Al Jazirah NewsPaper Friday  17/08/2007 G Issue 12741
رأي الجزيرة
الجمعة 04 شعبان 1428   العدد  12741
ذروة عراقية دموية

وصل العنف في العراق إلى ذروة جديدة قد تكون هي ذاتها مقدمة لأعداد قياسية قادمة في عدد القتلى، فالاحصاءات تتحدث عن 400 قتيل في انفجارات الموصل المتزامنة الأربعاء الماضي. ووفقاً لصيغة الهجمات والهجمات المضادة أو الانتقامية فإن قفزة أخرى في أرقام القتلى تبدو الأكثر ترجيحاً، مع سيادة ثقافة العنف وغياب القبضة الأمنية الحازمة على سائر الأراضي العراقية، حيث الكلمة الأولى للبندقية..

ولا يعرف المدى الذي يمكن أن تبلغه هذه المآسي المتبادلة حتى تستطيع الذهنية العراقية استيعاب الدمار الكبير الذي يحدث للإنسان وللوطن العراقي، لكن الشيء المتيقن أن الكل يزداد قناعة أن تصفية الحسابات بالطريقة الدموية السائدة هي الوسيلة الوحيدة المتوفرة الآن، وذلك في ظل عجز حكومي على إدارة أوضاع تبدو أكثر ميلاً للانفلات يوماً بعد الآخر، فالانقسامات في الحكومة تساير ما هو حادث على أرض الواقع من شروخ يصعب رتقها، وقوات الاحتلال باتت تبحث عن مخرج بعيداً عن أية شبهات للهزيمة، مفضلة إسناد هذه التركة الثقيلة للأمم المتحدة كما هو واضح في قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي يقضي بتوسيع مهمة الأمم المتحدة في العراق.

غير أن قدرة المنظمة الدولية على تسيير الأمور هي موضع شك، فقد لدغت قبل سنوات من ذات الجحر عندما وصلت الانفجارات إلى عقر دارها وكان من بين الضحايا رئيس بعثة الأمم المتحدة وموظفون آخرون ومن يومها لم يعد هناك ذكر للأمم المتحدة في العراق إلا نادراً..

وبسبب القدرة الأمريكية اللامتناهية في التأثير على الأمم المتحدة فقد كان لها ما أرادت من قرار أخير قد يدفع بالمنظمة الدولية إلى ساحة لا تملك الكثير من أدوات التعامل مع تعقيداتها مع ذكريات مريرة لها قد تكبل من قدرتها على الحركة في وسط يعج بالكثير من المصاعب. قتلى الشمال العراقي الأربعمائة هو تحدٍ جديد، ومفترق طرق ينبغي أن يتوقف العراقيون عنده كثيراً، فمن الواضح أن هناك ما يشبه حرب الإبادة، وأن القتل بالمئات قد يكون الملمح الأقرب للتصور، إلا إذا حاول العراقيون التغلب على هذه المآسي وازدراد مراراتها والاقتناع تماماً أن الحل في أيديهم، مع كل ما يستوجبه ذلك من تضحيات ومن تنازلات سياسية. فذلك هو السبيل للخروج من هذه الدوامة من العنف الدموي، ولن يجدي الاستقواء بأي طرف في الخارج، فمثل هذا الخيار يخدم فقط وفي المقام الأول العامل الخارجي ويستغل الدماء العراقية لتقوية النفوذ هنا وهناك في أنحاء العراق.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد