Al Jazirah NewsPaper Sunday  31/12/2006G Issue 12512وَرّاق الجزيرةالأحد 11 ذو الحجة 1427 هـ  31 ديسمبر2006 م   العدد  12512
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

دوليات

متابعة

منوعـات

الرأي

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

مدارات شعبية

وَرّاق الجزيرة

زمان الجزيرة

الأخيــرة

التهنئة بالعيد
حنان بنت عبد العزيز آل سيف

العيد بهجة النفس، وفرحة الروح، وانتشاء القلب، وهو زمن الانتقال من طور الخشوع والقنوت والصلوات إلى طور قصير يتجلى فيه الإنسان مستبشراً فرحاً جذلاً.

هو يوم السلام، وهو يوم الوفاء، وهو يوم الإخاء.

هو يوم البشر، وهو يوم السعادة.

وهو يوم الدعاء؛ حيث ترتفع الأكف مهلِّلة بالدعاء إلى رب السماء.

وما أحوجنا إلى أن نجعل جُلّ أيامنا أعياداً سعيدة، ما أحوجنا إلى أن نفهم معنى العيد فهماً سديداً، فنجدِّد نفوسنا ومشاعرنا وأحاسيسنا قبل أن نجدِّد ثيابنا ومتاعنا وآلاتنا.

يوم العيد هو يوم الملذات والمشهيات.

هو يوم التهاني الذي تعم فيه ألفاظ السرور والحبور والمرح فتبتهج النفوس، وتسعد القلوب.

وصفه الأديب الذائع مصطفى صادق الرافعي في كتابه الرائد (وحي القلم) فقال: (ليس العيد إلا إشعار هذه الأمة بأن فيها قوة تغيير الأيام، لا إشعارها بأن الأيام تتغير، وليس العيد للأمة إلا يوماً تعرض فيه جمال نظامها الاجتماعي، فيكون يوم الشعور الواحد في نفوس الجميع، والكلمة الواحدة في ألسنة الجميع، يوم الشعور بالقدرة على تغيير الأيام، لا القدرة على تغيير الثياب، كأنما العيد هو استراحة الأسلحة يوماً في شعبها الحزي.

وليس العيد إلا تعليم الأمة كيف تتسع روح الجوار وتمتد حتى يرجع البلد العظيم وكأنه لأهله دار واحدة يتحقق فيها الإخاء بمعناه العملي، وتظهر فضيلة الإخلاص مُستعلنةً للجميع، ويُهدي الناس بعضهم إلى بعض هدايا القلوب المخلصة المحبة، وكأنما العيد هو إطلاق روح الأسرة الواحدة في الأمة كلها.

وليس العيد إلا إبراز الكتلة الاجتماعية للأمة متميزةً بطابعها الشعبي، مفصولةً من الأجانب، لابسةً من عمل أيديها، معلنةً بعيدها استقلالين في وجودها وصناعتها، ظاهرةً بقوتين في إيمانها وطبيعتها، مبتهجةً بفرحين في دُورها وأسواقها، فكأن العيد يوم يفرح الشعب كله بخصائصه.

وليس العيد إلا التقاء الكبار والصغار في معنى الفرح بالحياة الناجحة المتقدمة في طريقها، وترك الصغار يلقون درسهم الطبيعي في حماسة الفرح والبهجة، ويعلمون كبارهم كيف توضع المعاني في بعض الألفاظ التي فرغت عندهم من معانيها، ويبصرونهم كيف ينبغي أن تعمل الصفات الإنسانية في الجموع عمل الحليف لحليفه، لا عمل المنابذ لمنابذه، فالعيد يوم تسلط العنصر الحي على نفسية الشعب.

وليس العيد إلا تعليم الأمة كيف توجِّه بقوتها حركة الزمن إلى معنى واحد كلما شاءت، فقد وضع لها الدين هذه القاعدة لتخرج عليها الأمثلة، فتجعل للوطن عيداً مالياً اقتصادياً تبتسم فيه الدراهم بعضها إلى بعض، وتخترع للصناعة عيدها، وتُوجد للعلم عيده، وتبتدع للفن مجالي زينته، وبالجملة تنشئ لنفسها أياماً تعمل عمل القواد العسكريين في قيادة الشعب، يقوده كل يوم منها إلى معنى من معاني النصر.

هذه المعاني القوية هي التي من أجلها فُرض العيد ميراثاً دهرياً في الإسلام ليستخرج أهل كل زمن من معاني زمنهم فيضيفوا إلى المثال أمثلة مما يُبدعه نشاط الأمة، ويحققه خيالها، وتقتضيه مصالحها.

وما أحسب الجمعة قد فُرضت على المسلمين عيداً أسبوعياً يُشترط فيه الخطيب والمنبر والمسجد الجامع إلا تهيئة لذلك المعنى وإعداداً له، ففي كل سبعة أيام مسلمة يوم يجيء فيُشعر الناس معنى القائد الحربي للشعب كله).

هذا، وقد درج الأدباء والشعراء على تهنئة بعضهم البعض بقدوم الأعياد، وكانت التهاني باباً من أبواب الشعر والنثر أبدع فيه المبدعون من الشعراء، وتفنَّن فيه المتفنِّنون من الأدباء. يقول أبو هلال العسكري في كتابه (ديوان المعاني) ما نصُّه وفحواه: (لم تكن التهاني من الأقسام التي كانت العرب تصوغ فيها شعراً، وإنما كانت أقسام الشعر في الجاهلية خمسة: المديح والهجاء والوصف والتشبب والمراثي، حتى زاد النابعة فيها قسماً سادساً، وهو الاعتذار، فأحسن فيه.. ولستُ أختار من التهاني بالأعياد على أبيات أشجع شيئاً:

لا زالت تنشر أعياداً وتطويها
تمضي بها أيام وتثنيها
مستقبلاً غرة الدنيا وبهجتها
أيامها لك نظم في لياليها
العيد والعيد والأيام بينهما
موصولة لك لا تفنى وتفنيها
ولا نقصت به الدنيا ولا برحت
تطوي بك الدهر أياماً وتطويها
ليهنك النصر والأيام مقبلة
إليك بالفتح معقود نواصيها
أمست هرقلة تدمي من جوانبها
وناصر الملك والإسلام مدميها
إن الخليفة سيف لا يجرِّده
إلا الذي يملك الدنيا وما فيها
ما قارع الدين والدنيا عدوهما
بمثل هارون راعيه وراعيها

وأخبرني بعض أصحابنا قال: كتب أحمد بن أبي طاهر إلى إسماعيل بن بلبل: أنا وإن كنت في عدد الحشم والأتباع الذين يخرجون من تفضيل الخاصة، ويرتفعون عن الدخول في جملة العامة؛ فإني في وسط القلادة منهم، وبمكان من نظام نعمتك التي تجمعهم، وهذا يوم من أيام الملوك السادة الذين لم تزل تجري لهم السُّنة على عبيدهم وأصحابهم وقوَّادهم وكتَّابهم بالإهداء إليهم وقبول ما أهدوه منهم؛ ليعرف مكان التشريف في مرتبته من مكان المنحط عن منزلته، وموضع النعم من المنعم عليه في التقدم بقبول ما يهديه إليه، وكل يهدي على قدر بضاعته ورتبته ومقداره في نفسه وهمته، وعلى حسب موضعه من سيده ومالكه وما يحويه ملكه وتبلغه مقدرته، وكرهت أن أمسك عن البر فأخرج عن جملة العبيد والحشم وأهدي ما يقصر عن الواجب اللازم والحق المفترض، فجعلت هبتي مع الثقة بعذرك والاعتماد على تفضيلك وصفحك أبياتاً اقتصرت فيها على الدعاء لك والثناء عليك، أسأل الله تعالى أن يقرنه بالإجابة فيك كما قرن مدحي لك بالتصديق، فقلت:

أبا الصقر لا زالت من الله نعمةٌ
تجدِّدها الأيام عندك والدهرُ
ولا زالت الأعياد تمضي وتنقضي
وتبقى لنا أيامك الغُرر الزهرُ
رأيت الهدايا كلها دون قدره
وليس لشيء عند مقداره قدرُ
فلا فضل إلا وهو من فضل جوده
ولا برُّ إلاّ دونه ذلك البسرُ
فأهديت من حلا المديح جواهراً
متصلة يزهي بها النظم والنثرُ
مدائح تبقى بعدما نفد الدهر
وتبهى بها الأيام ما اتَّصل العمرُ
شكرتُ لإسماعيل حُسن بلائه
وأفضل ما تُجزى به النعمُ الشكرُ)

ويشير أبو هلال العسكري إلى إبداعهم في التهادي فيقول: (وأول من افتتح المكاتبة في التهاني بالنوروز والمهرجان أحمد بن يوسف، أهدى إلى المأمون سفط ذهب فيه قطعة عود هندي في طوله وعرضه، وكتب معها: هذا يوم جرت فيه العادة بألطاف العبيد السادة، وقد قلت:

على العبد حق فهو لا شك فاعله
وإن عظم المولى وجلَّت فضائله
ألم ترنا نُهدي إلى الله ما له
وإن كان عنه ذا غنًى فهو قابلُه
ولو كان يُهدى للقليل بقدره
لقصر عل البر عنك وناهلُه
ولكننا نهدي إلى من نُجلُّه
وإن لم يكن في وسعنا ما يُشاكلُه)

أعاد الله علينا العيد أعواماً عديدة، وبارك الله فيه أزمنة مديدة.

عنوان المراسلة: ص. ب (54753) الرياض (11524) - فاكس (4656444)




نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved