Al Jazirah NewsPaper Friday  12/01/2007 G Issue 12524
رأي الجزيرة
الجمعة 23 ذو الحجة 1427   العدد  12524
الاستراتيجية الأمريكية بالعراق

أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش استراتيجيته المنتظرة حول العراق، مؤكداً عدم وجود صيغة سحرية للخروج من المأزق الأمريكي هناك، ومشدداً على أن الفشل في البلاد سيشكل كارثة للولايات المتحدة الأمريكية. وقد حظيت هذه الاستراتيجية بدعم فوري من بريطانيا الحليف الأول لواشنطن في احتلالها للعراق، إلا أن ذلك الدعم قُرن أيضاً بالتأكيد على عدم إرسال قوات بريطانية جديدة إلى ساحات المعارك، وهو ما بادرت إليه دول أخرى شاركت في الغزو الإنجلوأمريكي للعراق، ولعل ذلك ما حدا بالرئيس الأمريكي إلى القول إن القوات المسلحة الأمريكية تخوض معركة ستحدد وجهة الحرب الشاملة على الإرهاب، وتعزز الأمن الأمريكي على الأراضي الأمريكية في محاولة تخندق واستغلال واضحة لمشاعر الهلع والفوبيا التي يعانيها الشعب الأمريكي؛ من أجل إخفاء الفشل المرير الذي مُنيت به سياسة المحافظين الجدد في أول دولة عربية تستهدفها أداة التغيير الأمريكية لتدشين وتكوين ما يعرف بالشرق الأوسط الجديد المبني أساساً على نظرية الفوضى البناءة التي يتشدق بها من حين إلى آخر الساسة الأمريكيون.

يقول الرئيس الأمريكي في أحد مقاطع استراتيجيته ما نصه: (نتائج الفشل واضحة؛ سيعزز المتطرفون قوتهم، ويحصلون على متطوعين جدد. سيكونون في موقع أفضل لإسقاط الحكومات المعتدلة ونشر الفوضى في المنطقة واستخدام عائدات النفط لتمويل طموحاتهم. ستتشجع إيران على مواصلة عملها لامتلاك سلاح نووي. سيحصل أعداؤنا على ملاذ آمن يخططون ويشنون منه هجمات على الشعب الأمريكي. في 11 أيلول - سبتمبر 2001م رأينا ماذا يمكن أن يجلب ملجأ للمتطرفين في الجانب الآخر من العالم إلى شوارع مدننا. من أجل سلامة شعبنا يجب أن تنجح أمريكا في العراق).

إلا أن لسان العقل يقول إن كان لبوش ناصح أمين فإنه سيقول له: إن ظاهرة التطرف التي تطرق إليها الرئيس الأمريكي كانت وما زالت عبر الزمان في علاقة طردية مع وجود الاحتلال وفظاعاته التي كانت دائماً رافداً مهماً وضرورياً لظاهرة العنف والتطرف، وعندما نقول العنف والتطرف فإن التحليل السياسي السليم والعقلاني يأخذ على الخطاب الأمريكي وحليفه الرسمي العراقي إشكالية التعميم في هذا الصدد، وتجاهل وجود مقاومة عراقية وطنية اكتسبت شرعيتها في الأساس من وجود آلة الاحتلال الأمريكية، وكان حرياً بالرئيس الأمريكي - من خلال أفكار استراتيجيته حول العراق - أن يتطرق إلى الخطأ الجسيم والأثر السلبي للغزو الذي تمثل في تسليم البلاد إلى إيران وتحويلها إلى مجال حيوي واستراتيجي لطهران، مستنداً إلى الولاءات الطائفية والمذهبية؛ مما ساعد في تغييب أبناء الطائفية السنية واضطهادهم على أيدي ميليشيات القمع والاضطهاد المذهبي.

لن يجني الأمريكيون وحلفاؤهم في الحكومة العراقية من جهودهم المتواترة لعسكرة القضية العراقية إلا مزيداً من العنف المضاد، سواء أطلق عليه اسم مقاومة أو إرهاب أو سمّه ما شئت؛ فالبديل الوحيد الذي يمكن أن يخرج الشعب العراقي والإدارة الأمريكية من هذا المأزق يتمثل في فتح قنوات اتصال مع جميع أطياف الشعب العراقي لتحقيق مصالحة وطنية شاملة وخلق مناخ سياسي جامع يُصهر في بوتقة كل المذاهب والاثنيات العراقية بعيداً عن المحاصصة المذهبية وثقافة الإقصاء والتهميش المبني على أحقاد الماضي وتدخلات الحاضر الإقليمية وهوس الأمن الأمريكي لمواجهة آفة الإرهاب تلك الآفة التي تحولت إلى قميص عثمان المستغل لشن الحروب وشرعنة مشاريع الاستعمار الحديث.

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد