Al Jazirah NewsPaper Thursday  13/02/2008 G Issue 12921
الاربعاء 06 صفر 1429   العدد  12921
المرأة بين ثقافة الجسد وثقافة العقل
د. عبدالله بن سعد العبيد

كنت قد هممت بجمع أفضل ما قالته العرب في النساء إدراكاً مني بدور المرأة المهم والمؤثر على مر العصور، وهنا أقصد أفضل ما قيل في وصف ذكاء وقدرات وإمكانات النساء وليس جمالهن.

وقد هالني الكثير من المدح والتبجيل لمنجزات قمن بها على مر العصور وفي مختلف مناحي الحياة، يندر وجودها الآن. بل إنني أدركت أننا نهرول بخطى سريعة نحو ثقافة الجسد التي تعتمد الإغراء مبدأً وتقليد الشخصيات الغربية نهجاً عبر حركات مقلدة للتقنية الغربية في جميع المجالات وعلى مرأى ومسمع الجميع عبر وسائل الإعلام المختلفة.

فالغرب الذي يبدع في الصناعات الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة والتنمية الشاملة يمتلك تياراً يتماشى مع تلك التطورات بصناعات أخرى أضحت رديفاً لتلك التطورات، أي أن تلك المحاسن التي تخدم الجنس البشري يقف إلى جانبها تيار يجعل من فنها هبوطاً للقيم الإنسانية، فمن هذه الفنون الهابطة وتلك الصناعة القيمة تتساوى كفتا الميزان عندهم.

أما نحن كعرب، فتنميتنا معطلة، وعقولنا مجمدة، ومبدعونا مهمشون من قبلنا، وأراضينا مغتصبة، ومقدساتنا منتهكة، وإلى جانب كل هذا التخلف والانحطاط تسير عجلة ثقافة الجسد في بلادنا أكثر مما ينتجه غيرنا في مجالات التنمية والتقنية.

فالصحافة التي تخاطب شقائق الرجال تدغدغ عقولهن بأمور سطحية لا تجدي نفعاً ولا تبني صلاحاً وجميع ما بها وما يروج لها وما يكتب فيها يتعلق بالأزياء التي تبرز المفاتن وتزرع الفتنة في المجتمعات المحافظة من تجميل البشرة إلى تلوين القزحة إلى عمليات تجميل الجسد والليزر والوشم، في تقليد أعمى للمرأة الغربية، التي غالباً ما وقعت تحت شعار التحرر في مستنقع الرذيلة، ولم تعد سوى وسيلة لإشباع الغريزة الجنسية غير المشروعة، ووسيلة إعلامية رخيصة بأيدي مروجي الثقافة الغربية الهابطة.

فالقوى الإعلامية الغربية وأجهزة الدعاية المنقادة لها تحاول المستحيل لفرض ثقافتها الملوثة العفنة الموبوءة بأمراض التحلل والشذوذ على دول العالم الثالث.

وتشهد الآن الأوساط الاجتماعية والفنية العربية لوناً جديداً من ألوان الثقافة الهابطة عبر برامج مسابقات أضحت أكبر أهمية وحظوة من جوائز نوبل من حيث الدعاية المرئية والصحافة المسموعة وقنوات البث الفضائي.

ففي الوقت الذي نحن بحاجة ماسة فيه إلى هذه الإبداعات الناشئة والطرية والتي تختزن في مضمونها آفاقاً واسعة من الابتكارات والإنجازات، تأتي هذه النوعيات من الثقافة التي تذوب عقول الشباب وتذهب بهم بعيداً عن كل ما يمكن أن يفيد.

بل إن كثيراً من تلك الهجمات الشرسة أصبح هدفها بعد عقول الشباب ذكوراً وإناثاً، أصبح هدفها لغتهم العربية، فتجدها تخاطبهم بلهجات ركيكة مائعة مستأنثة لم تعهدها الأجيال السابقة، ولم تكتفِ فقط بمخاطبتهم عبر برامج حوارية بتلك اللهجات الاشمئزازية بل إنها ذهبت لأقبح من ذلك عبر كتابتها والتباهي بها في مقدمات ونهايات البرامج، حتى بات كثير من شبابنا يتفاخرون في إدخال بعض المصطلحات المحلية الغريبة في أحاديثهم إيماناً منهم أن في إتقانها أو حتى إدخالها على لغتنا نوع من التقدم والازدهار ومحاكاةً للطبقات المتطورة.

أعود لطرح ذات السؤال، من المسؤول عن ذلك؟ من المسؤول عن إشغال فتياتنا في ما لا يفيدهن ويطفئ شمعة الإبداع والابتكار لديهن، من المسؤول عن إبقاء شبابنا أمام شاشات التلفاز بشغف لمشاهدة تلك البرامج الهابطة.من المسؤول؟

والله من وراء القصد،،،،



dr.aobaid@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد