Al Jazirah NewsPaper Saturday  27/01/2007 G Issue 12539
مقـالات
السبت 08 محرم 1428   العدد  12539
هل انقطعت شعرة معاوية بين إيران والولايات المتحدة؟
ندى الفايز

ليس مبالغاً القول: إن غالبية العرب إن لم يكن جميعهم لم يعتبروا القنبلة الباكستانية (السنية) النووية ولا حتى الهندية (الهندوسية) تهديداً أمنياً لهم، وبالمقابل اعتبرت القنبلة النووية الإسرائيلية (اليهودية) تهديداً للعالمين العربي والإسلامي، في حين اعتبر بعض العرب وبخاصة في بعض دول الطوق الخليجي أن القنبلة النووية الإيرانية (الشيعية) تهديد صارخ لهم!!

المقدمة السابقة أنصح القارئ بإعادة قراءتها سطراً سطرا من جديد حتى يمكن متابعة بقية المقالة التي تطرح سؤالاً بالغ الأهمية وهو: لماذا اعتبرت القنبلة والمفاعل النووي الإيراني تهديداً صارخاً للعالم أجمع وليس للخليج العربي فقط؟أتصور ومن منظور شخصي أن الأمر يرجع برمته إلى فشل الدبلوماسية الإيرانية في إقامة علاقات طيبة مع دول الجوار أولاً ودول العالم ثانياً، إذ إن الخطاب الايراني السائد بالمنطقة بل بالعالم هو خطاب متشنج وثوري للغاية يجعل حتى رجل الشارع البسيط يمسك رأسه من هول النبرات والعبارات التي تطلقها إيران من حين لآخر، حيث يحمل الخطاب الإيراني على الدوام تهديدات مبطنة، والآن أصبح (لا) يبطن حتى التهديدات، الأمر الذي جعل المنطقة والعالم يعيشان مع إيران ما يعرف بالحرب الراقدة التي تقع في العادة ما بين الحرب الباردة والحرب الساخنة، وعليه وببساطة شديدة يمكن القول: إن إيران تفتقد إلى الدبلوماسية مع العالم ومع الخليج، وقبل ذلك مع نفسها، وحتى تعيش وتتعايش لابد من تهدئة وخفض نبرة الصوت ولو قليلاً الأمر الذي يتطلب إعادة هيكلة الخطاب السياسي الإيراني الداخلي والخارجي بالكامل وتكوين علاقات جيدة وطيبة مع دول المنطقة، وبخاصة دول الطوق، هذه وقد يسأل القارئ وماذا عن التهديد بقطع إمدادات النفط العالمية وإقفال مضيق هرمز؟

مضيق هرمز؟

لوحت إيران بمنع الامدادات النفطية الإيرانية وحتى الخليجية التي تمر عبر مضيق هرمز الذي يعد الطريق الاستراتيجي، وقد يكون الممر المائي شبه الوحيد للعديد من الدول الخليجية وبخاصة بما يتصل بالامدادات النفطية العالمية والتجارية من وإلى الخليج العربي، وبالطبع جاء التهديد على لسان مرشد ايران الأعلى السيد علي خامنئي الذي يعد حسب الدستور الإيراني الحاكم الفعلي والموجه الأعلى للسياسات الاستراتيجية الإيرانية، وليس محمود أحمدي نجاد رئيس الجمهورية الإيرانية، وبغض النظر عن كم رأس يحكم إيران السؤال الذي يطرحه الجميع في وقت واحد هل يمكن أن تقفل إيران مضيق هرمز؟

الإجابة المنطقية تكمن ب(لا) وذلك انطلاقاً من القراءات الدقيقة والموضوعية لواقع منطقتنا الخليجية والمياه الإقليمية، إذ إن غالبية الناقلات البحرية والسفن العابرة للقارات تمر من المياه الإقليمية العمانية (التابعة لسلطنة عمان) التي تطل وتشرف كذلك على مضيق هرمز كذلك، هذه وبالأصل لا تفضل غالبية السفن والناقلات والعبارات البحرية المرور من الجانب الذي تشرف وتطل عليه إيران لسبب بسيط ان المياه بذلك الجانب ضحلة وغير آمنة بالأصل، ويفضل الغالبية إن لم يكن الجميع استخدام الجانب العماني في عملية المرور بالمياه الإقليمية، كما لا يمكن أن تقوم إيران بقفل كلا الجانبين أو حتى المساس بالمياه الإقليمية العمانية بالخليج العربي، وبخاصة بمضيق هرمز لأن ذلك سوف يعد بمثابة إعلان حرب إيرانية على سلطنة عمان التي تتمتع بعلاقات فوق الممتازة مع مجموعة الدول الخليجية التي هي عضو فعال وأساسي فيها، ولها علاقات اخوية خاصة مع السعودية ترجمتها زيارة خادم الحرمين الشريفين لأخيه السلطان قابوس في سلطنة عمان قبل عدة شهور، هذه ومن جهة أخرى لا يمكن الاستهانة بالقوات البحرية الدولية الموجودة بالخليج العربي وبخاصة القوات البحرية الكاسحة للألغام التي تستطيع في ثوان نسف وتدمير أي محاولة لإقفال المضيق من قبل الجانب الإيراني هذه بجانب ان الامدادات النفطية الإيرانية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لا تتعدى 2% وعليه لن تمثل خطرا على الاقتصاد الدولي، ولو قطعت لأنها سوف تعوضان فورا من بقية الدول النفطية.

وماذا عن ضرب إيران؟

الولايات المتحدة الأمريكية دخلت حرب استنزاف في كل من العراق وأفغانستان خسرت فيها المال والجنود والعتاد وحتى الهيبة السياسية، بجانب أن شعبية بوش وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ انتخابه رئيساً للمرة الثانية، والكونجرس أصبحت الأغلبية الحاكمة فيه أغلبية ديمقراطية في غير صالح الرئيس الأمريكي، وقد تجعل من صدور قرار جديد بالحرب بمثابة انتحار سياسي للرئيس وإدارته التي حاولت الهروب إلى الأمام من العراق وإلى إيران، والرابح الوحيد من الحرب إذا ما شنت في أسوأ الظروف المستبعدة الرابح هنا هي شركات البترول التي تمتلك عائلة جورج بوش جزءا كبيرا فيها، إذًا اشعال المنطقة سوف يترتب عليه صعود أسعار النفط إلى مستويات تتعدى الـ200 دولار، وعليه وفي أسوأ السيناريوهات فإن شن حرب وإن كانت مستبعدة على إيران، سوف يكون الرابح الوحيد فيها شركات النفط والتسليح!!

وقطعاً لم يبق للتذكير سوى القول: إن إيران تعرف جيداً ان شعرة معاوية بينها وبين الولايات المتحدة قد قطعت بالكامل، ولذلك تحاول استخدام فن المغازلة السياسية مع دول الخليج العربي حتى تجنب نفسها حربا هي بالأصل غير مستعدة لدخولها ومعروف نتائجها العسكرية مسبقاً، لكن هل يمكن أن يصلح العطار ما أفسدته السياسة الإيرانية؟

بالطبع الأيام الحاسمة القادمة سوف تجيب عن هذا السؤال وغيره من الأسئلة الاستراتيجية بالمنطقة الخليجية والعربية، وكل ما على إيران عمله من وجهة نظري هو الحديث بنبرات أكثر دبلوماسية خاصة مع إخوانها بالخليج العربي وترك المهاترات جنباً لأن الأمة الإسلامية تمر بمرحلة تتطلب الوحدة فيما بين شعوب العالمين العربي والإسلامي بخاصة في ظل هذه الظروف البالغة الحساسية والخطورة.

nada@journalist.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد