Al Jazirah NewsPaper Wednesday  30/01/2008 G Issue 12907
الاربعاء 22 محرم 1429   العدد  12907
الميثاق الدولي لوقت الفراغ بين الإنتاجية والجريمة
د.إبراهيم بن أحمد الضبيب

تختلف الدراسات والاتجاهات في تعريف وقت الفراغ المركب من كلمتين تعني الزمن الذي يخلو الإنسان فيه من العمل، فهناك اتجاه يرى أنه (وقت اكتساب القيم حيث إن الفرد يقوم بعملية اختيار للنشاط الذي يقوم به) على اعتبار نشاط يستمتع به الفرد وذلك بتركيز على الكيفية التي يقضيه فيها وليس الكم، ومنها من يجمع بين الكم والكيف ويعرفه (بالوقت الذي يكون الفرد حرا من العمل والواجبات الأخرى والذي يكون مفيدا للاسترخاء والتسلية والتكوين الاجتماعي والنمو الشخصي)، وأخيرا ترى بعض الدراسات أن وقت الفراغ هو (الوقت الحر المتبقي بعد الانتهاء من أداء المناشط الأساسية في حياة الفرد) حيث يركز هذا الاتجاه على الوقت الفائض بعد استثناء وقت العمل وواجبات الحياة مثل النوم والأكل والضروريات الحياتية وهو قريب من تعريف صانعي الميثاق الدولي للفراغ الذي أقر عام 1970م من ستة عشر منظمة دولية حيث رأوا أن وقت الفراغ (ذلك الوقت الذي يكون للفرد فيه حرية التصرف الكاملة في شغله وذلك بعد انتهائه من عمله ومسؤولياته الأخرى) ويرى المفكر الإسلامي جمال سلطان أن الأصل في حياة المسلم أنه لا يوجد فيها وقت فراغ باعتبار الوقت أو العمر في حياة المسلم ملك لله، والإنسان ليس إلا مستخلف فيه فحياة المسلم عبادة فهو مطالب باستغلال الوقت كله في عبادة الله وليس كما يفهمه البعض بأن وقت العبادة هو أداء أركان الإسلام وغير ذلك من الأفعال التعبدية فقط.. وما تبقى من الوقت فهو وقت فراغ.. ورغم اختلافنا واتفاقنا النسبي مع بعض هذه التعريفات والرؤى إلا أن هذا المصطلح المركب يتطرق له المتعلم والمثقف والأمي في حديثه سواء على المستوى التنظيمي أو النصح الموجه للأبناء أو النقاشات العابرة وهو المصطلح الذي يشعر بأهميته كل إنسان مهما ادعى أنه مشغول ولا يجد لديه أي وقت فارغ يستطيع أن يستمتع به وعكس هذا المصطلح شماعة (غير فاضي) التي يعلق عليها كل محبط فشله في تربية أبنائه وفشله في تحقيق أهدافه الترويحية أو الاستمتاع بما أفاء الله عليه من مال ووقت الفراغ مطلب إنساني من خلاله يستطيع الشخص أن يتقوى على أداء الواجبات الأخروية والحياتية على أكمل حال.. فلنتصور أن الأسبوع لا يتخلله إجازة أو أن اليوم ثمانية عشر ساعة عمل وست ساعات نوم ومدى انعكاس ذلك سلبا على الإنتاجية الوطنية وصحة الإنسان وهذا المصطلح سلاح ذو حدين حد يستخدمه البشر للترويح عن أنفسهم لكي يستمتعون بما أعطاهم الله من وقت وصحة ومال لتجديد نشاطهم لزيادة إنتاجهم والحد الآخر يستخدمه البعض في سلوكيات منحرفة كتجمعات غير صحية أو سهر على محذور شرعي أو نظامي أو سلوك مضر بالصحة والشخصية.. وهذا الحد عادة ما ينتج عنه انحرافات سلوكية وفكرية تنعكس على الاستقرار الاجتماعي وفق أنماط انحرافية مختلفة تولد منها الجريمة في المجتمع ولكون وقت الفراغ وقت حر للفرد له حرية التصرف فيه بعد انتهائه من واجباته وأعماله المناطة به وقضائها بالأنشطة الترويحية سواء كانت رياضية أو ثقافية أو فنية.. إلخ، بحيث لا تخضع لسن الفرد أو جنسه أو مستواه الاجتماعي أو الثقافي وكما ذكرنا ينعكس ذلك إيجابيا على قدرات الفرد الذهنية والجسمية وتزيد من روح الإبداع والشعور بالإنسانية كفرد منتج ولأهمية استغلال وقت الفراغ للحد من الجريمة أصبح هناك اتفاق عالمي على أهميته، مما نتج عن ذلك ميثاق دولي للفراغ عام 1970م ومن أبرز ما ورد في هذه البنود:

المادة 1: لكل إنسان الحق في أن يكون له وقت حر يتضمن هذا الحق تحديد عدد ساعات عمله ومنحه إجازة منظمة مدفوعة الأجر.

المادة 2: إن من حق الفرد الاستمتاع بوقت الفراغ بحرية تامة يعتبر حقا مطلقا يجب حمايته.

المادة 3: لكل فرد الحق في استخدام منشآت أوقات الفراغ المخصصة للناس.

المادة 4: من حق كل فرد أن تهيأ له سبل ممارسة الأنشطة الترويحية في أوقات فراغه.

المادة 5: يجب أن تكون مهمة الهيئات المسؤولة من مخططين ومهندسين وهيئات خاصة العمل على توفير الإمكانات اللازمة لممارسة الأنشطة الترويحية.

المادة 6: لكل فرد الحق في تعليم واكتساب المهارات الترويحية حتى يتمكن من استثمار وقت فراغه.

المادة 7: إن مسؤولية التربية لأوقات الفراغ لا تزال موزعة على مجموعة من المؤسسات والهيئات.

ومن هنا تأتي مسؤولية الدولة في استغلال وقت الفراغ وتهيئة الأماكن الخاصة بذلك مثل الساحات والمراكز الرياضية الحكومية والخاصة وفتح أبواب النوادي الرياضية للاشتراك لكافة المواطنين إضافة إلى فتح المنشآت الرياضية والمكتبات العامة للمواطن وتشجيع القطاع الخاص في الاستثمار بمجال الترويح وذلك لاستغلال وقت فراغ المواطن على مختلف أعمارهم للحد من الجريمة وزيادة الإنتاج الوطني.



Drdhobaib@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد