Al Jazirah NewsPaper Wednesday  10/01/2007 G Issue 12522
رأي الجزيرة
الاربعاء 21 ذو الحجة 1427   العدد  12522
المنطقة العربية.. بين الواقع والمأمول

يمر الكثير من الدول العربية في هذه الفترة بتطورات وأزمات سياسية، أصبحت تشكل الكثير من ملامح الواقع العربي المرير والمتأزم، فبالإضافة إلى تردي أوضاع التنمية السياسية والإنسانية والتدهور الاقتصادي والمعيشي لكثير من مواطني العالم العربي أضحت حالات الاحتقان السياسي الداخلي من أهم مهددات الكينونة الوطنية لعدة دول عربية, يشكل الاستقرار الاجتماعي والسياسي بها ضرورة ملحة لجميع وحدات المنظومة العربية، فمن العراق تنطلق مخاوف التقسيم والتشرذم الوطني الذي أصبح من أهم النتائج المتوقعة لمقدمات ما يغوص به من موجات العنف والاقتتال الطائفي، وفي فلسطين بدأت قناعات التحزب والتقوقع السياسي بين أقطاب السياسة الفلسطينية تقفزعلى أولويات وبديهيات القضية الأم المتمثلة في الحقوق التاريخية المستلبة من قبل اسرائيل، وهاهو لبنان يرزح تحت وطأة تراكمية وإرهاصات حروب الاستتباع وامتدادات النفوذ الاقليمية التي يحاول البعض جرّه إليها على أسس مذهبية وطائفية، وفي دارفور وفي الصومال وغيرها من الدول العربية الكثير والكثير من بؤر التوتر والنيران النائمة تحت الرماد المنتظرة من يبعث فيها روح الشرر.

لقد تخطت المنطقة العربية كغيرها من دول العالم مفاهيم وفلسفات الثورات الوطنية والانقلابات العسكرية المشرعنة, ودخلت في بوتقة الأحادية القطبية وعولمة الرأسمالية المتوحشة, التي سقطت معها جميع الحدود السياسية والدولية للدول وأصبح العالم في إطارها فضاء مفتوح لجميع اللاعبين الإقليميين والدوليين, سواء كان ذلك تحت مسميات التدويل وحماية حقوق الانسان, أومن خلال التعامل بالبرغماتية السياسية التي تجعل من أعداء الأمس أصدقاء اليوم, وذلك مايحتم على صناع القرار السياسي في العالم العربي إعطاء الأولوية لتحصين الجبهات الداخلية من خلال إبرام عقود التصالح بين الشعوب والانظمة والقضاء على آفات الفساد السياسي والاداري ,التي تعج بها الحياة السياسية العربية وتقوية المجتمع المدني الذي وللأسف الشديد أصبح غيابه أوتغييبه من أهم مسببات اهتراء وتمزق الواقع الداخلي في العالم العربي, كما أن التربية الوطنية التي هي أساسيات التنشئة السياسية قد اغفلت لردح من الزمن في المجتمعات العربية مماساعد على وجود نشء أصبح ولاؤه للمذهب أو الطائفة أو الايدولوجيا خارج حدود وطنه أمراً طبيعياً ومتفهماً لدى الكثير من قناعات ومدخلات العقل العربي.

لقد أثبتت تجارب التاريخ أن الانسجام الداخلي المبني على نسق سياسي واجتماعي يجمع في بوتقته جميع أطياف المجتمع هو الضمانة الوحيدة وصمام الأمان الأوحد الذي يقف صامداً أمام أي قلاقل أو هزات سياسية أو أمنية تتعرض لها الكيانات السياسية، ولعل السقوط المريع للنظام العراقي كان خير دليل على خطورة وجود الفجوات السياسية وأزمات الثقة بين الشعوب والأنظمة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد