Al Jazirah NewsPaper Monday  14/01/2008 G Issue 12891
الاقتصادية
الأثنين 06 محرم 1429   العدد  12891
رؤية اقتصادية
الهيئة العامة للإسكان: لا تغفلوا عن الإسكان التعاوني!
د.عبدالله البريدي

تخطى التفكير التقليدي في حل المشاكل والأزمات مهارة يجب أن نتقنها جميعا، وبإزاء مشكلة توفير المساكن تؤكد الدراسات والاستشارات القائمة على استشفاف الممارسات العملية للمؤسسات العربية والأجنبية المعنية بالإسكان على أن الحكومات بمفردها لا تستطيع أن توفر المسكن لكل مواطن، كما تتفق نتائج البحوث والدراسات في هذا المجال إلى أنه يصعب أيضا أن يتحمل القطاع الخاص المسؤولية كاملة، وأن تلك المنظومة لا تكتمل إلا بدور جمعيات الإسكان التعاوني، بشرط أن تعمل هذه الجمعيات من خلال إستراتيجية وأنظمة تتوافق مع رسالتها وأهدافها، مع تقديم برامج مبتكرة تراعي الجوانب الفنية لنجاح المشروع الإسكاني وفق تفضيلات الشرائح المستهدفة. وتنتشر تلك الجمعيات في العديد من الدول العربية والأجنبية فمثلا يتواجد في مصر 2000 جمعية بأعضاء يصلون إلى مليونين.

وكمنعطف هام في تاريخ الإسكان، تم تأسيس الهيئة العامة للإسكان بناء على قرار مجلس الوزراء الموقر بتاريخ 22-4- 1428هـ، وفي شهر شعبان 1428هـ وافق المجلس على تنظيم الهيئة مع نقل المهمات المتعلقة بإستراتيجية الإسكان من وزارة الاقتصاد والتخطيط إلى الهيئة العامة للإسكان، مع مطالبتها بإعداد قاعدة معلومات إسكانية وإعداد الدراسات والأبحاث الإسكانية ونقل مهمات الإسكان الشعبي من وزارة الشؤون الاجتماعية إلى الهيئة. وتهدف الهيئة العامة للإسكان إلى توفير السكن المناسب وفق الخيارات الملائمة لاحتياجات المواطنين والعمل على زيادة نسبة تملك المساكن وتقوم الهيئة في سبيل تحقيق أهدافها بإعداد الإستراتيجيات الإسكانية الشاملة وتحديثها وتطويرها وإعداد اللوائح والسياسات والتنظيمات الخاصة بنشاط الإسكان واقتراح التعديلات عليها وتحديد فئات المستحقين من برامج الإسكان الشعبي والخيري.وهنا نجد أن الإسكان التعاوني لم يرد فيما تم الإفصاح عنه من تنظيم الهيئة العامة للإسكان، الأمر الذي يبقي السؤال مفتوحا عن حجم رعاية الهيئة لهذا اللون من الإسكان، مما يجعلنا نشدد في هذه المرحلة الحرجة التي تعد فيها التشريعات التنظيمية التفصيلية لقطاع الإسكان من خلال الهيئة، حيث يجب أن يكون الإسكان التعاوني ضلعا رابعا للإسكان بجانب الأضلاع الثلاثة: الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص والإسكان الشعبي والخيري. ويتأكد ما سبق حين ندرك بأن البيئة القانونية والإطار التنظيمي لجمعيات الإسكان التعاوني تعد أحد أهم مصادر الخطأ والخطر الذي يهدد قدرة تلك الجمعيات على تحقيق أهدافها وتنفيذ مشاريعها، نظرا لاتساع نطاق وأبعاد تلك البيئة القانونية، مما يثير تساؤلات حول مرجعية تلك الجمعيات، فهل ترجع إلى وزارة الشؤون الاجتماعية - كما هو قائم الآن - أما للهيئة الجديدة، أم لهما معا وفق توصيف محدد. أي أننا نطالب بدعم الإطار القانوني والتنظيمي للإسكان للعمل التعاوني من خلال إيجاد حزمة من التشريعات والإجراءات التي من شأنها دعم الإسكان التعاوني ماليا وتنظيميا وفنيا بما في ذلك تخصيص أراض لإقامة مشاريع الإسكان التعاوني وتأسيس صناديق للإسكان التعاوني على المستوى الوطني (كأن يكون تابعا للهيئة العامة للإسكان) وعلى المستوى المؤسسي (أي على مستوى الجهات الحكومية والخاصة).

ويجب أن تضمن التشريعات الجديدة إيجاد آليات (أو كيانات) موازية للآليات والكيانات الأخرى الحكومية والخاصة المعنية بعملية الإسكان، على أن تكون تلك الآليات التعاونية لها من المقومات ما يمكنها من تحمل قدر من عبء الخطة الوطنية لتوفير المساكن المطلوبة من جانب، وتدعم السلوك التعاوني من جانب آخر وتوفر قدرا من التنافس الهادف الذي يساهم في ترشيد أداء القطاع الخاص من جانب ثالث.

وفي هذا السياق نشدد على ضرورة مراعاة المعوقات التي قد تواجه جمعيات الإسكان التعاونية، حيث تشير التجارب العربية والأجنبية في مجال الإسكان التعاوني إلى أنها مرشحة لمواجهة العوائق التالية:

1- ضعف الدعم المالي الرسمي من الحكومة للجمعيات.

2- ضعف قدرة الجمعيات على توفير متطلبات واشتراطات الاستفادة من التسهيلات المالية والعينية والمزايا النظامية والإجرائية التي أقرتها الدولة.

3- ضعف مساهمات البنوك في الدعم المالي للجمعيات.

4- نقص الخبرة الفنية والإدارية لدى أعضاء مجلس إدارة الجمعيات.

5- ضعف أو عدم توافق ثقافة أعضاء الجمعيات بشأن دورها والضوابط والقيود التي تعمل من خلالها.

ولعله من الملائم أن نختتم هذا الموضوع بالتذكير بأنه قد تم تأسيس أول جمعية للإسكان التعاوني على مستوى المملكة في مدينة بريدة قبل نحو سنة، مع رجائنا بأن تكون تلك الجمعية نواة مشجعة للعمل التعاوني في مجال الإسكان الذي ينتظر الدعم والتشجيع.

* قسم إدارة الأعمال - جامعة القصيم



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد