يبدو أننا مغرمون بالطابور كتقليد عربي قديم توارثناه في حياتنا التعليمية مما هو غير تعليمي كالانضباط في المشية العسكرية مع إيقاع التصفيق حتى وإن قيل إن فيه من روح الرياضة وتحريك الدورة الدموية وما إلى تلك التصورات.
فالمستغرب في هذا التقليد أنه بقي صامداً وظل الدفاع عنه شرساً لكي يبقى على حاله منذ عقود لأسباب غير معروفة رغم عدم جديته وجدواه، وتناقض صوره من منطقة إلى أخرى، فهو الشأن المدرسي الذي تدخل فيه الكشافة على الخط إضافة إلى أن هناك من يشد أمر هذا الطابور إلى ما يزعم أنها ضرورات تربوية.
أما أن يكون الطابور الصباحي في مدن شمالية قاسية الطقس ببرودة هائلة وتصر الإدارة المدرسية في تلك المناطق على أدائه فهذه عين المعاندة والمكابرة، وإلا ما المجدي في ممارسة هذا الطابور في ظل عدم جاهزية المدارس لمثل هذا الأداء فحينما يكون الطالب منهكاً ولا يملك وسائل تدفئة ولا يلبس جيداً لظروف المعيشة ولا حتى تناول أية وجبة صحية دافئة تقيه الجوع كما يفعل أهل المدن من ذوي الجيوب الدافئة.
وإمعاناً في هذا التقليد، ومواظبة على أدائه فإن البنات في مدارسهن ينتظمن في هذه الطوابير أيضاً إلا أنه يحذف منه الجانب الرياضي في تناقض واضح، فلم نجد له أي مبرر قد يحقق الهدف المنشود، فلو نظرنا إلى الكتب والمناهج نجدها وقد تغيرت إلى حد ما إلا أن هذا الطابور العجيب لم يتغير، بل إنه يقدم أحياناً بغلظة وقسوة من قبل بعض المدارس.
فليت الجهات في التربية والتعليم تكف عن هذا التقليد الطابوري القديم أو تطور أسلوبه أو حتى تؤجل أداءه في بعض المناطق لا سيما في فصل الشتاء القارص الذي تنخفض فيه الحرارة إلى ما دون الصفر بكثير.
Hrbda2000@hotmail.com