Al Jazirah NewsPaper Saturday  05/01/2008 G Issue 12882
الاقتصادية
السبت 27 ذو الحجة 1428   العدد  12882
فيما توقع استمرار ارتفاع أسعار النفط.. كبير اقتصاديي البنك الأهلي:
دول الخليج تشهد طفرة استثمارية ضخمة وتنفق 1.5 تريليون دولار على مشاريعها

الرياض - «الجزيرة»

توقع الدكتور سعيد الشيخ كبير اقتصاديي البنك الأهلي أن تستمر أسعار النفط مرتفعة نتيجة لترافق النمو القوي في الطلب والتراجع في جانب العرض. مشيرا الى ان سعر النفط الخام العربي الخفيف ارتفع بمعدل 22% خلال عام 2006 بعد أن سجل ارتفاعاً بمعدل 45.5% في عام 2005. وبلغ متوسط سعر النفط الخام العربي الخفيف في عام 2007 حوالي 68 دولاراً للبرميل.

وقال إن أبرز العوامل التي أثرت على توازن أسعار النفط في عام 2007 هي الطلب القوي المستمر من دول آسيا بالإضافة إلى عدم وفاء الدول المنتجة الأخرى خارج أوبك بالطلب للسنة الثانية على التوالي، وأخيراً التزام دول أوبك باتفاقيات تحديد الإنتاج مما أدى لتقلص المخزون، وأضاف أن تعاظم المخاطر نتيجة للتوتر السياسي بالمنطقة يعزز اتجاه ارتفاع أسعار النفط.

وأوضح الشيخ أمام مؤتمر الأسمنت الثاني لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا إن العوامل التي يمكن أن تعزز اتجاه انخفاض أسعار النفط ظهور بوادر تباطؤ في الاقتصاد العالمي واعتدال المناخ وبناء مخزونات مريحة، مشيرا الى أن الزيادة في أسعار النفط على امتداد الفترة من عام 2002 إلى 2007 اتسمت بطبيعة التدرج وطول الأمد وهذا على عكس الزيادة في الفترة من عام 73- 1974 وكذلك في الفترة ما بين عام 79- 1980 التي انحصرت في مدى زمني وجيز وأعقبها ضعف في سوق النفط.

وأبان الشيخ أن المجموع التراكمي لعوائد النفط لدول مجلس التعاون خلال الفترة من عام 2002 إلى عام 2006 بلغ حوالي 1.6 تريليون دولار، وتجاوزت الإيرادات النفقات إذ بلغ فائض الحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي 31.4%.

وأضاف أن الفائض المالي في الخليج عام 2006 بلغ حوالي 171 مليار دولار محققاً نسبة 24% إلى الناتج المحلي الإجمالي، وقال إنه على الرغم من زيادة وتيرة إنفاق حكومات دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصاً الإنفاق الرأسمالي، إلا أنها حرصت على توجيه ما تبقى من هذه الفوائض المالية إلى سداد الدين العام وتعزيز الأصول الخارجية. وعلى سبيل المثال، تراجعت نسبة الدين العام المحلي إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة إلى 28% في عام 2006 بعد أن وصلت إلى مستوى 90% في عام 2002.

وأشار كبير اقتصاديي البنك الأهلي إلى أن اقتصاد دول مجلس التعاون شهد نمواً بمعدل 14% في عام 2006 وأرجع أسباب ذلك إلى أسعار النفط القياسية والانفاق الحكومي المستمر والنمو القوي في القطاع الخاص حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس 735 مليار دولار في عام 2006، مقترباً مع مستوى اقتصاديات كبيرة مثل المكسيك التي بلغ الناتج المحلي الإجمالي فيها 810 مليارات دولار وأستراليا 745 مليار دولار وهولندا 665 مليار دولار. ومن حيث التوزيع ما بين دول الخليج، سجلت السعودية أكبر حصة بنسبة 51%، تليها دولة الإمارات بحصة 22%، ثم الكويت بحصة 13%.

وعلى الرغم من أن خطط التنمية في الخليج ركزّت خلال العقود الثلاثة الماضية على التنوع الاقتصادي، إلا أن اقتصادياتها لا زالت تعتمد بشكل أساسي على النفط، حيث توقع د.الشيخ أن يستمر هذا الوضع على المدى المتوسط.

وذكر أن حصة القطاع النفطي من الناتج المحلي الإجمالي في السعودية تراجعت بالأسعار الثابتة من 33% في عام 1995 إلى 28% في عام 2005، حيث إن حصة القطاع النفطي بالأسعار الجارية بلغت 48% أي ما يقارب نصف الناتج المحلي الإجمالي الكلي. وفي الإمارات زادت حصة القطاع النفطي من الناتج المحلي بالأسعار الثابتة إلى 28% في عام 2005، حيث إنها لا تزال مرتفعة عند مستوى 35% بالأسعار الجارية، هذا في حين أن حصة التصنيع بما فيه تكرير النفط لا تتجاوز 13% بالأسعار الجارية.

وبلغت حصة القطاع النفطي من الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر 63% ودولة الكويت 42% بالأسعار الثابتة في عام 2005 حيث كانا الأقل تنوعاً في مجلس التعاون الخليجي. وذكر أن اقتصاد البحرين يتمتع بأكبر قدر من التنوع بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، إذ بلغت حصة قطاع النفط من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة 11% في عام 2005، وتأتي سلطنة عُمان في المرتبة الثانية بعد البحرين من حيث تنوع الاقتصاد، حيث بلغت حصة قطاع النفط من الناتج المحلي الإجمالي 26% بالأسعار الثابتة.

وأضاف أن صافي تكوين رأس المال الثابت لدول الخليج اتخذ مؤخراً توجهاً تصاعدياً حيث بلغ 104 مليارات دولار في عام 2005 بعد أن كانت حصة الاستثمارمن الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2001 متواضعة عند مستوى 18% مقارنة مع نسبة 40% في الصين، وقد جاء هذا التصاعد مرتكزاً على نمو الانفاق الحكومي وعلى نحو خاص في السعودية والإمارات وقطر، مدعومة بأقوى روافد الطلب على الاستثمار في دول الخليج الذي تقوم به حالياً شركات النفط والبتروكيماويات بالمنطقة مثل شركتا أرامكو وسابك في السعودية، بالإضافة إلى موجة الطفرة العمرانية التي بدأت بوادرها مثل (المدن الاقتصادية) في السعودية التي حفزت شركات تصنيع الأسمنت وغيره من مواد البناء لاستثمارات كبيرة في توسيع قدراتها.

وأشار كبير اقتصاديي البنك الأهلي إلى أن الاستثمار في البنى التحتية كالطرق والمطارات والجامعات والمستشفيات والمناطق الصناعية شكل أكثر من 50% من إجمالي الإنفاق الإستثماري حيث بلغ حوالي 828 مليار دولار. كما بلغ الاستثمار المخصص على المنشآت الأمامية لقطاع النفط والغاز 332 مليار دولار وتوقع أن يتجاوز حجم الزيادة في المنتجات النفطية 5 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2010، وأوضح د.الشيخ أن ذلك يدل على أن النفط والغاز لا يزالان يشكلان المصدر الرئيسي لإيرادات حكومات دول الخليج. وأضاف أن قطاع البتروكيماويات يشهد حجم ضخم من الاستثمار يقدر بحوالي 164 مليار دولار مما سيعزز استفادة دول الخليج من الكلفة المتدنية للطاقة والتلقيم.

وفي سبيل التغلب على اختلال توزيع التنمية بين مناطق المملكة ذكر د.الشيخ أنه تم الإعلان مؤخراً عن قرار إنشاء ست مدن (اقتصادية) ضخمة.

وأضاف قائلاً إنه من المثير للانتباه أن جميع تلك المدن تتركز في المناطق الغربية والشمالية والجنوبية الفقيرة نفطياً، بالإضافة إلى جانب تركيزها على الصناعات التي تعتمد على الطاقة فإنها أيضاً تركز على قطاع الخدمات، الأمر الذي من شأنه أن يوفر الكثيرمن الوظائف مقارنة بالمدن الصناعية القائمة حالياً في الجبيل وينبع.

وتوقع أن تضيف دول مجلس التعاون الخليجي 9.5 مليون طن لإنتاجها من الإيثلين على امتداد الفترة بين عامي 2008 و2010، أي ما يمثل حوالي 35% من الزيادة في المعروض العالمي المتزايد. وقال إنه بمقدور دول الخليج أن تتحول إلى التنويع الأفقي لاقتصادياتها إذ أن مشتقات البتروكيماويات مثل البلاستيك وصناعات الصلب والألمونيوم بالإضافة إلى الماء والطاقة تمثل أحد مدخلات الإنتاج الأساسية في صناعات السيارات والمركبات والسلع المعمرة والإلكترونيات.

وفي جانب إصدارات الأسهم الأولية للجمهور قال كبير اقتصاديي البنك الأهلي ان الفترة ما بين عام 2003 وحتى نهاية التسعة أشهر الأولى من عام 2007 شهدت طرح أكثرمن 235 إصدارا أوليا للجمهور بدول الخليج حصلت من خلالها ما يربو على 61 مليار دولار. وقد حققت دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر عدد وقيمة من الإصدارات الأولية للجمهور حيث سجلت 69 إصدارا و20.3 مليار دولار.

وحول عملية تحرير الاقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي أشار إلى أن دول الخليج شهدت تسارعاً خلال الأعوام القليلة الماضية خصوصاً في المملكة. كما تم مؤخراً ترخيص 14 بنكا أجنبيا في السعودية والكويت منذ عام 2005، حيث تم تحرير المصرفية الاستثمارية في المملكة بمنح أكثر من 60 ترخيصاً، هذا بالإضافة إلى تكوين تحالفات جديدة ومؤسسات مشتركة مع بنوك استثمارية عالمية.

وأكد د.الشيخ أن مجمل هذه التطورات تصب في مجرى توفير الحلول المالية المنشودة لتمويل المشاريع العملاقة بدول مجلس التعاون الخليجي.

وأضاف أن انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية أدى إلى تسريع وتيرة الاندماج في الاقتصاد العالمي، واستطرد قائلاً ان العولمة المالية بدت ظاهرة للعيان من خلال عده عوامل أهمها تسارع تدفق رأس المال الأجنبي المباشر إلى داخل البلاد حيث ارتفع بحدة خلال الأربعة أعوام الماضية ليبلغ 18 مليار دولار في عام 2006، بالإضافة إلى تحسن درجة تصنيف الدولة، الأمر الذي مكّن البنوك السعودية من الوصول بسهولة إلى أسواق التمويل العالمية وبأسعار معقولة، وأخيراً تزايد رغبة المؤسسات المالية الأجنبية في تمويل المشاريع المحلية خاصة في مرافق تصنيع البتروكيماويات.

وتطرق كبير اقتصاديي البنك الأهلي إلى المخاطر التي تهدد موجة الإنتعاش الاقتصادي الراهنه حيث أشار إلى أنها مخاطر خارجية في معظمها وتشتمل على احتمالات تباطؤ الاقتصاد العالمي في عام 2008 نتيجة لمخاطر الانكماش التي يواجهها اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية الناتجة عن أزمة الائتمان المرتبطة بالرهونات وأيضاً معاناة منطقة اليورو من قوة اليورو، الأمر الذي سيضعف قطاع الصادرات والطلب على النفط، بالإضافة إلى التوتر السياسي الجغرافي خلال عام 2008 خصوصاً تلك التي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران حول المسألة النووية واستمرارية تقلب أسعار النفط.

واختتم د.الشيخ حديثه قائلاً إن المخاطر الداخلية أو بالأصح التحديات التي تكمن في تنويع الموارد الاقتصادية والعوامل السكانية تشتمل على استمرارية اعتماد دول مجلس التعاون الخليجي على أسواق النفط المتقلبة واستمرار ارتفاع معدل التضخم نتيجة لضعف الدولار الأمريكي، وأيضاً السياسة النقدية لدول المجلس بعد خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفدرالي، بالإضافة إلى الاعتماد المتزايد على العمالة الوافدة مع ارتفاع معدل البطالة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد