Al Jazirah NewsPaper Wednesday  07/02/2007 G Issue 12550
الاقتصادية
الاربعاء 19 محرم 1428   العدد  12550
كيف نجعل من المؤتمرات وسيلة لتعزيز الثروة المعرفية؟
د. عقيل محمد العقيل

استوقفني ما صرح به الدكتور عبدالله الزامل الدريس الوكيل المساعد للمختبرات وبنوك الدم بوزارة الصحة لصحيفة الاقتصادية حيث بيّن أن الحكومة تحث العاملين في الشأن الصحي على التطوير المستمر لمعارفهم من أجل تقديم الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين وفق أحدث المعايير العالمية، موضحا أن مؤتمر خدمات الدم الذي تنظمه الهيئة العربية لخدمات نقل الدم يهدف لتحقيق التبادل المعرفي بين الكفاءات العالمية للخروج بأفضل التوصيات التي من شأنها أن تطور عمليات نقل الدم لتكون أكثر أمناً بما يعزز اغتنام فرصها العلاجية لإنقاذ حياة المرضى والمصابين وتجنب مخاطرها المحتملة والمتمثلة بخطر انتقال بعض الأمراض الوبائية المستعصية من خلال عمليات نقل الدم مثل مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) والتهاب الكبد الوبائي بنوعية (ب) و(ج) والفيروس المسبب لسرطان الدم والزهري والملاريا.

نعم استوقفني هذا التصريح رغم عدم تخصصي في المجال الطبي، ذلك بأني أعلم علم اليقين بأن الثروة المعرفية هي الثروة الحقيقية التي تنتج الخدمات والسلع الأفضل والأكثر قدرة على المنافسة وبالتالي الثروة المعرفية تشكل المصدر الحقيقي للثروة المالية التي تسعى كافة الدول لتحقيقها من أجل رفاه المواطن والنهوض بالوطن.

والثروة المعرفية أيضاً هي التي تمكننا من مواجهة التحديات بكافة أشكالها ومستوياتها بأفضل الوسائل والأساليب بما يوفر المال والوقت والجهد ويحقق أفضل النتائج الممكنة، وما ربط وزير الصحة الدكتور حمد المانع - في كلمته التي ألقاها عند افتتاحه للمؤتمر- التحديات التي تواجه وزارة الصحة وهي تسعى لتقديم خدمات صحية ومتكاملة للمواطن والمقيم بفعاليات المؤتمر التي تحقق التبادل المعرفي إلا دليلاً على أهمية المؤتمرات في رفع رصيدنا من الثروة المعرفية، حيث ترتفع قدرات المتخصصين والعاملين السعوديين في المجال الصحي للارتقاء بالخدمات الصحية في بلادنا بما يتناسب وحجم ونوعية الاحتياج.

ولكن كيف لنا أن نجعل من المؤتمرات وسيلة فعالة لتعزيز الثروة المعرفية؟ قبل أن أجيب على هذا السؤال أود أن أبيّن إعجابي الشديد بمستوى الحضور في مؤتمر خدمات نقل الدم حيث بيّن لي أحد القائمين على المؤتمر أن العدد ثلاثة أضعاف العدد المتوقع وهذا دليل كبير على حرص العاملين في القطاع الطبي عموماً والعاملين في مجال خدمات نقل الدم على اكتساب الثروة المعرفية التي يحملها المشاركون بالمؤتمر من خبرات محلية وإقليمية وأجنبية بين ثنايا عقولهم ليعرضوها في هذا المؤتمر العلمي المهم بالنسبة لنا جميعاً ذلك بأنه يتعلق بخدمة قد يحتاجها أياً منّا في أي لحظة لا قدر الله، كما يحتاجها إخوة لنا أصابتهم بعض الأمراض التي تستدعي عمليات نقل الدم المستمرة.

وهذا الحضور هو باعتقادي يشكل عنصراً رئيسياً في تحقيق المؤتمر لأهدافه في تعزيز الثروة المعرفية لدى أبناء الوطن، وبالتالي فعلى المنظمين لأي مؤتمر أن يأخذوا بعين الاعتبار أهمية إصدار التراخيص في الوقت المناسب وتنظيم الجلسات وحلقات النقاش بطريقة منظمة وفاعلة بحيث يشارك بها أسماء لامعة جاذبة ذات خبرات واسعة يسعى كل متخصص أو عامل في الحقل الذي يشمله المؤتمر للاستماع إلى ما يطرحه هذا الخبير أو الممارس، ولقد علمت أن الترتيبات لهذا المؤتمر استمرت لأكثر من سنتين مما جعله يحظى بنخبة من المشاركين وحضور كبير فاق كل التوقعات.

ولكن مهما كان الحضور كبيراً فإنه لن يفي بالغرض المنشود ذلك أن الصالة لن تتسع بحال من الأحوال لكل مهتم أو متخصص أو عامل ولذلك باعتقادي أن المهمة الشاقة ستكون بعد الانتهاء من المؤتمر حيث يجب تلخيص الكلمات وورش العمل ووضعها في صورة ميسرة ونشرها من خلال المطبوعات والمواقع الإلكترونية وتوجيه أبناء الوطن ذوي الصلة بتلك الموضوعات للإطلاع عليها بسهولة ويسر ليتحقق الثراء المعرفي المنشود والذي سينعكس إيجاباً على مستوى المجال الذي انعقد المؤتمر بخصوصه.

وكذلك تفعيل نتائج هذا المؤتمر وتوصياته والاستمرار بها حتى موعد المؤتمر القادم حتى تكون حلقة معرفية علمية عملية إنتاجية لا تنقطع وتنتهي بانتهاء المؤتمر. وهذا بالطبع يقع على عاتق وزارة الصحة بالدور الأول.

ختاما أرجو الله العلي القدير أن يحول هذا الكم الهائل - والذي يشكل ظاهرة صحية- من الندوات والمؤتمرات والملتقيات وورش العمل إلى ثروة معرفية تستقر في عقول أبناء البلد في كافة المجالات لتتشكل فكراً وسلوكاً إيجابياً يرتقي بمستوى الخدمات والسلع وينهض باقتصادنا الوطني بما يحقق العيش الكريم لأبناء الوطن ويعزز مكانة بلادنا بين الأمم بما يجعلها منارة للعلم والعلماء والإنتاج الإنساني.

alakil@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد