Al Jazirah NewsPaper Friday  16/11/2007 G Issue 12832
الرأي
الجمعة 06 ذو القعدة 1428   العدد  12832
واجب الأسرة تجاه تربية أبنائها
مها السبيت - الدلم

من المطالب الرئيسة لاستمرار نعمة الأمن والاستقرار في بلادنا قيام الأسرة بواجبها على الوجه الأكمل في رعاية أولادها، وتوجيههم التوجيه السليم، انطلاقاً من الوظائف الأساسية للأسرة المسلمة ومن أول وظائف الأسرة المسلمة؛ مراعاة حدود الخالق جل وعلا وتتمثل هذه الوظيفة في تمسك الأب والأم بالعقيدة الإسلامية ومراقبتهما حدود الخالق، وتطبيق قواعد الشريعة فيما يتعلق بعلاقة كل منهما بالآخر. وبفعل ذلك يرسمان أنموذجاً إسلامياً للطفل، يتربى في أحضانها حيث يستمتع الأخير ويرى ويطبق ما يراه ويسمعه من عبادات والديه، وينشأ على العقيدة الإسلامية التي هي شريعة الله، وطريقة تعامل أبوية بمثابة تحصين له ضد الانحراف إلى مسالك الفساد ودروب الجريمة. ومن وظائف الأسرة المسلمة تحقيق الاستقرار والطمأنينة النفسية، فالأسرة المسلمة تهدف إلى تحقيق الطمأنينة لأفرادها يقول الحق تبارك وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}

لذا، فإن طمأنينة الزوجين واستقرارهما في البيت تنعكس على نفسية الطفل، وتتيح له الفرصة للنمو في جو مليء بالسعادة والمحبة وتنمو شخصياتهم بمقومات أساسية تساعدهم على النجاح في حياتهم في المستقبل.

تقدم الأسرة للأطفال الرعاية النفسية وتعمل على تهذيب غرائزهم وإشباع حاجاتهم الإنسانية المادية والمعنوية وتمنحهم المحبة والرحمة لكي ينشؤوا ولديهم الاستعداد لمحبة الآخرين وعدم الإضرار بهم.

وإذا لم يدرك الآباء والأمهات هذه الحقيقة فسوف يزداد انحراف الأبناء وتخسر الأمة يوماً بعد يوم المزيد من طاقات شبابها من الانحراف والوقوع في أيدي عصابات الإرهاب والتطرف، فإنه على كل أب منا أن يدرك الحقائق الآتية:

- الرقابة الواعية المحكمة والحكيمة من الآباء تُعِدُّ مراهقاً يستطيع أن يتحكم في نفسه، وأن يسيطر إلى حد كبير على نزواته، وأن يكون أقل اندفاعاً وأكثر انضباطاً، أما التساهل وإعطاء الحرية المطلقة فهي أشياء ضارة لكل من الفرد والمجتمع.

- من أجل وقاية الأبناء وحمايتهم من الانحراف بأنواعه المختلفة المؤدية إلى ارتكاب الجرائم، فإنه يجب على الأسرة أن تعمل كفريق واحد.. كل فرد داخلها يجب أن يكون له دوره، وهذه الأدوار تلتقي لتحقيق الوظائف العامة التي سبقت الإشارة إليها، هذا مهم للتفاعل وحل المشكلات والصراعات، حتى الطفل يجب أن يشعر بأنه مهم ونافع وأن هناك حاجة إليه، يجب على جميع أفراد الأسرة أن يكونوا متعاونين على الخير متضامنين وبذلك تكون المشكلة الشخصية مشكلة عامة تهم الجميع.

- من أجل أن يتحقق الاتصال والتواصل بين أفراد الأسرة يجب أن يكون هناك حوار دائم، وهذا الحوار يجب أن يكون في جميع الأحوال إيجابياً وبناء، وأن يعبر عن مدى اهتمام كل فرد من الأسرة لسماع الآخرين، والحوار الهادف يوجد اهتمامات مشتركة وأيضاً يوجد الاحترام بين الجميع، تلك هي العلاقة الإيجابية البناءة، وتلك هي الوسيلة للحفاظ على الروح المعنوية للأسرة ككل والروح المعنوية لكل فرد فيها.

أيها الأب العزيز اسمح لي أن أذكرك بما يجب عليك نحو أولادك من أجل حماية وصيانة عقولهم وتحصينها ضد الأفكار المنحرفة المؤدية إلى ارتكاب الجرائم والإخلال بالأمن، اسمح لي أن أذكرك بما يلي: لا تنشغل عن أولادك بأعمالك، خصص لهم جزءاً من وقتك، وتذكر أن من العوامل التي تدفعك للعمل إسعاد أولادك ومن سعادتهم الجلوس معك، استمع إليهم وأعطهم الفرصة ليعبروا عما في نفوسهم أمامك، لتتمكن من تعزيز إيجابيات أفكارهم وتصحيح سلبياتهم وتقيهم بإذن الله من الانحراف المؤذي إلى ارتكاب الجرائم المخلة بأمن البلاد وتدمير مصالح العباد.

تذكر أن واجباتك نحو أولادك لا تقتصر على تأمين المأكل والمشرب والملبس والمسكن فقط، إنما واجبك الأول تربيتهم تربية إسلامية مسترشداً في ذلك بأهداف التربية الإسلامية التي تسعى إلى تنشئة الإنسان الذي يعبد الله ويخشاه فلا يتعدى حدوده. تحقيق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة وطريق السعادة هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقضاء خيره وشره. تربية الإنسان لبلوغ الفضيلة وكمال النفس عن طريق العلم بالله عز وجل وحسن التوجيه إلى الحياة الخيرة والفاضلة وتنمية العقل وكسب الرزق الحلال. إعداد الإنسان المسلم السليم العقيدة، المؤمن بربه الممارس لعبادته، الذي يتقي الله في السر والعلن. تنمية الفرد من جميع جوانبه جسمياًوروحياً وانفعالياً واجتماعياً. تذكر فترة مراهقتك كيف تخلصت من سلبيات هذه المرحلة، ووظف خبرتك تلك لمساعدة أولادك ليجتازوا هذه المرحلة الحاسمة بسلام. عندما يعمل ابنك عملاً يتطلب النقد لا تجامله، انقده وامزج هذا النقد الهادف بالمديح المناسب، بين له الحق من الباطل والخير من الشر والمباح من المحظور. كن يقظاً في مراقبة سلوك ابنك، وتعرف على جلسائه وأصحابه، واحذر أن يصاحب الأشرار؛ ففي مصاحبتهم الضياع والهلاك.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد