Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/01/2007 G Issue 12523
رأي الجزيرة
الخميس 22 ذو الحجة 1427   العدد  12523
إشاعة ثقافة الاحتراب

مع أولى إشارات انحراف الثورة الفلسطينية عن هدفها السامي والأساسي الساعي لتحرير فلسطين وتطهير أراضيها من المحتل، نبّه وحذّر عدد من المفكرين من سقوط الثورة الفلسطينية، فيما سقطت فيه عدد من الثورات التي تآكلت نتيجة التشرذم والانقسام والاتجاه إلى الفئوية التنظيمية.

هذا التنبيه والتحذير مع أنه جاء في وقت مبكر، إلا أن المرض أصاب الثوار، إذ بدأ انحراف الثورة الفلسطينية مع تفكك الوعاء الحاضن للثورة (حركة فتح) إلى عدة فصائل إثر تدخل الأنظمة العربية آنذاك، حيث فتحت دكاكين لها خرجت من رحم الثورة، فظهرت الجبهة الشعبية التي ولَّدت منها ثلاثة فروع، وظهرت الصاعقة فجبهة التحرير العربية، وبعدها واصل الانشقاقيون أفعالهم التخريبية، فأخذت الفصائل تفرخ فصائل وتنظيمات أخرى، إلى أن تقسم الشعب الفلسطيني إلى جماعات وفصائل تتبع التيارات الدينية والليبرالية واليسارية وحتى العلمانية، بحيث أصبح تقسيم الفصائل إلى فصائل دينية كحماس والجهاد، وفصيل سياسي نضالي كفتح، وفصائل يسارية كالجبهة الشعبية وأخواتها، وفصيل علماني يساري كحزب الشعب، لتعم الثقافة الفئوية حيث تقسم المجتمع خلف هذه الفصائل وتخندقت الجماهير في دائرة ضيقة من الالتزام بتوجيهات وأيديولوجيات تلك الفصائل، ومثلما شاعت الثقافة الفئوية التي لبست لباس العنصرية للتنظيم، أخذت ثقافة العنف تطغى على أفعال المنتمين إلى هذه الفصائل وتصرفاتهم، وهو ما حذر منه عدد من المفكرين الفلسطينيين عندما نبهوا من التأثر بثقافة الاحتلال الذي سعى إلى تصدير هذا الأسلوب من العمل كنتاج لحالة الحصار الاجتماعي والاحتقان الذي كثيراً ما يُخرج (الثوريين) عن طورهم عندما تتداخل الرؤى وتكثر جهات التحريض التي عادة ما تحاول توظيف نضال الثوار لمصالحهم الذاتية أو القطرية.

ولأن المرض ما لم يعالج في بداياته الأولى، فلا بد أن يستشري ويمتد إلى باقي الجسم لتظهر العلل ويتفاقم الوضع، وهكذا أصبح حال الثورة الفلسطينية التي تعيش الآن وضعاً مأساوياً من خلال تحول البندقية الفلسطينية من صدور الأعداء المحتلين، إلى صدور أبناء الثورة أنفسهم، فقد انحرفت (البوصلة) الفلسطينية مئة وثمانين درجة عن هدفها الأساسي - وهو تحرير الوطن وإعادة الفلسطيني إلى أرضه - إلى قتل الفلسطيني، وإشاعة ثقافة الاحتراب بين أبناء الشعب الواحد.

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد