Al Jazirah NewsPaper Wednesday  10/01/2007 G Issue 12522
مقـالات
الاربعاء 21 ذو الحجة 1427   العدد  12522
ظلال العيد
د. سهام العيسى

وسط هذا البرد القارص وسخونة الأحداث السياسية يأتي حج هذا العام وعيده وكان وقوف يوم عرفة في يوم الجمعة وأدى ذلك إلى فتح شهية الكثيرين لشد الرحال لمكة، وليصبح عدد حجاج هذا العام رقماً (فلكياً) ويتجاوز الأرقام القياسية وهو ثلاثة ملايين وستمائة ألف تقريباً، هذه الأعداد اجتمعت في وقت واحد ومكان واحد وحركة محدّدة بين المشاعر وتوقّع بحدوث اضطرابات ولكن رغم هذا فإن موسم هذا الحج وبشهادة الكثيرين هو من أنجح مواسم الحج.

إجازة الحج لها استثنائية خاصة في بلدنا الحبيب بسبب موسم الحج، وهذه الإجازة تختلف رؤيتها بين ثلاث فئات أو أكثر، فالفئة الأولى تحمل هم إنجاح هذا الموسم ومتابعة الحجيج، وهؤلاء لا يعرفون معنى الإجازة فهمهم الأكبر هو خدمة الحجيج وهي تعد أولى أولياتهم.

تكاتفت الجهود وتحت مظلة ورعاية والد الجميع خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وولي عهده الأمين ومتابعة وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا لإنجاح حج هذا العام نجاح الخطة الأمنية كان هو أولى خطوات النجاح وعدم وجود حوادث تذكر هو أحد مقومات النجاح الأخرى، الكثيرون كانوا جنوداً مجهولين لهم بصماتهم التي تضيء لوحة النجاح وترسمها بشرف ومصداقية وحب لهذا البلد وهم كثيرون كأن مكة والمشاعر تحولت إلى مدينة عالمية بها كل الإمكانيات والتسهيلات لراحة وسلامة وأمن الحجاج، ومن أطرف ما قرأت هو وجود قضاة يتنقلون بين المشاعر المقدسة وهذه المعلومة لم أعرفها إلا هذا العام وأن أغلب القضايا التي تعرض عليهم هي قضايا سرقة، ورحلت بي ذاكرتي إلى حجتي الأخيرة منذ عشر سنوات، حيث تعرض كيس الجمرات الذي كان يحتوي على مبلغ خمسة عشر ريالاً للسرقة من قِبل إحدى الأخوات العربيات باحترافية تركتني مذهولة لبعض الوقت وذلك عند مرورها بقربي ولم أكن أنا الوحيدة التي تعرضت للسرقة ذلك اليوم، بل العديد من الأخوات من أفراد الحملة.

الفئة الثانية وهم الحجاج وينقسمون إلى فئات مدلّلة ووسط وأخرى إما حملاتها متدنية الخدمات أو لضعف إمكانيات الحاج لذا فهو يبحث عن اليسير أو أن الحاج يبحث عن إرهاق نفسه بما لم ينزل به الله من سلطان ويظن أن هذا سيزيد الأجر والثواب...

سائق العائلة هذا العام قرَّر أن يحج وعاد مريضاً ويعرج لا يستطيع المشي وعند سؤاله أجاب بأنه قرَّر أن يحج ماشياً (بحثاً) عن الأجر، قلنا له ألم تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما حج كن يتنقل على راحلته، ولكنه يعتقد أنه يجب أن يتعذب كثيراً حتى ينال الأجر الكبير.

الحجاج بلا استثناء عند عودتهم من الحج ورغم الإنفلونزا التي يتنقلون بها إلا أنهم يعيشون بمشاعر تضيء نفوسهم وتمنحهم السعادة وتستمر إلى فترات زمنية تختلف من فرد إلى آخر بعد انخراطهم وعودتهم لحياتهم الطبيعية.

الحجاج وحملات الحجاج دراما خيوطها بيد قائد الحملة، كتب الكثيرون لذا لن أتطرق لهذا الموضوع ولكن المصيبة أن بعضاً ممن يملك ترخيص حج لا يقوم بتنظيم حملات حج فقد تحوّلت القضية إلى تجارة مقنّعة فبدلاً من يتحمل الهم وشكاوى الحجاج ترك المهنة وأصبح يؤجّر الخيام المخصصة له بأضعاف مضاعفة ويربح وهو جالس في بيته.

والفئة الثالثة وهم من تكون الإجازة مكسباً لهم، ومنهم من يلقي العيد عليهم بظلاله وهؤلاء منهم من سافر والبعض استقر في البلد أو ذهب للتخييم رغم برودة الجو، ومن المعروف أن مواسم الرحلات (الكشتات) عادة تكون في بداية شهر فبراير، حيث يبدأ الجو بالتحسّن وتبدأ طلائع الربيع، الكل يشكو البرد وأمراضه وهي اختيار يخضع للحرية الشخصية فهم يجدون المتعة بالتخييم.

هذه الهجرة الجماعية جعلت الرياض هادئة وتستطيع أن تتنقّل بين شوارعها بسرعة وانسيابية تجعلك تتمنى استمرارها.

وبما أننا لم نتعلّم حلاوة الاسترخاء والتأمل ولو ليوم واحد لنبطئ إيقاع حياتنا ونستمتع بها أكثر، فالكثيرون منا تعد إجازة العيد بالنسبة لهم إرهاقاً لدرجة أن الكثيرين يحتاجون إلى إجازة لاستعادة وتجديد نشاطهم.

ورغم هذه الأجواء الروحانية التي ظلّلت العالم الإسلامي فقد كان لتوقيت عملية إعدام الرئيس العراقي السابق صدام وتجاهل مشاعر المسلمين والانغماس بوعي أو بدونه في منزلق طائفي وبلا قراءة متروّية للتركيبة السكانية للبلد ولا للعلاقات الخارجية ولا لحرمة يوم العيد أن لوّنت ساعات يوم العيد بمشاعر الأسى والاستهجان التي غطّت على مشاعر الجميع بلا استثناء، ومقالي هذا هو يمثّل رؤية عامة شخصية بحتة، ولكن على كل حال الحديث يطول حول الحج وإجازته وتداعيات إعدام الرئيس العراقي حاولت اختصارها. وأخيراً استشهد بقول الكاتب العراقي حسن العلوي حينما علم بإعدام الرئيس وبذلك التوقيت وتلك الصورة الطائفية، حيث قال: في صباح السبت لم أشاهد إعدام صدام الديكتاتور، بل إعدام صدام السني..

Seham1426@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد