Al Jazirah NewsPaper Monday  07/05/2007 G Issue 12639
رأي الجزيرة
الأثنين 20 ربيع الثاني 1428   العدد  12639
فرنسا الجديدة

في دولة مثل فرنسا راسخة التقاليد الدستورية والسياسية، فإنه لا يتوقع ثمة تغيير كبير في مجرى السياسات مهما كانت نتيجة الانتخابات، ومع التوقعات الكبيرة لصالح المرشح اليميني ساركوزي، فإن ظلال شيراك طوال 12 عاماً ستظل خلفية لسلفه المحتمل جداً الذي ترعرع سياسياً في كنف ذلك السياسي العتيد، على الرغم من أنه حاول في بعض الأحيان الخروج على هذه الساحة التي أسسها شيراك، غير أن ذلك ربما كان من أجل بلورة شخصية مستقلة تطمح بجد إلى دخول الاليزيه، وللرجل سقطاته الكبرى التي شوهت كثيراً من تاريخ الخط الديغولي الذي قاد خطاً في السياسة الدولية وحظي باحترام كثيرين حتى خارج فرنسا، وغابت عن ذلك التاريخ بصفة خاصة سقطات مثل التي تفوه بها ساركوزي الذي لم يتردد يوماً في وصف بعض من مناوئيه بالحثالة..

ومع ذلك فساركوزي الذي دلف إلى ساحة السياسة يافعاً في التاسعة عشرة من عمره رأى أن هذه السنوات الطويلة والخبرات النادرة التي حصل عليها منذ سنوات شبابه الأول ستؤهله للمنصب الأول في الدولة..

ويبدو أن فرص ساركوزي متعاظمة، فحتى اليسار الذي تقوده المرشحة سيغولين روايال بات مقتنعاً في الساعات الأخيرة بأن هذه الانتخابات ليست له مع فارق كبير بين المرشحين لصالح ساركوزي. ومن المقرر أن ينكفئ اليسار على مشكلاته الداخلية التي ستتفاقم مع هذه الخسارة المرتقبة لروايال..

ومهما كانت النتيجة، فإن فرنسا ظلت طوال عقود تمثل توازناً في السياسات الغربية تجاه المنطقة العربية وبالذات فيما يتصل بالقضية الفلسطينية، ويهم كثيراً أن يتواصل هذا التوازن، لكن الشكوك تساور كثيرين في ظل الحقائق الجديدة فرنسياً ودولياً، فساركوزي كان متشدداً تجاه المهاجرين على الرغم من أنه هو ذاته ابن مهاجر، ويخشى أن تنسحب مواقفه من هؤلاء إلى الدول التي أتوا منها، وخصوصاً أن الأفق الذي يتحدث عنه ساركوزي يبدو محلياً وأوروبياً في أفضل الأحيان، ويبدو أن مشكلات هذا الداخل ستأخذ كثيراً من وقت الرئيس المقبل، وذلك على الرغم من الصفة العالمية لفرنسا كونها من الدول الكبرى، لكن تحقيق هذه الصفة وتثبيتها يتطلب مواصفات القيادة الأممية التي تحظى بتقدير عالمي.

إن أي انحسار للدور الفرنسي على الصعيد العالمي قد يخل كثيراً بعدد من القضايا بما فيها قضايا منطقتنا، وخصوصاً في ظل القوة العظمى الوحيدة. ومن الواضح أن العالم كله كان يتطلع إلى دولة، في مثل حجم فرنسا ومكانتها، لتعديل التوازن الدولي، بحيث يمكن التقليل من حدة هذه القطبية الأحادية، لكن يبدو أن حقائق جديدة ترتسم في عالم اليوم، وأن من بينها الانحسار لعدد من الأدوار التاريخية التي حافظت لبعض الوقت على عالم أكثر توازناً.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد