Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/02/2007 G Issue 12561
رأي الجزيرة
الأحد 30 محرم 1428   العدد  12561
واشنطن والمنطقة

تشكّل زيارتا وزيرة الخارجية الأمريكية إلى كل من بغداد والأراضي المحتلة محاولة اليائس للملمة أوراق اللعبة التي تبعثرت أوراقها من أيدي صانع القرار الأمريكي في هاتين القضيتين الساخنتين اللتين أصبحتا من أهم روافد العنف والتوتر في المنطقة؛ ففي العراق تحاول كوندليزا رايس تقديم الدعم للحكومة العراقية التي أطلقت خطة عسكرية تعهدت من خلالها بالتعامل بحزم ومساواة مع كل من عمل على إثارة العنف والطائفية في بغداد، وهي الخطة التي دعمتها واشنطن بإرسال 2050 جندياً، إلا أن هذه الخطة الأمنية التي أطلقتها حكومة المالكي وتفاءلت بها كثيراً يخشى ألاّ تتعدى كونها مجرد عسكرة جديدة للقضية العراقية التي تاهت في غياهب ثقافة السلاح وقناعات التمذهب السياسي، وخصوصاً أن الأفراد الذين كان يجب أن يقفوا أمام عدالة القانون لارتكابهم وميليشياتهم جرائم القتل والتعذيب والبطش قد وجدوا أو أوجد لهم الملاذ الآمن في الدول المجاورة للعراق.

أما في فلسطين فهاهي إسرائيل تتكئ على الدعم الأمريكي اللامحدود، وتجاهر باستغلاله خير استغلال لالتهام الحقوق الفلسطينية، ذلك الدعم الذي أصبح يشكل عبئاً كبيراً على السياسة الخارجية الأمريكية، وهو الأمر الذي صرح به الكثير من المنظّرين الأمريكيين وتحدثوا من خلاله عن الهوس الأمريكي في دعم إسرائيل ومحاباتها على حقوق العرب ومقدراتهم، الأمر الذي أصبح محرجاً للأمريكيين أنفسهم.

إن الولايات المتحدة الأمريكية قد أضحت مطالبةً بكونها القطب الأوحد الذي يدير العالم ويحكمه في هذه الأحادية القطبية المتفردة أن تنتهج قدراً من العدالة في تعاملها مع قضايا المنطقة التي أصبحت السياسة الأمريكية في أحيان كثيرة من أهم معطّلاتها ومُرْبِكاتها، فكما في فلسطين من انتهاج للمعايير المزدوجة والكيل بمكيالين لطرف على آخر يحدث في العراق الأمر ذاته من خلال دعم فريق على آخر والتكالب عليه كونه مارس حقاً مشروعاً وطبيعياً في حمل السلاح في وجه المحتل وآمن بضرورة مقارعته ومقاومته، فألصقت به تهمة الإرهاب في إنكار واضح وجليّ للمفاهيم وخلط جليّ لقناعات الشعوب.

لقد أضحت عدالة السياسة الخارجية الأمريكية في الميزان، وأصبحت تحت عين المجهر الدولي؛ مما يحتّم على مفكّري وصانعي القرار في الداخل الأمريكي إعادة النظر في كثير من الممارسات والأساليب الأمريكية التي بدأت تشكل رافداً مهماً من أجل دفع الأفراد إلى قوقعة العنف ودوامة التطرُّف.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد