Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/05/2007 G Issue 12645
الاقتصادية
الأحد 26 ربيع الثاني 1428   العدد  12645
بناءً على ما جاء في بعض المقالات الصحفية
وزارة الاقتصاد والتخطيط تصدر بياناً لتوضيح الالتباس في المقصود بالقضاء على الفقر المدقع

* الرياض - الجزيرة:

نشرت بعض الصحف مقالات تنطوي على تساؤلات حول الفقر والقضاء عليه تنطلق من تصريحات منسوبة إلى وزير الاقتصاد والتخطيط، ويتبيَّن من هذه المقالات وجود لبس واضح في فهم المعنى المقصود بالفقر مدار البحث.

جاءت تصريحات الوزير بمناسبة إصدار المملكة تقريرها الثاني حول الأهداف التنموية للألفية، ولا تخرج تصريحات الوزير عما ورد في هذا التقرير. ومثل هذا التقرير تصدره سنوياً معظم دول العالم تنفيذاً للتوجهات الدولية المتعلقة برصد التقدم لدول المنظومة الدولية في تنفيذ الأهداف التنموية للألفية التي جرى اعتمادها عالمياً في عام 2000م في مؤتمر الألفية الذي عقد في مقر الأمم المتحدة تحت شعار: (دور الأمم المتحدة في القرن الواحد والعشرين)؛ حيث قامت (189) دولة مشاركة بتبنِّي إعلان الأمم المتحدة للأهداف التنموية للألفية.

ويتكون هذا الإعلان من ثمانية أهداف عامة رئيسة، هي:

1- القضاء على الفقر المدقع والجوع.

2- تحقيق تعميم التعليم الابتدائي.

3- تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.

4- تخفيض معدل وفيات الأطفال.

5- تحسين الصحة الإنجابية (صحة الأمهات).

6- مكافحة فيروس مرض نقص المناعة البشري المكتسب (الإيدز) والملاريا والأمراض الأخرى.

7- ضمان الاستدامة البيئية.

8- تطوير شراكة عالمية من أجل التنمية.

هذا بالإضافة إلى (18) هدفاً فرعياً و(48) مؤشراً لرصد مسار التنفيذ وقياس التقدم المحرز في تحقيق هذه الأهداف العامة بحلول عام (2015م).

ولا تخرج تصريحات وزير الاقتصاد والتخطيط عما ورد في تقرير الألفية المشار إليه أعلاه.

ونظراً إلى اللبس الواضح في معظم المقالات التي نشرتها صحافتنا فيما يتعلق بمفهوم الفقر الذي استهدفته الأهداف التنموية للألفية وجد من الضروري توضيح الأمر على النحو الآتي:

هناك نوعان من الفقر اصطلح على تسميتهما كما يلي:

- الفقر المدقع.

- الفقر المطلق.

1- خط الفقر المدقع:

ويُقصد به خط فقر الغذاء، وهو الإنفاق الاستهلاكي الذي يكون كافياً لمقابلة احتياجات الطاقة الغذائية للفرد في المجتمع. ووفقاً لأحدث أساليب قياس الفقر تم اختيار فئات من السلع التي تمثل النمط الغالب لاستهلاك أفقر شريحة في المجتمع.

2- خط الفقر المطلق:

ويُقصد به إجمالي تكلفة سلة السلع المطلوبة لسد الاحتياجات الاستهلاكية الأساسية سواء الغذائية أو غير الغذائية من سكن وكساء وخدمات صحية وتعليمية وغيرها.

ووفقاً لهذا التحديد يتضح أن خط الفقر المدقع المشار إليه في (1) أعلاه هو ما عناه الهدف الأول من أهداف الألفية الثمانية الذي ينصُّ على (القضاء على الفقر المدقع والجوع).

إن معالجة قضية الفقر والقضاء على المدقع منه كانت محلّ اهتمام القيادة السديدة لهذا الوطن التي وجَّهت إلى تكريس كل الجهود لدراستها دراسة شاملة، وصدر الأمر السامي الكريم رقم (خ-41359) وتاريخ 25-10-1423هـ القاضي بوضع استراتيجية وطنية شاملة لمعالجة الفقر؛ عمل على إعدادها فريق من المختصين تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، وشاركت في هذا الفريق وزارة الاقتصاد والتخطيط.

لقد اشتملت هذه الاستراتيجية على قاعدة بيانات مبنية على مسوحات ميدانية متخصصة أمكن من خلالها قياس الفقر بمؤشراته المختلفة (المدقع، وغيره)، وتحديد الشرائح الاجتماعية والمناطق الجغرافية في هذا الخصوص، والأسباب المؤدية إلى الفقر، واقتراح البرامج والسياسات المناسبة لتنفيذ هذه الاستراتيجية.

هذا، وقد ارتكزت استراتيجية معالجة الفقر على الجوانب الأساسية التالية:

1- إتاحة الفرصة للفقراء لتكوين أصولهم المادية والبشرية وتعزيزها من خلال توفير الوظائف والائتمان وفرص التعليم والتدريب والخدمات الصحية وتحسين إمكاناتهم للوصول إلى الأسواق لتسويق منتجاتهم.

2- تعزيز مقدرة الفئات الفقيرة من المجتمع على المشاركة في النشاطات الاقتصادية بصورة فعالة.

3- تحسين المستوى المعيشي للفقراء من خلال تخفيض فرص تعرضهم للمخاطر مثل اعتلال الصحة والكوارث الطبيعية، إضافة إلى مساعدتهم على مواجهة تلك الكوارث.

واقترحت الاستراتيجية سياسات محددة لمعالجة الفقر وفقاً للمحاور الخمسة الآلية:

أ- المحور الاقتصادي الكلي، ويتضمن السياسات الخاصة بتسريع النمو الاقتصادي وتوزيع ثماره بصورة متوازنة بين مناطق المملكة والشرائح الاجتماعية المختلفة.

ب- محور التمكين الاقتصادي للفقراء، ويتضمن السياسات الخاصة بتمليك الأسر والأفراد من الشرائح الفقيرة أدوات الإنتاج الكفيلة بزيادة دخولهم ورفع القدرات الإنتاجية للأسر المنتجة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة وسياسات تحسين فرص التوظف.

ج- محور الخدمات العامة، وتندرج فيه السياسات الخاصة بتحسين خدمات الصحة والتعليم والخدمات البلدية.

د- محور شبكة الحماية الاجتماعية، ويتضمن السياسات الخاصة بتفعيل الضمان الاجتماعي وزيادة إسهام الزكاة في معالجة الفقر وتعزيز دور الجمعيات الخيرية والمنظمات التطوعية في معالجة الفقر.

هـ- محور ممتلكات الأسرة، ويتضمن السياسات والبرامج الموجهة لمعالجة مشكلات الإسكان وتوفير السكن الملائم للفئات المحتاجة من المواطنين بتكلفة منخفضة ووفق شروط ميسَّرة.

واستناداً إلى ما ورد في تلك الاستراتيجية صدر قرار مجلس الوزراء رقم (186) وتاريخ 27-2-1427هـ القاضي بالموافقة على استحداث (برنامج الدعم التكميلي) لسدّ الفجوة بين الدخل الفعلي سواء للأسر الفقيرة أو للأفراد الفقراء فقراً مدقعاً ومستوى خط الفقر. وقد رصدت لهذه الغاية الأموال اللازمة في ميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية. هذا علاوةً على زيادة مخصصات الضمان الاجتماعي للأسر والأفراد المستحقين بنحو الضعف تقريباً.

أما الفقر المطلق (الذي هو أوسع من الفقر المدقع وأكثر تعقيداً منه) فقد صدر بشأن معالجته قرار مجلس الوزراء رقم (237) وتاريخ 23-9-1427هـ القاضي بالموافقة على عدد من برامج الدعم هي كما يلي:

أ- دعم الصندوق الخيري الوطني.

ب- زيادة المخصصات المقدمة للأيتام ذوي الظروف الخاصة ومَن في حكمهم، وتشمل إعانات الأسر الحاضنة، والإعانات المدرسية، وإعانات الزواج، ومكافآت المقيمين في دور رعاية الأيتام.

ج- إقامة برنامج باسم (المساعدات الطارئة) للأسر الواقعة تحت خط الفقر المطلق التي تتعرض لحالات طارئة حرجة تتسبب في زيادة معاناتها، أو تعرضها لمشكلات مثل وفاة المعيل، أو سجنه، أو مرضه، أو مرض الأبناء، أو حوادث الحريق في المنزل، أو الكوارث الطبيعية ونحوها، على أن تحدَّد سقوف هذه المساعدات بحسب الحالة ودرجة المعاناة.

د- زيادة المخصصات التي تدفعها الدولة للجمعيات الخيرية إلى ثلاثة أضعاف سنوياً، وتم فعلاً رصد المخصصات المالية لذلك ضمن ميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية.

يُضاف إلى ما سبق ما أصدره مجلس الوزراء حول إلزامية التعليم الابتدائي، وما رُصد في ميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية من مبالغ قدرها عشرة آلاف مليون ريال لبناء مساكن للأسر الفقيرة، وكذلك الجهود المكثفة المبذولة للتصدي لظاهرة البطالة لكونها من العوامل المهمة في نشوء ظاهرة الفقر، وما رصد من اعتمادات ضخمة في ميزانيات وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، لتنفيذ برامج طموحة في مجال بناء أعداد كبيرة من المدارس، ومراكز الرعاية الصحية الأولية، وكليات التقنية، ومراكز التعليم الفني والتدريب المهني، لتُغطِّي جميع مناطق المملكة.

كما تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الأساس الاستراتيجي الرابع في خطة التنمية الثامنة ينصُّ على: العناية بالفئات المحتاجة من المواطنين، والاهتمام بمعالجة ظاهرة الفقر والحدّ منها وتقليص معدلاتها بالتركيز على السياسات والبرامج الاقتصادية التي تستهدف رفع معدلات النمو الاقتصادي، وتحقيق التنمية المتوازنة لمناطق المملكة. وتعكس تقارير المتابعة السنوية التي ترفعها وزارة الاقتصاد والتخطيط إلى مقام مجلس الوزراء مسار تنفيذ ما تضمنته الخطة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد