الرغم من أنها لن تغيب عن لعبة الأوراق على امتداد تاريخها، إلا أن هذه المرحلة يمكن تسميتها باللعب على المكشوف، وأصبحنا نسمع عن خط المواجهة الأول، والعمق الإستراتيجي للأمة الإسلامية، وهذا خروج واضح عن قضيتها الوطنية التي كان يقوم عليها فعلها النضالي المقاوم للاحتلال، وهذا التراث الحمساوي لم يعد قادراً على صيانة الهوية الوطنية من التمزق، حيث قدمت حماس بتشددها القاطع للإجماع العربي المتمثّل في المبادرة العربية للسلام واقعاً سياسياً مغايراً لحركة تاريخ النضال الفلسطيني الذي يقوم على حسابات المرحلة بواقعها القومي، والتي أجاد إدارتها الزعيم الراحل ياسر عرفات وليس طموحات فتح السياسية التي شاركت حماس في تشويه الفعل النضالي للشعب الفلسطيني، وبالطبع بمشاركة إسرائيل التي عرفت عقدة فتح واستغلتها جيداً وهي حق فتح الأبدي بامتلاك السلطة وأن استئثار غيرها بالسلطة يعد غير مشروع حتى لو كان عن طريق صناديق الاقتراع، وتعاملت مع نتائج العملية الديموقراطية كانقلاب على شرعيتها، وليتها عرفت كيف تصون تاريخ ياسر عرفات النضالي على المستوى العسكري والتفاوضي، وأسست مبادئ بالاستفتاء الشعبي، تمثّل عقيدة وجود للشعب الفلسطيني في الحرب والسلام تأسس لقيام دولة فلسطين وليس القضاء على حلم قيامها، بدلاً من أن تصبح فكرة قيام الدولة الفلسطينية مرهونة بمكاسب الآخرين وحساباتهم والتصدي للأخطار التي تعترض طموحاتهم الإقليمية. شريطة أن تبنى هذه العقيدة على مفاهيم وجود الأرض والشعب لا التضحية بالأرض والشعب من أجل الطموحات الشخصية والإقليمية. ولنتذكر معاً المبادئ التي قامت عليها حركات التحرر في العالم سواء أكانت عسكرية أم سياسية وبروح وطنية، وهذا ما عجزت حماس عن إدراكه، حيث اعتبرت السلوك الغاضب من السلطة الفلسطينية الذي انعكس في صناديق الاقتراع دعماً لبرنامجها السياسي، والذي غابت عنه السياسة في صورتها الوطنية وأرادت استنساخ صورة حزب الله بمتحالفاتها السياسية المحركة للرفض المطلق لاشتراطات الواقع، رفض يدعم تحالفاتها الإقليمية بدون أن تعطي اعتبارات للوحدة الوطنية والوعي الديموقراطي حتى أصبح هناك شعب فتح وحماس بدلاً من شعب فلسطين الذي يقترن لفظه دائماً بالحرب الأهلية. وأصبحت العناوين المحايدة مثل الوحدة الوطنية والائتلاف الوطني تعبيراً عن الانقسام المشين للهوية المركبة من قناعات متنافرة تعكس بصورة جلية السياق العام الذي تسير به الوحدة الوطنية بمفهومها الفتحاوي والحمساوي. لقد أنهكت مقولات الدولة النظرية، والحرب المقدسة الشعب الفلسطيني، الذي أصبح يريد أن يكون واقعاً سواء كان محتلاً أو مستقلاً، لا يريد أن يقتل العدو ولكن يريد الانتصار عليه. وهذا لا يعني أننا أسقطنا العامل الخارجي من المأساة الواقعة على الشعب الفلسطيني ولكن الخارج في حسابات المرحلة ليس كله مأساة مثل الداخل في هذا التوقيت، وإذا كان هناك بالخارج قرارات دولية معطلة وقوة متفردة ظالمة، هناك أيضاً تقرير بيكر هملتون وذاكرة كارتر صاحب كتاب (فلسطين.. سلام لا فصل عنصري) واستشهاد المناضلة راشيل كوري، فأول ما يجب الالتفات إليه في هذه الحقبة هو برجماتية أموال الحصار وجعل الحق الفلسطيني ورقة ضغط بأيدي أصحاب الطموحات الإقليمية. إن الاحتكام للشارع الفلسطيني الذي تستند إليه حماس وتطالب به فتح، يجب أن يشرع بكتابة عقيدة وجوده، فهذه هي البداية الفعلية لمساره الوطني لاختيار من يمثّله.
|
|
|
| |
|