Al Jazirah NewsPaper Wednesday  31/01/2007 G Issue 12543
الاقتصادية
الاربعاء 12 محرم 1428   العدد  12543
الرابحون والخاسرون في تصحيح سوق الأسهم
ألا يمكن استكمال التصحيح دون الإضرار بالمساهمين الحاليين؟
د. حسن الشقطي*

خابت كل توقعات المحللين الفنيين والماليين، وفشلت كُل التنبؤات للمساهمين، وتراجعت كافة السيناريوهات للاقتصاديين في انتهاء مسيرة الإصلاح التي ناهزت أكثر من340 يوماً الآن، فلا التصحيح انتهى ولا النزول توقف ولا الاستقرار بدأ.

ولكن هل ذلك بسبب ضعف كفاءة المحللين؟ أم نتيجة لاضطراب ما في الاقتصاد الوطني؟ الواقع يثبت أنه لا يوجد بالسوق السعودي أي من تلك.. فالمحللون في المملكة يعدون من الأكفاء في منطقة الشرق الأوسط، والاقتصاد الوطني من أكثر اقتصاديات المنطقة استقراراً وقوة.

ولكن ما لم يأخذ في الحسبان هو قوة التصحيح ومداه المستهدف، فالمؤشر لا يزال عاصيا إلا أن يعود إلى مستواه في سنوات سابقة، توقع الجميع أنه لا يمكن أن ينزل أكثر من مستواه في 2005، إلا أن صاعقة التصحيح نزلت به إلى مستواه في عام 2004، بل في بداية عام 2004م.

أي أن المؤشر فقد ما بين 13000 إلى 14000 نقطة من قيمته، والمستغرب أنه لا يزال مصراً على المزيد.

فإلى أين يسير؟ وأي قاع هو الذي يمكن أن يستقر عنده؟ والأهم، من هم الرابحون والخاسرون من جراء سقطاته السابقة والمحتملة؟ وإذا لم يعطِ المؤشر للمساهمين الحاليين، فهل سيعطي وسيثق به المساهمون المستقبليون؟

الفجوة المهاراتية!!

منذ 26 فبراير الماضي والمؤشر يسقط من مستوى ألفي لآخر، وربما خسر أكثر من ألف نقطة في يوم واحد، ومن مستوى لآخر أظهر المؤشر مشكلات عميقة في السوق وفي المساهمين.. ولا يدري أحد حتى الآن هل هذه المشكلات هي السبب في نزوله؟ أم أن نزوله في حد ذاته هو الذي تسبب في ظهور هذه المشكلات؟ فبداية ظهرت مشكلة الوعي لدى المساهمين، وأنهم لا يستثمرون، بل يضاربون.. بل إن مضارباتهم تفتقد الوعي الكامل بأسواق المال والأسهم.. وسرعان ما تم تدشين حملات توعية ومحاضرات وندوات ومؤتمرات خلال فترة قصيرة، لدرجة أنك تجد كل من بالسوق الآن يُطلق عليه لفظ محلل اقتصادي.

وبشكل متتالٍ ظهرت مشكلة الفجوة المهاراتية بين المستثمرين الصغار وبين كبار المضاربين، بما يمتلكونه من محافظ كبيرة ومحللين مدربين ومهرة.

ومع إثارة هذه المشكلة، بدأت تبرز بالسوق المجموعات أو القروبات لتكوين تجمعات يمكن أن تنافس كبار المضاربين.

إلا أن هذه المجموعات بمنافستها لكبار المضاربين، بدأت تظهر الحلقات الاحتكارية بالسوق، لدرجة أنك ترى أسهم عديدة يسيطر عليها مستثمر وحيد.

إلا أن النزول الكبير للمؤشر بدأ يكسر تلك السيطرة الاحتكارية نتيجة فقدان المضاربين لشهية السيطرة والانفراد، فالمؤشر يقول للجميع (سيطر ولكنك معي لأسفل).

ثم بدت الأسهم بقيم اسمية عالية عند 50 ريالاً، فبدأت رحلة التجزئة من 50 إلى 10 ريالات.

وانطوت هذه الرحلة على كثير من الاضطرابات نتيجة عدم فهم واستيعاب كثير من المستثمرين لماهية التجزئة، ولكنها تمت.

ثم تم السماح للمقيمين بالاستثمار المباشر في سوق الأسهم، وسيطر الانطباع على أنهم سيدفعون المؤشر والسوق لأعلى، ولكن خاب هذا الانطباع، وهم الآن من المتفرجين.

ثم ظهرت مشكلة الشفافية في المعلومات التي تفصح عنها الشركات، وأثير عنها ما أثير، وبدأ تصميم وإقرار ما يعرف بحوكمة الشركات.

ثم بدأت تثار قضية صناديق الاستثمار، ودورها في السوق، وقضية المتلاعبين بالسوق، وقضية تسرب المعلومات من الشركات، وتسربها أيضاً من بعض الجهات الرئيسية المسئولة، وغيرها وغيرها مما أثير خلال العشرة شهور الأخيرة.

إن القضايا والمشكلات التي أثارها مؤشر السوق حتى لا يمكن حصرها في نطاق هذا التقرير، إلا أنه يمكن بسهولة القول بأنها تسببت في كثير من المشكلات والصعوبات المالية والنفسية للمساهمين في السوق.

هل اكتفى المؤشر بذلك؟

للأسف لم يكتفِ المؤشر، بل حتى هذه اللحظة لا تزال العديد من القضايا العالقة والتي يعلن عنها في طريق الإصلاح من حين لآخر.

فقضية تقسيم السوق، ثم قضية تعليق وطرد الشركات الخاسرة، ثم قضية عدم قبول القيمة الاسمية عند 10 ريالات، وبدء التفكير في تصغيرها إلى ريال واحد.

ولكن هل سيستمر هذا الطريق، ألن يتوقف؟ بالطبع سيتوقف هذا الطريق في وقت ما، إلا أن هذا الوقت غير معلوم، حتى المحللون بدءوا يبتعدون عن تحديد الموعد أو القاع الذي يمكن أن يستقر عنده المؤشر لكثرة ما عانوا من فشل تنبؤاتهم في الماضي.

ولكن ما هي الاحتمالات لهذا القاع المثير الذي لا يعرفه أحد؟

سيناريوهات قاع السوق؟

رغم الغموض الكبير الذي ينطوي عليه تحديد قاع السوق سواء فنيا أو ماليا، إلا أنه لا يخرج عن نطاق أربعة سيناريوهات بدون التطرق لتحديد أو لتعزيز أي منهم، وذلك كما يتضح من الجدول.

رغم صعوبة التنبؤ بتحركات المؤشر حالياً، ورغم ضعف إمكانيات التكهن بمستوى القاع، إلا أنه يمكن بسهولة تقرير أن المؤشر خلال عام 2007م لن يخرج عن نطاق السيناريوهات الأربعة المذكورة بالجدول. كما أنه يمكن بسهولة تقرير أن حركة المؤشر خلال الشهرين المقبلين محصورة ما بين السيناريو الثاني والثالث. وجدير بالملاحظة أن السيناريوهين الأول والرابع يوجد احتمالات ضعيفة لتحققهما خلال الشهرين المقبلين. وعليه، فإنه يمكن توقع حصر حركة المؤشر ما بين 5555 إلى 8019 نقطة.

نزول المؤشر يفقده عشرات الآلاف

من المساهمين يومياً؟

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم ما هي قيمة إصلاح الشيء طالما لن يجد من ينتفع به؟ وهو سؤال شبيه بالتساؤل عن قيمة المال إذا كان سيفقد الإنسان حياته؟ بالطبع لا قيمة له.. فالإصلاح سوف يحسن الصورة الاستثمارية للسوق، وسوف يجذب المساهمين، وسوف يجعله مقبولاً محلياً ودولياً.

ولكن ما هي الضريبة؟ وكيف تحدث هذه الصورة الاستثمارية؟ إن هذه الحالة مشابهة لحالة الجراح الذي يفاضل بين الأم والجنين؟ أيهما أفضل وأهم له؟ علام يسعى للحفاظ؟ من يستطيع أن يعوض الآخر؟ إن استمرار الخسائر لدى المساهمين الحاليين (وهم أساس الاستثمار في سوق الأسهم بل إنهم يمثلون كامل الشريحة المؤهلة للاستثمار في السوق) قد يقضي على كامل القوة الاستثمارية لديهم. ففي ظل افتراض حدوث السيناريو الثالث أو الرابع التشاؤمي، فإن هؤلاء المستثمرين (الذين يفترض أن يراوح عددهم بين 3 و5 ملايين مستثمر) قد يختفون جزئياً أو كلياً من ساحة السوق.

* محلل اقتصادي ومالي Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد