Al Jazirah NewsPaper Thursday  13/02/2008 G Issue 12921
الاربعاء 06 صفر 1429   العدد  12921
شاعر الأطفال (الكبير)
محمد الدبيسي

وقد تهيأت (العشرة) الأولى من العمر للانصرام..

** .. كان قد روى ذائقتنا بفتنة (النشيد)..

(نشيداً) ندي المطالع.. حميم الإيقاع..

(المدينة المنورة).. مبتدأه ومنتهاه..

زخم من المعاني لا ينفد.. تاريخها ومعالمها..

تراثها وإرثها الحضاري.. أوديتها ونخيلها..

مساجدها وجبالها.. ثقافة مجتمعها

وحراكها اليومي ومفردات حياتها الخاصة..

بكل تفيض به من عفوية وقيم ونبل خلاق..

** كانت مشتركاً حاوياً وحاضناً لكل من يطأ ترابها..

أو يتخذها سبيلاً للعبور..

(وضوءاً) يطهرون به من لأواء الحياة وكرباتها..

** جغرافيا الذاكرة ومخزونها الثري

لا يكاد (التليفزيون القديم).. ينثر إيقاعاتها

في أحداقنا للمرة الأولى.. حتى تتشربها

الحواس.. وتسكن الوجدان للأبد..

** عشرات الأناشيد والأغاني.. ترنم

بها (أطفال المدينة) حينئذ.. صاغت

كلماتها ذائقة مرهفة.. وموهبة احترافية..

عميقة الجذور.. خبرت (المعنى) فنثرت

تفاصيله بأناقة باهرة.. مؤصلة أسمى

معاني ارتباط الإنسان بالمكان..!

** لم تكن تلك الموهبة الباسقة.. غير (مدني شاكر

الشريف) ذلك الاسم اللامع.. الذي استوطن ذاكرة

طفولتنا.. فكبرت به.. وتناغمت معه..

فتجلت ذائقة مؤثثة بالجمال..

** لم يكن (شاعر الأطفال) النبيل حد الدهشة (مدني

شاكر) يبتغي غير تربية مداركنا وصياغة ذوقنا

الجمالي.. بتلك الرؤية العامرة بالجلال والجمال..!

** .. (كبرنا) وكبر فينا (مدني شاكر)..

كلما هزتنا الأيام.. وكلما أوغلنا في دروب

وحشة العمر.. طفقنا نفتش عنه في (دواخلنا)

نسترجع معه.. رحيق العمر الأصفى..

نترنم بأشهى ما صفته أنامل روحه السنية

من كلمات.. وأنقى ما رسمه في

دواخلنا.. من عوالم مأهولة بالمعاني والغناء..

** (أناشيد) رسخت فينا مبكرا.. قيمة المكان

.. وقيم السلوك العف.. وطيف الأحلام الجميل..

أدركنا متأخرين.. مقدار ما وهبه ذلك (الفنان)

لطفولتنا من احترام وحنان وسمو اعتبار..

حتى رسمنا له في ذاكرتنا (تمثالاً) مهيباً.. يأتي

مجللاً بضياء المعالم والتواريخ والأمكنة..

والمعاني، التي غنى لها وتغنى بها.. وبثها في

وعينا في بدايات التكوين..

** كم هي صورة (واقعنا القديم) مفارقة في

محتوياتها وألوانها ومكوناتها ل(واقع أطفالنا)

وقد اقتحمت وجدانهم فداحة خطاب موحش في رعونته وجبروت مفاهيمه..

يحاول اغتصاب ذاكرة طفولتهم..

ليصطنع أدبيات الموت والفناء والعذاب

في كائنات غضة لم تدرك معنى الحياة بعد..!



md1413@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5215 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد