Al Jazirah NewsPaper Wednesday  09/05/2007 G Issue 12641
الاقتصادية
الاربعاء 22 ربيع الثاني 1428   العدد  12641
حازت (الجزيرة ) على قصب السبق بنشره
مشروع نظام الزكاة الجديد.. مطلوب تغيير جذري!

لقد سبق أن دعوت مع غيري بأن تقوم الجهات الحكومية المختلفة بما فيها مجلس الشورى كقاعدة عامة بنشر أي مشروع نظام مقترح لمدة معينة من أجل أن يبدي فيه أصحاب الرأي والمصالح آراؤهم فيه سواء بالكتابة للجهة المعلنة أو بالصحافة، مثل هذه الآراء مهما كانت سيكون بعضها مفيداً للجهة المعنية التي لها في نهاية الأمر الأخذ بما تراه محققاً للمصلحة العامة..

وبقراءة عامة لمجمل مشروع نظام جباية الزكاة في الأنشطة التجارية المقترح الذي حازت (الجزيرة) على قصب السبق في نشره يتضح بأنه لم يأت بجديد أو بتغيير جوهري لما هو قائم، إنما هو تركيز على توضيح وتحسين الصياغة والترتيب والتطبيق بما يمنع الالتباس مع إضافات قليلة معظمها غير جوهري للمكلف بالزكاة.. هناك مثلاً أمر جوهري وفي غاية الأهمية كان يجب أخذه بالاعتبار وهو أن الزكاة الشرعية تستحصل كاملة من المكلفين الذين هم بحكم مشروع هذا النظام رجال الأعمال والشركاء في الشركات المختلفة، وتدفع هذه الزكاة لخزينة الدولة التي تقوم بصرفها على أوجه الزكاة الشرعية من ضمان اجتماعي وخلافه.. ورجل الأعمال الذي يفصح بأمانة عن جميع تعاملاته وحساباته التجارية حسب نصوص النظام ليصل إلى وعاء الزكاة الحقيقي الذي تطبق عليه الزكاة الشرعية الواجب سدادها لمصلحة الزكاة والدخل..

لن يكون بمقدوره إخراج زكاة لمن يعرفهم من المحتاجين المستحقين سواء كانوا أقارب وهم الأولى بهذه الزكاة أو جيران أو معارف.. لذلك من الواجب إعادة النظر في هذا الأمر وذلك بالعودة إلى ما كان يتبع في الماضي القريب عندما كانت الحكومة تستوفي نصف الزكاة المقررة فقط وتترك النصف الآخر ليصرفها المكلف على الوجه الشرعي بمعرفته.

أمر مهم آخر هو تضاعف عدد ونشاطات المنظمات الخيرية المحلية التي تقدم خدمات جليلة معظم برامحها يستحق شرعا صرف الزكوات لها، والسؤال هو: هل النظام سيسمح بخصم ما يجود به رجال الأعمال للمنظمات الخيرية من مقدار الزكاة المستحقة عليه؟.

إذا كان الجواب بالنفي فهذا أمر ينبغي دراسته بعناية بالغة لأننا مع تطورنا كمجتمع حضاري ينبغي أن نوجه تبرعاتنا وزكواتنا إلى المنظمات والهيئات الخيرية التي تغطي خدماتها وبرامجها فئات بأمس الحاجة إلى الرعاية والمساعدة من أيتام، معاقين، عوائل السجناء، مرضى، أرامل، كبار السن، فقراء.... الخ.. حتى الحكومة يجب أن تعين وتشجع هذه الهيئات المتخصصة لكي تقوم بدورها الإنساني نحو هؤلاء المواطنين المحتاجين للمساعدة.. لذلك يجب أن يشجع ويسمح نظام الزكاة بخصم أي مبلغ مدفوع لبرامج المنظمات الخيرية المحلية التي تستحق صرف الزكاة عليها.

والمطلوب أن يتم هذا الخصم من الزكاة المقررة وليس اعتباره كمصروف أو تكلفة يخصم من وعاء الزكاة كما هو معمول به الآن، وإذا كان هناك تخوف من سوء استعمال مثل هذا الخصم فيمكن أن توضع له ضوابط كان لا يتجاوز نسبة معينة من مقدار الزكاة المقررة كل سنة محاسبية.

وحتى نكون منصفين لمعدي مشروع النظام هناك تعديل أو إيضاح جدي وعادل في موضعين: أولهما أن راتب الشريك أو المالك يمكن حسمه كمصروف مقبول بشرط أن يكون مساويا لراتب المثل، وهذا عكس المتبع حالياً حيث لا تعترف المصلحة بمثل هذا الراتب كمصروف وعليه تقوم المنشأة بدفع زكاة عليه، والموضوع الآخر هو وضوح الصورة بنص صريح بأن تعفى الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الهادفة للربح بما في ذلك حصتها في المنشآت الأخرى من الزكاة.. ولكن مشروع النظام يضع شروطاً لا لزوم لها مثل تقديم موازناتها وحساباتها للتدقيق للمصلحة سنويا، فطالما أنها معفاة من الزكاة فما هو مبرر مثل هذه الشروط؟ علما بأن الجهة المرخصة لها كوزارة الشؤون الاجتماعية قطعا تطالبها للمراجعة والتدقيق ببيانات وتقارير وتقديم الحسابات الختامية المدققة من محاسب قانوني مرخص.

يبقى بعد ذلك بعض الملاحظات بعضها موضوعي وبعضها شكلي على مشروع النظام المقترح أرجو نشرها لاحقا، كما أدعو المهتمين بهذا الموضوع المقترح أرجو نشرها لاحقاً، كما أدعو المهتمين بهذا الموضوع المهم بما فيهم الغرف التجارية والصناعية لدراسة مشروع النظام بعناية لكي يتم تلافي أي سلبيات أو عدم وضوح أثناء مراجعته ومروره على القنوات والجهات الحكومية وقبل أن يصل إلى مراحله وصيغته النهائية.. إلا أنه من الواجب على وجه الخصوص الإشارة بلزوم عرض مشروع النظام على الهيئة العربية السعودية وبإبداء الرأي فيه أولاً ثم لتصدر لاحقاً معياراً محاسبياً للزكاة يتسق مع المعايير الصادرة الأخرى ويتفق مع النظام بعد صدوره بشكله النهائي.

إن طرح المقترحات الواردة بالمقال وبخاصة تخفيض ما يدفع للحكومة من الزكاة والخصم منها ما يتم دفعه للمنظمات الخيرية المستحقة لن يؤثر قطعا على قدرة الحكومة بالوفاء بالتزاماتها نحو مستحقي الزكاة في خدماتها الاجتماعية ولن يؤثر بأي حال على إيرادات الدولة في الوقت الحاضر أو بالمنظور القريب نظراً لارتفاع إيرادات البترول ووجود فوائض بالموازنة العامة، ومن الممكن عندما تتغير الأحوال لا سمح الله في سنوات لاحقة أن ينظر في وضع ضريبة عادلة وربما تصاعدية على صافي أرباح المنشآت التجارية وبشكل متدرج لتعزيز إيرادات الدولة من جهة ولاستعمالها كأداة للتخطيط والتنمية من جهة أخرى بدلا من رفع نسبة الزكاة التي تدفع للحكومة.

ختاماً فإن الزكاة فريضة شرعية لها أهداف سامية وليس الغرض من هذا المقال أو ممن يبدي رأياً في مشروع نظام الزكاة هو الانتقاص منها أو إيجاد المبررات لتخفيضها أو التهرب منها، بل إن الغرض هو تحسين طريقة تحصيلها وتسهيل أدائها من قبل المكلفين بها لمستحقيها على الوجه الشرعي.

يوسف حمدان الحمدان


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد