Al Jazirah NewsPaper Monday  07/05/2007 G Issue 12639
مقـالات
الأثنين 20 ربيع الثاني 1428   العدد  12639
عطلة الأسبوع بين اليوم السابق واللاحق
د. عبدالرحمن المشيقح(*)

سؤال يطرح عن أهمية اختيار اليوم الثاني المرافق ليوم الجمعة العطلة الأسبوعية.

فهناك من يرى عدم وجود فرق ما إذا كان اليوم الثاني هو يوم سابق أو يوم لاحق في حين يرى البعض أن يكون اليوم الثاني للإجازة الأسبوعية الرسمية هو اليوم اللاحق، في الوقت نفسه يفضل آخرون أن يكون هو اليوم السابق للعطلة الاسبوعية، من هنا يجيء الطرح عن افضلية اجازة نهاية الاسبوع هل يفضل اليوم السابق للجمعة أم اليوم اللاحق لها؟

وعموماً نعرف أن العطلة الاسبوعية للمملكة هي يوم الجمعة باعتبارها دولة إسلامية يحتم عليها وعلى غيرها من الدول الإسلامية أن يكون هذا اليوم بكامله إجازة للمسلمين يضاف إليه يوم آخر إما أن يكون يوم الخميس او يوم السبت وقد كانت حكومتنا الرشيدة حكيمة حينما اخذت باليوم السابق للعطلة فكان النظام هو يومي الخميس والجمعة في حين ان هناك من الدول من اخذ باليوم اللاحق فكان النظام لديها هو يومي الجمعة والسبت فتضاربت الآراء لدى البعض أيهما أفضل؟ ولماذا لا تكون المملكة مع الدول التي أخذت بالنظام الآخر وهو يوم الجمعة مع اليوم اللاحق وهو السبت؟ بل تحمس له البعض كما نسمع ونقرأ. ان الاغلبية تعودت على النظام المعمول به وهو يوما الخميس والجمعة كإجازة لنهاية الاسبوع في مختلف المصالح الحكومية وبعض القطاعات الأهلية منذ صدور القرار عام 1395هـ. وهناك من يرى أن المصلحة الاقتصادية للمملكة تتطلب أن تكون اجازة نهاية الاسبوع هي يومي الجمعة والسبت ويعلل ذلك بأفضلية التوافق أو التقارب مع الدول الأخرى، وهنا نتوقف قليلاً، هل من الافضل أن يكون هو اليوم السابق أم اليوم اللاحق للإجازة الاسبوعية الرسمية؟ علينا أن ندقق النظر في نظام العطلة للمجتمعات غير الإسلامية، فالمجتمعات التي تدين بالمسيحية تكون عطلتها الرسمية الاسبوعية هي يوم الاحد مع ملاحظة ان معظم دول العالم غير الإسلامية تقلد نظام هذه المجتمعات في العطلة الاسبوعية في الاخذ باليوم السابق وهو يوم السبت ليكون اليوم الثاني لإجازة نهاية الاسبوع مع يوم الأحد ولم يعارض ذلك أحد من كل هذه المجتمعات سوى المجتمع الإسرائيلي الذي أخذ بنظام يومي الجمعة والسبت ولم يأخذ بنظام السبت والأحد ويعلّل أفضلية ذلك بأن اليوم السابق لليوم الأساسي للعطلة الاسبوعية هو الأفضل للعاملين من الناحية الاقتصادية والاجتماعية. ولمعرفة افضلية اليوم السابق واليوم اللاحق فإنه يتطلب عمل مقارنة بين معدلي الاستفادة من عطلة نهاية الاسبوع الممنوحة للعاملين في كلا النظامين والاستفادة هنا المقصود منها هو ما يتحصل الفرد من اجمالي المدة الزمنية المتاحة خاصة لمن يعمل بنظام الفترتين الصباحية والمسائية وتخصص لهم اجازة يوم ونصف يوم فقط اسبوعياً طبقاً لما هو متفق عليه بين العاملين في بعض المؤسسات الحكومية والاهلية، حيث يمثل نصف اليوم عطلة الفترة المسائية سواء كان ذلك لليوم السابق أو اليوم اللاحق للعطلة الرسمية لنهاية الاسبوع وهو يوم الجمعة بكامله. ففي حالة اضافة يوم سابق ليوم الجمعة كما هو معمول به في المملكة العربية السعودية لنحو ثلاثة عقود من الزمن وهو منح العاملين يومي الخميس والجمعة أما بالنظام الآخر المعمول به في بعض الدول والمقترح من البعض وهو ان تكون عطلة نهاية الاسبوع هي يومي الجمعة والسبت، وهنا اذا أجريت عملية حسابية بسيطة لبيان اجمالي الوقت الزمني المتاح من عطلة نهاية الأسبوع لكلا النظامين المذكورين لنجد أن الحالة الأولى يتم العمل للفترة الصباحية في الخميس ليعطل العاملون في الفترة المسائية لهذا اليوم حيث يضاف ليوم الجمعة باعتباره يوما سابقا للعطلة وهنا يكون اجمالي الفترة الزمنية يوما ونصف يوم متصلا ببعضه مما يحفز ويتيح لأصحاب هذا النظام الاستفادة من العطلة الاسبوعية لتحقيق الكثير من الاغراض والاهداف، فالعامل أياً كانت وظيفته يتطلع هو وأسرته للاستفادة بهذه الإجازة في تحقيق مآربه الخاصة كالفسح والزيارات للأهل والأقارب ونحو ذلك من الأغراض الاجتماعية الأخرى.

أما في حالة النظام الآخر الذي ينادي به البعض ليكون اليوم المضاف ليوم الجمعة هو يوم السبت فهنا يضطر من يعمل بنظام الفترتين بعد اخذ اجازة يوم الجمعة أن يقوم بالعمل في الفترة الصباحية ليوم السبت ويعطل الفترة المسائية لهذا اليوم وهو بهذا يكون قد قطع الاتصال بين فترتي الاجازة الممنوحة له بمعنى أنه عطل في يوم الجمعة وعمل صباح السبت ثم عطل عصر السبت وبهذا تكون فترتا العطلة الاسبوعية منفصلتين عن بعضهما نتيجة القيام بالعمل في الفترة الصباحية ليوم السبت مما يحد كثيراً من المنافع التي تعود على الشخص والمجتمع وتقلّل من تحقيق الاغراض الاجتماعية لنفسه وأسرته وذويه من الأهل والاقارب ونحو ذلك لأن اجمالي الوقت الفعلي لهذه العطلة في هذا النظام المطروح للاختيار سيكون بعكس الحال لاصحاب النظام المعمول به حالياً وهو يوما الخميس والجمعة مما يمكن القول بأن اليوم السابق افضل من اليوم اللاحق لعطلة نهاية الاسبوع بل يعد هو النظام الأمثل لدولة إسلامية والذي يجب الأخذ به كما هو معمول به في كثير من المجتمعات غير الإسلامية كإسرائيل والدول الغربية والأوروبية وغيرها من الدول التي اخذت بنظام اليوم السابق مضافا ليوم العطلة الرسمية الدينية لإجازة نهاية الاسبوع.

إن المفاضلة بين اليوم السابق واليوم اللاحق لعطلة نهاية الاسبوع لا ينبغي أن تقتصر فقط على معدل الانتفاع من الوقت كما أشير إليه وإنما ايضاً هناك أمور أخرى يجب الأخذ بها في الحسبان لإظهار المزيد من أوجه المفاضلة ومنها الإشارة الى تأثيرها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي بوجه عام فالبعض يرى وجود مزايا تعود على الاقتصاد الوطني اذا اصبحت الاجازة يومي الجمعة والسبت بمعنى ان يكون يوما لاحقا بدلاً من اليوم السابق ليوم الجمعة، اما عن نظام العمل الحالي الذي يتيح للمصالح الحكومية وبعض المنشآت الاهلية حق اجازة نهاية الاسبوع ان تكون يومين كاملين وهما يوما الخميس والجمعة باعتبار الخميس يوما سابقا للجمعة وقد اعتاد الموظفون والعمال في شتى وظائفهم على هذا المنوال وهذا امر طبيعي لكون يوم الخميس مرتبطاً في أذهان الناس لأن يكون يوماً تحضيرياً لاستقبال يوم الجمعة بمعنى أن يومي الخميس والجمعة أصبحا متلازمين ومرتبطين عضوياً واعتاد المواطن كسب هذين اليومين لتحقيق اغراضه ومآربه الدينية والاجتماعية ونحو ذلك، من هنا فإن الذين يعارضون نظام عطلة نهاية الاسبوع المعمول به ويقترحون تغييره لأن يكون يومي الجمعة والسبت بدلاً من يومي الخميس والجمعة لما يحققه من مزايا تعود على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المملكة كما يتصورون، وهذا غير صحيح على الإطلاق لأنه يعد من الاقوال الوهمية لعدم وجود الأدلة والبراهين الدالة على ذلك سوى تقليد ومجاراة الدول التي أخذت بهذا النظام، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى إذا افترضنا صحة الاخذ بهذا النظام المقترح فإنه في هذه الحالة يوجب على العامين في المصالح الحكومية والأهلية التي تتيح لموظفيها يومين كاملين أن يكون مع يوم الجمعة كامل يوم السبت مما سيكون له مزايا وايجابيات ناتجة عن الاخذ باليوم اللاحق للاجازة ولكن الصحيح ان ذلك النظام المقترح لاجازة نهاية الاسبوع سيحدث اضراراً حقيقية على النظام الاقتصادي والاجتماعي من حيث مدى التأثير على ساعات العمل الحقيقية ومن حيث الاخلال بأوقات الاداء الوظيفي التي تضيع بالفعل نتيجة فقد عدد من ساعات العمل للخروج مبكراً في يوم الخميس لاعتياد الموظفين والعاملين على الاخذ بهذا اليوم لارتباطه بيوم الجمعة نظراً للمناسبات والزيارات والفسح والرحلات ونحو ذلك من الاستعدادات التي اعتاد عليها الناس ليوم الجمعة الفضيل مما يعني أن هؤلاء العاملين على هذا المنوال يكونون قد استحقوا في هذا النظام المقترح اجازة نهاية الاسبوع أكثر من يومين وهي فترة العطلة الاسبوعية المتاحة لهم من قبل المصالح الحكومية أو الأهلية التي تعمل بهذا النظام وهذا بالطبع سوف يترتب عليه اضطراب في سير العمل وحدوث تعطيل في كثير من المصالح الحكومية والأهلية التي تعد ذات أهمية للدولة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، من هنا فإن الصحيح فعلا هو ضرورة الابقاء على نظام العمل في اجازة نهاية الاسبوع كما هو سار في المصالح الحكومية والاهلية وهو منح العاملين يومي الخميس والجمعة وليس يومي الجمعة والسبت وهو النظام المقترح الذي ينظر إليه البعض وكأنه نموذج مناسب ينبغي الأخذ به وهذا يوضح أهمية اليوم السابق ومدى تفضيله عن اليوم اللاحق للعطلة لما يعود بالفعل من مزايا على الوطن والمواطنين وليس بتقليد الآخرين.

إن أهمية اليوم السابق عن اليوم اللاحق يمكن رؤيتها أيضاً من خلال تأثير هذين النظامين لإجازة نهاية الأسبوع على مؤسسات وشركات القطاع الخاص فكما هو معروف أن المنشآت الحكومية والأهلية تتيح للعاملين فيها نظاما خاصا لاجازة نهاية الاسبوع يبدأ من مساء يوم الخميس امتداداً مع يوم الجمعة وقد اعتاد الموظفون في مختلف انشطة المصالح والمؤسسات والشركات على ذلك النظام المتفق عليه في العمل والراحات والإجازة الاسبوعية مما يتبين أن هذا القطاع بمختلف منشآته يستفيد من عدد ساعات العمل التي يقوم بها العاملون في الفترة الصباحية ليوم الخميس وهذا له الكثير من المزايا والخصائص على نشاط ونمو وتطور بعض المصالح الحكومية والمؤسسات والشركات الأهلية مما يمكن القول بأن النظام الساري لإجازة نهاية الأسبوع يصب في مصلحة القطاع العام والخاص ومصالح المجتمع وعلى النقيض من ذلك فإنه في حالة تطبيق النظام المقترح لاجازة نهاية الاسبوع لأن يكون هناك يوم لاحق مع يوم الجمعة فإن مثل هذه المؤسسات الحكومية والمنشآت الأهلية ستأخذ يومين كاملين لإجازة نهاية الاسبوع بداية بيوم الجمعة مع كامل يوم السبت مما يكون له انعكاسات ضارة ناجمة عن فقد ساعات عمل على الاقتصاد والمجتمع والانتاجية في الإدارات الحكومية، ومما يؤكد ذلك فإن المصالح الحكومية والأهلية التي تعمل بنظام الفترة الصباحية ليوم الخميس يعد فائدة للصالح العام لإنجاز الكثير من الأعمال والمصالح التي تهم الوطن والمواطن وتكون الإجازة من بعد ظهر يوم الخميس مرتبطة عضوياً بيوم الجمعة أما في حالة تطبيق اجازة يوم السبت فإنه سيُفقد يوم كامل آخر مع يوم الجمعة لصعوبة عمل نصف دوام في يوم السبت كما هو المعتاد بالاستفادة من الفترة الصباحية يوم الخميس.

مما سبق يتضح لنا أن معظم دول العالم قد ساد فيها نظام اليوم السابق للإجازة الرسمية وليس اليوم اللاحق وذلك لأن معظم الاجهزة والإدارات الحكومية تعطل في يومي الاجازة الاسبوعية المحددة في هذه المجتمعات المشار اليها طبقاً لقوانين العمل المعمول بها في دول العالم ويستثنى من ذلك عدد محدود من الاجهزة المعنية بالتعامل مع الجهات الخارجية للبلدان الاخرى اما انشطة القطاع الخاص بمختلف مؤسساتها وشركاتها الانتاجية والخدمية فإن معظمها ينتهج نظام يوم واحد للعطلة الرسمية ويكون دائماً هو اليوم الرئيسي في الاجازة، اما اليوم السابق لهذا اليوم فقد يكون العمل مستمراً فيه اما كدوام كامل او نصف دوام، ومعنى ذلك اننا نجد في جميع الاحوال التي تكون اجازة نهاية الاسبوع في يومين هي يوم سابق لليوم الاساسي وليس يوما لاحقا له، من هنا ينبغي أن تكون اجازة المجتمعات الإسلامية ايضاً على هذا النمط المعمول به في المملكة، وليس كما هو الحال في بعض الدول التي خالفت هذا الوضع فجعلت يومي الجمعة والسبت هما اجازة نهاية الاسبوع فإذا وقعت بعض الدول العربية في خطأ فإن ذلك ليس مبرراً لاتباعها وتقليدها.

إن الوضع الاقتصادي للمملكة جيد وهو ما تظهره البيانات والإحصاءات عن ميزانية المملكة وصادراتها ووارداتها خلال الأعوام السابقة التي تشير وتؤكد إلى ضرورة الإبقاء على النظام الحالي لإجازة نهاية الاسبوع في المملكة.

كما يوضح التقرير السنوي لمنظمة التجارة العالمية لعام 2006م أن السعودية كان ترتيبها الثامن عشر من بين أكبر خمسين دولة مصدرة في العالم بل ان المملكة سبقت دولاً في صادراتها مثل روسيا والهند والمكسيك ويمكن الرجوع الى الاحصاءات التي تشير الى كل من الميزانية والصادرات والواردات والتقرير السنوي لمنظمة التجارة العالمية لعام 2006م، يؤكد أن التنمية الاقتصادية للمملكة تسير في طريقها الصحيح لما تمتلكه من مقومات راسخة للنمو والتطور يعمل بها منذ بداية الخطط التنموية طبقاً لدراسات وأبحاث يقوم بها الخبراء والمختصون في المملكة تدعو إلى التجديد والتطوير وانه ليس لعطلة نهاية الاسبوع المعمول بها حالياً أي تأثير ضار كما يظن البعض انه امر ضروري يتطلبه الاقتصاد السعودي طبقاً لمستجدات العصر ومجاراة المجتمعات الاخرى وهذا غير صحيح وبدلاً من ذلك فمن الافضل المطالبة بإزالة العوائق كالروتين وغيره التي تحد من سرعة عجلة النمو والتطور الاقتصادي والاجتماعي.

وأكثر من ذلك فإن هناك العديد من الأنشطة الحكومية والأهلية يكون لها نظام خاص للعمل والراحات وإجازة نهاية الاسبوع التي قد تختلف تماماً عن يومي عطلة نهاية الاسبوع وذلك وفقاً لما يتطلبه العمل في مختلف وظائفه من ضرورة تواجد الموظفين والعمالة أياً كان نوعها في هذين اليومين لأن النشاط الوظيفي لتلك المنشآت الحيوية الهامة يتطلب ضرورة مواصلة العمل على مدار الساعة وهو كما يلاحظ على سبيل المثال وليس الحصر في المطارات والموانئ البحرية والمنافذ البرية ووسائل الإعلام ووسائل النقل والاتصالات ونحو ذلك من منشآت حيوية هامة كالحرس الوطني والقوات المسلحة وقوات الأمن وغيرها.

كما إن هناك بعض المصالح الحكومية والأهلية تعمل بنظام الفترتين الصباحية والمسائية بعكس الحال عن المنشآت ذات الفترة الواحدة كالجهات التعليمية وما يتعلق بمصالح المواطنين في كثير من الجهات الحكومية التي تتيح لموظفيها إجازة يومي الخميس والجمعة، أما من حيث المنشآت التي تعمل بنظام الفترتين الصباحية والمسائية كالقطاع الصحي الذي يحوي معظم الفئات العاملة من الأطباء والصيادلة والفنيين والممرضين ونحو ذلك من العمالة التي تعمل طوال أيام الاسبوع ليلاً ونهاراً في أقسام الطوارئ والمرضى.

وما هذا سوى عرض سريع وموجز لإظهار الحقائق والميزات الكبرى التي تدعونا لضرورة الإبقاء على النظام الحالي لإجازة نهاية الاسبوع في المملكة، ولأن للموضوع زوايا وأوجهاً عديدة فإن للحديث بقية إن شاء الله.

(*) عضو مجلس الشورى


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد