Al Jazirah NewsPaper Wednesday  30/01/2008 G Issue 12907
الاربعاء 22 محرم 1429   العدد  12907
يارا
عبد الله بن بخيت

يبدو أن حماس المتحمسين للهيئة لم يخف بعد. ولكن من الواضح أن نظرتهم اتضحت. تطور رأيهم في الهيئة يشبه تطور نظرتهم لسياقة المرأة. اعترفوا في النهاية أن جهاز الهيئة جهاز حكومي يتفق في بعض نواحيه مع توجهاتهم المحافظة. تخلوا عن الرهبة الدينية التي كانوا يضفونها على هذا الجهاز. عندما تقرأ رأيهم عن سياقة المرأة ستلاحظ نفس الشيء. كانوا يتذرعون بتحريم السياقة وعندما اكتشفوا أن ممانعتهم لا صلة لها بالإسلام انقلبوا يدافعون عن رأيهم مرة بالزحام ومرة بضعف المرأة حتى أن ذوي القلوب الطيبة منهم اكتشفوا أن سياقة المرأة للسيارة ستكبد الآباء مصاريف باهظة. فسخوا الرداء الديني وعادوا إلى الدافع الأساسي لهم وهو تحجيم دور المرأة. أجبرتهم الحجج الإنسانية والدينية على كشف القناع. هذا التحول سيسر كل المسلمين حتى لا يقحم الدين في التجادلات الدنيوية. أخطر شيء على القيم الدينية والمصالح الدنيوية أن يشرعن المحافظون آراءهم بالدين.

في كل مرة أتحدث فيها عن الهيئة تصلني رسائل احتجاج محافظة متلفعة برداء ديني. تقول بعض الرسائل: (يا أخ عبدالله الشريعة جاءت بحفظ الأعراض وصيانتها لذلك شرع للمرأة المحرم، فرجال الهيئة وغيرهم من أبناء هذا الوطن يريدون حماية المرأة المسلمة من العابثين بأعراض المسلمين، فاعتراضهم مبني على أساس ديني ومستند شرعي وهذه البلاد المباركة دستورها كتاب الله، ورأيك بنيته على مستند؟ فأتمنى أن تعي ذلك وأسأل الله لنا ولك الهداية وأن يسخر الله قلمك وفكرك لخدمة هذا الدين ونصرته والدفاع عنه.. آمين). وتقول أخرى: (هل تحب أن تشيع الفاحشة في بلدك؟ راجع نفسك قبل غرغرة الروح).

بدأت تتدنى نسبة هذا النمط من الرسائل أمام الرسائل الأخرى التي تكشف عن التوجه المحافظ. التوجه الذي بدأ يفقد قدرته على التحجج بالدين لتمرير آرائه ومواقفه. من رسائل الأكثرية التي تعبر عن الروح المحافظة. تقول رسالة: (أتمنى أعرف رأيك بخصوص سكن المرأة وحدها في الفنادق، وهل أنت مؤيد لهذا القرار مع أقربائك؟)، وتقول رسالة أخرى: (متر الهيئة ولا رتم فكرك)، وأخرى تقول: (ليتك تتركنا في حالنا معشر النساء وتشغل نفسك بقضايا أخرى فلسنا في حاجة دفاع سفيه مثلك). تقول رسالة: (أتمنى يا ابن بخيت أن تترك الهيئة وحالها لأن الهيئة جهاز حكومي وهو غير محتاج لك ولا من شاكلتك، وثاني شيء القرار لم يطبق حتى تفرح وتقرع الطبول). طبعاً هناك رسائل أخرى تنضح بالعنصرية والعدائية.. لا أريد أن أجرح مشاعركم بنشر شيء منها. هذا مؤشر دقيق على أن ما يدور من نقاش هذه الأيام حول الهيئة وحول المرأة هو في الواقع نقاش بين الليبراليين وبين المحافظين ولا علاقة له بالدين لا من بعيد ولا من قريب.

فاكس 4702164


Yara.bakeet@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد