Al Jazirah NewsPaper Thursday  13/02/2008 G Issue 12921
الاربعاء 06 صفر 1429   العدد  12921
لنحيي المناضلين وأبطال المقاومة تحية النصر المبين
د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم

تحية فرحة عارمة، لا بل تحية تقدير وإعجاب كبيرين لأبطال المقاومة في العالم العربي ولجميع المناضلين العتاة المتحالفين معهم من تنظيم القاعة أو تنظيمات المعارضة أو تلك التي خرجت على القانون والشرع والإجماع إحتراما وحماية لها من أن تخترق من قبل أعداء الأمة. التحية لهؤلاء الأبطال الشجعان لأنهم تمكنوا بشجاعة فائقة من مواجهة أعداء الأمة بالقوة ملحقين بهم الهزائم النكرة تلو الهزائم، موقعين فيهم أعداد كبيرة من القتلى والجرحى. هذا على الأقل ما يمكننا قوله حيال ما نشهده من تطورات سياسية وأمنية محبطة يشهدها كل إنسان واقعي يفكر بموضوعية ويؤمن بالمنطق وبحق العدالة.

نعم تحية عظيمة لزعماء القاعدة الذين أدركوا أنهم فقدوا تأييد الشعوب العربية والإسلامية لكن بعد فوات الأوان وبعد خراب عمورية، أي بعد أن سفكوا دماء عشرات الآلاف من رجال ونساء وأطفال الشعوب العربية بداية من المملكة واليمن، مرورا بالعراق ولبنان ومصر، ونهاية بتونس والجزائر والمغرب. اتضحت معالم هذه الحقيقة المشرفة التي وعاها رجال القاعدة من زعمائهم الأشاوس بعد أن يأس منهم من يأس، وتذمر منهم من تذمر جراء ما فعلته سياساتهم واقترفته أيديهم من قتل وتدمير وتعذيب لكل إنسان عراقي يختلف معهم ناهيك عن أن يقف في طريقهم أو يعترضه بالقول أو الفعل.

ونقول أيضا مرات ومرات تحية إجلال وتقدير واحترام وإعجاب لا نظير له لحركة حماس الفلسطينية وصواريخها العظيمة (القسام) التي أفزعت الشعب الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية وأوقعت في قلوبهم الرعب والهلع وأجبرتهم على الفرار من ساحة المعارك من مواقعهم السكنية المحاذية لقطاع غزة إلى العاصمة تل أبيب حاملينها معهم مطالبين رئيس حكومتهم أولمرت بشن حرب دمار قاضية على قطاع غزة الفلسطيني.

كما ولا يمكننا إلا وأن نبعث تحية احترام وإجلال وتقدير وإعجاب للمناضلين والمقاومين اللبنانيين الأشاوس الذين شاركوا في تعطيل حركة السياسة اللبنانية، وإلى أولئك الذين ساهموا في إعاقة انتخاب رئيس للجمهورية، وإلى الذين نجحوا في الاغتيالات والتصفيات الجسدية، وأخيرا إلى الذين أفشلوا الشعب اللبناني والحكومة اللبنانية بعد أن أفشلوا مبادرة السلام العربية ومن قبلها الفرنسية.

ترى هل من الممكن أن نصل في هذه المنطقة من العالم مستقبلا إلى وضع أسوأ وأخطر وأكثر سوادا وحلكة عما هو عليه حال اليوم؟ الجواب مع كل إجلال وتقدير لا يقل خطورة عن السؤال نفسه بعد أن بدأ تنظيم القاعدة في التحرك مجددا لاكتساب تعاطف ودعم القبائل العراقية وشيوخها، وبعد أن هدد زعيم من زعماء الموالاة السيد وليد جنبلاط تلكؤ جماعة المعارضة واستمرار رفضها انتخاب رئيس للجمهورية وفقا لمنطق الأغلبية مرحّباً بالحرب والفوضى إن أرادت أطراف المعارضة اللبنانية ذلك.

نعم إنه تصريح سياسي خطير وتصعيد أمني أخطر سواء في الأوضاع اللبنانية برمتها على كافة الأصعدة والمستويات بعد أن بدأت موجات من العنف الفردي تكشر عن أنيابها من اغتيالات هنا وهناك، وإلى إطلاق رصاص على منازل ومواكب الرموز السياسية اللبنانية من كلا الجانبين الموالاة والمعارضة، أو على المستوى العراقي القبلي والشعبي. ومع هذا يمكننا القول إن التحرك الأول حتما لن يلقى الترحيب من رجال القبائل وشيوخها بعد أن ضاقوا ذرعا بأكاذيب وتلفيقات تنظيم القاعدة، أما التحرك الثاني فلن يلقى الدعم والتأييد الشعبي لكل من جماهير المعارضة أو الموالاة لأنهم سبق وأن تذوقوا طعم الحرب المرة وسمومها القاتلة.

هذا الوضع بالطبع لن يختلف بتاتا عن الوضع المزري في قطاع غزة بعد أن بات سجنا منيعا للشعب الفلسطيني محاصرا فيه بلا طعام أو وقود، وغدا هدفا سهلا لعمليات الاغتيالات الإسرائيلية الميدانية لأعداد كبيرة من رموز حركة حماس السياسية والعسكرية والأمنية. في العمليات الإسرائيلية يقتل من الشعب الفلسطيني العشرات وربما المئات، وفي المقابل قد يقتل جندي إسرائيلي واحد أو مدني إسرائيلي واحد في كل عملية استباقية فلسطينية (فعل فلسطيني) أو في أي عملية فلسطينية إلحاقية (رد فعل على الفعل الإسرائيلي). ومع هذا الفارق الكبير في الخسارات العظيمة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني تستمر الأقوال المؤثرة الرنانة الشديدة عالية اللهجة ملحقوه بالتهديدات المباشرة لتتواصل حلقات هذه المعادلة المجحفة.. نعم إنها معادلة صعبة ومقلقة لا يصدقها عقل إنسان ومع هذا تفرض بمنطق القوة على عقول الجميع.

يا للمسميات السياسية الخلابة التي برعت في استنباطها عقول مفكري المنطقة الجهابذة من رجال الرموز السياسية والعقدية والمذهبية، لتصبح المنطقة ذاخرة بكنوزها الفاحشة هذه بل لتغدو الأكثر حضورا في العالم من حيث كثرة المسميات وتعدد المصطلحات وتنامي أعداد العنتريات الشفهية التي لا يمكن أن تتعدى القول بالفعل تجاه الأعداء، فيما يتساوى قولها مع فعلها حيال الذات والذوات الأخرى من أبناء المنطقة.

ترى هل هناك جحيم مماثل لجحيم هذه المنطقة وواقعها الأليم الذي قطعا هو بفعل الذات لا بفعل الآخرين؟ سؤال سخيف جدا يبحث عن جواب أسخف منه لا يمكن أن يوجد إلا في عقول كل من ينفخ النار في وجه المرآة التي ينظر إليها عن قرب ولا يرى فيها إلا تقاسيم وجهه.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد