Al Jazirah NewsPaper Thursday  13/02/2008 G Issue 12921
الاربعاء 06 صفر 1429   العدد  12921
مركاز
مستر بورصة!
حسين علي حسين

مشكلتنا هناك أسماء كثيرة في حياتنا خرجت من خانة أسماء الإعلام إلى أسماء الأشياء، ومن ذلك أسماء (السندوتش) التي تنسب إلى (الكونت دي سندوتش)، و(وات) وهي وحدة قياس كهربائية نسبة إلى عالم الطبيعيات الأسكتلندي (جيمس وات)، و(فولت) وهي أيضا وحدة قياس كهربائية نسبة إلى عالم الطبيعيات الإيطالي (فولتا)، وغير ذلك من الأسماء التي ذكر بعضها العديد من الكتاب (كلام العرب - د. حسن ظاظا) وسوف أترك كل هذه الأسماء، لأبقى مع اسم واحد اخترقنا حديثا، كما تخترق السهام الجسد، دون أن يكون مستعدا لها، وهذا الاسم هو (البورصة) أو سوق الأوراق المالية، التي نقلت بعض الناس إلى القمة، وأكثر الناس إلى الحضيض، وليس هناك حضيض ينزل إليه الإنسان، أكثر من تنازله عن بيته وسيارته ومدخراته، ليكون من ريع ذلك، رجلا ثريا، فيشتري قصرا بدلا من الفيلا وأسطول سيارات بدلا من سيارة واحدة، وجيشا من الخدم والحشم بدلا من خادمة واحدة، ورحلات إلى بالي وباريس وهوليوود ولندن وجزر الكاريبي وسويسرا، بدلا من الطائف وأبها وجدة والدمام، لكن هؤلاء في الغالب، استحوذوا على السنارة قبل أن يتعلموا الصيد، فضاعت السنارة والسمك معا، وهؤلاء بالتأكيد سيجد لهم السيد (دلا بورصة) الذي رحل من (البندقية) في إيطاليا، إلى مدينة (روج) في بلجيكا، حيث أنشأ لحسابه الخاص، سوقا للأوراق المالية، حملت اسمه، وما لبث هذا اللون من التجارة أن تمدد في الدول الأوروبية وأمريكا، وتلك التي تدخل تحت جناحها أو حمايتها مثل جنوب إفريقيا والهند، ومع الزمن تحول اسم دلا بورصة إلى علم، ولعل أقل الناس علما بهذا الرجل، هم الذين يجلسون بالساعات أمام الشاشة العريضة، لمتابعة الأسهم والأوراق المالية والسندات، وهي تتقافز أمامهم، والرابحون سوف يرفعون القبعة لهذا التاجر الذكي، أما الخاسرون وما أكثرهم، فسوف يصبون عليه اللوم واللعنات، أما أنا فإنني أغبطه، وهو يرقد آمنا في قبره، فقد دخل التاريخ من أوسع أبوابه، مثله مثل سقراط وأديسون وأينشتاين!!

وأبقى أمام الشاشة يوميا، من الحادية عشرة صباحا وحتى الثانية عشرة والنصف، فهذا حقها وحقي، فعلى قدر ما نأخذ سوف نعطي، أمام شاشة البورصة ومكتب الوظيفة، بل بعضنا يعطي أقل ما يأخذ، وهناك من يأخذ ولا يعطي، وهذا غالبا موظف واسع النفس والعين والذمة، لكنني حطاب يبحث عن حطب أضاعه أمام الشاشة، التهمه لهيبها، أجلس أمامها يوميا، لعلني ألمح حطبة فآخذها في الجيب، فهو قليل من كثير ضاع في بطن الشاشة الذي يشبه المحيط. ورغم أنني أؤمن تماما بأن من سكب الماء يجب أن لا يبكي عليه، إلا أنني آمل، بأن يخرج لي الماء من جديد، حينذاك ربما أكون قد وعيت الدرس!

متى يحل مستر بورصة لدينا؟ متى تتسع مساحة الشفافية من شركات باتت تبيع الفسيخ على أنه شربات، وحالما يبدأ تداول الأسهم يكتشف المشتري أو المساهم المقلب!

هيئة سوق المال الجديدة، يجب أن تكون سندا لنا، ولا علينا، على الأقل حتى نشب عن الطوق، وندرك معنى الاستثمار والمضاربة، فلا نحول الشاشة إلى ساحة لمصارعة الثيران، القوية والشرسة والهشة، والأخيرة نقبل عليها كثيرا ننفخها تماما، لتنفجر في وجوهنا، حين ذاك يرتفع صياحنا، مع أننا من نفخ ومن أخذنا جزاء نفخنا في كائن هش وناطح عند اللزوم!

مستر بورصة، نحن في انتظارك!!

فاكس:012054737


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5137 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد