Al Jazirah NewsPaper Wednesday  13/03/2007 G Issue 12584
رأي الجزيرة
الاربعاء 23 صفر 1428   العدد  12584
السلام بين الأوهام والواقع

يحتفظ الجانب الإسرائيلي بقدرٍ من التعالي في تعاطيه مع الشأن الفلسطيني، ولم يشذ رئيس وزراء إسرائيلي عن هذه الحالة، فهو فضل قبل لقائه الرئيس أبو مازن وضع العراقيل أمام الحكومة الفلسطينية المرتقبة، ومنها انه لا يعترف بها حتى وإن كانت تضم (معتدلين) وفقاً لتقييمه.. ولن تكون نتائج هكذا لقاءات مثمرة إذا كانت تسبقها مثل هذه المقدمات التعجيزية، كما ليس من الوارد في الترتيبات الإسرائيلية الاعتراف بالأسس المتفق عليها دولياً للسلام، ومن ثم فإن إسرائيل تلعب على عنصر الوقت لتكريس احتلالها لأجزاء واسعة من الضفة الغربية مع مواصلة سياسات العزل والإغلاق والحصار الذي تساعدها فيه أطراف دولية يفترض أنها فاعلة وناشطة في الوساطة بين الجانبين بدلاً من الانحياز الكلي لإسرائيل.

وتستغل إسرائيل مثل هذه اللقاءات للظهور بمظهر الساعي للسلام، فقبل اللقاء الأخير مع الرئيس الفلسطيني صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت بأنه يرى ثمة نقاط يمكن التعامل معها في مبادرة السلام العربية، لكنه في ذات الوقت يشدد على التمسك بالمساحات الواسعة التي يسيطر عليها في شكل مستوطنات وتلك التي يتمدد فيها السور العازل بالضفة الغربية، ومن ثم يصبح من الصعب تبين المنطقة التي ستُقام عليها الدولة الفلسطينية، وهي بند ثابت في كل المبادرات المطروحة.

وسيكون من المفيد أن تبادر مختلف الأطراف إلى التعامل مع إسرائيل لإقناعها بالنظر إلى السلام بجدية وبما يقتضيه من استعداد يتمثل في الانصياع للإرادة الدولية المتمثلة خصوصاً في المبادرة العربية وفي تحركات اللجنة الرباعية والاقتراحات الأمريكية حول إقامة دولتين.

كما سيكون من المهم أن تلتزم الأطراف الدولية بما تنادي به بدلاً من تفسير نصوص مبادراتها وفقاً للرؤية الإسرائيلية القاصرة، فعندما ينادي بوش بإقامة دولتين: فلسطينية وإسرائيلية، فمن المهم التمسك بهذه الصيغة إلى نهايتها القصوى، فالدولة الفلسطينية لايمكن أن تتحقق في مساحات متآكلة بسبب المنشآت الإسرائيلية على الأرض من مستوطنات وسور عازل.

وفي ذات الوقت فإن تكبيل تحركات الفلسطينيين فيما يتصل بتكوين مؤسساتهم الدستورية والحكومية، يعني تجريدهم من كل المقومات التي من شأنها إعانتهم على تصريف شؤونهم وأمورهم مثلهم مثل أي شعب آخر في العالم، فإسرائيل تتصور حكومة فلسطينية وفقاً لتصوراتها هي وليس وفقاً لتطلعات الشعب الفلسطيني وخياراته، وكذلك الحال مع القوى الغربية التي تُسهم في هذا الحصار، فهي من جانبها لا تحتمل رؤية أطراف فلسطينية معينة في التشكيلة الحكومية ولو جاءت هذه الأطراف عن طريق انتخابات نظيفة تتواءم مع مقتضيات الديموقراطية التي يدعي الغرب أنه يطالب ويلتزم بها.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد