Al Jazirah NewsPaper Sunday  17/02/2008 G Issue 12925
الأحد 10 صفر 1429   العدد  12925
لما هو آت
في مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم
د. خيرية إبراهيم السقاف

لا أذكر بالتحديد متى كتبت وكررت عن مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتدافع المصليات فيه عند بدء الصلاة.. وفي الروضة الشريفة... وعند السلام على خير خلق الله عليه وعلى آل بيته أفضل الصلاة والسلام...

إذ لم تكن الكتابة في شأن توعية المصليات بأمور كثيرة كنا نلاحظها جميعنا إلا بدافع من واقع لم يكن يرضي أحداً...

لذا جاءت الكتابة دعوة للمسؤولين عن شؤون المسجد النبوي... وكذلك المسجد الحرام في مكة المكرمة... بطلب وجود ناصحات وموجهات من ذوات المعرفة ويكن على علم ودراية بما ورد في كتاب الله الكريم... وفي سنة رسوله المبشر المعلم الأمين بآداب المساجد والعبادة فيها...

وأذكر أن واحداً من المقترحات التي كنت حريصة على أن يتبناها المشرفون على المسجد هو تهيئة مجموعة من النساء بالعلم النافع؛ ليكن خير دليل للنساء فيه...

***

وفي المرة ما قبل الأخيرة التي صليت فيها في هذا المسجد الجليل فوجئت بوجود آلية مدهشة لدخول النساء الروضة والاقتراب منها، إذ تتكتل المجموعات تحت أعلام دولهن... ويتوجهن لجهات المسجد في زمر لم تكن فقط تضيق على المصليات والداعيات المكان وتعيقهن عن العبادة في يسر... بل كانت تشيع روح الانقسام داخل المسجد... بينما جميع المصليات تحت سقفه ينبغي أن يشعرن بأول القيم تلك التي يتعلمنها فيه، وهي أنهن في بيت من بيوت الله لا ما يفصلهن ولا ما يفرقهن...

***

لي عن المدينة المنورة أقل من عامين حتى جئت إليها في الأسبوع الماضي وبي من الشوق ما بي لأصلي جوار بيت رسول الله وقبره... وتحت سقف مسجده وفي روضة من رياض الجنة جعلها الله بين منبره وبيته عليه الصلاة والسلام... وكنت حفية جداً بفتح أبواب المسجد دون إغلاقها طيلة اليوم والليل...

هناك حيث يستروح المصلون والمصليات هدى محمد -صلى الله عليه وسلم- ويستحضرون تاريخه وتأسيسه لدولة الإسلام وقواعد الإيمان وأركانه... حيث تضافر المهاجرون والأنصار وأقرت حدود العلائق بأهل الكتاب بمثل ما وطدت علائق الإنسان بالآخر، فكيف بها بين المسلمين أنفسهم والمسلمات...... وحيث نزول الوحي... فيما تمم الله تعالى فيها على المسلمين دينهم وربطهم بنظامه وسبل تطبيقه... حيث رُبَّي الصحابة على خلق نبيهم -صلى الله عليه وسلم- وتعلموا منه... وشربوا من دروسه ما روت به مشاربهم وطباعهم... واستكانت به جوارحهم...

اقتدوا بسلوكه واستناروا بفكره... فما كان لا ينطق إلا عن وحي كان يوحى إليه.. فالذي علمه شديد القوى... فكيف تستروح المصليات هذا الهدى وهن يدخلن زمراً وأفواجاً لا تعرف بعضهن آداب المسجد ولا ما الذي يجوز فيه وما الذي لا يجوز؟... فيما كنت دوماً أقول إنه المكان الذي نتمنى أن توجد فيه من النساء من تدعو وتعلم وتوجه على بينة وبصيرة.

***

فوجئت في هذه المرة بما أسرني... إذ بعد صلاة الظهر سمعت صوتاً واضحاً جلياً فيه من حياء المؤمنة ما يجعله خافتاً في حدود... وفيه من جهر الحق والعلم ما يجعله يصل لكل أذن ممن حوله... فإذا النساء يتجهن إلى حيث يصدر.. ويتحلقن من حولها... حتى وجدتني محاطة بعشرات منهن بعد أن كنت على انفراد.. واختفت حولي كل المساحات.... سواد عظيم منهن... وهي تقف على طرف تحدث لمدة لا تقل عن الساعة حتى أذن للنساء بدخول الروضة... كانت قد أنهت كلامها...

شمل ما قالته آداب الدخول للمسجد وما أوصى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأخلاق والعبادات المرغوبة والسنن المؤكدة... وشرحت ما ورد عن القبر وزيارته... وعن الروضة وفضائلها... وعن الحجاب وأهميته... وعن النوافل ما كان منها صلاة... أو قراءة... أو صدقة أو دعاء...

والله ما دخلت الروضة يوماً في يسر بدون تناكب بما فيها من الازدحام كما دخلتها في هذه المرة...

اقتربت منها سألتها عن اسمها وعن علمها... أخبرتني أنها قد درست في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلقت التدريب فيه واضطلعت بالعمل رضاء وامتناناً لفضل الله تعالى...

(ندى العوفي) هذا اسمها الذي أجابتني به حين سألتها.

فإذا بمن تلتفت إلي فتخبرني بأن هناك مجموعة من الشابات الأخريات مثلها...

إنهن حافظات القرآن دارسات السنة واعيات بما يقلن عاملات في المسجد لهذا الغرض من التعريف بالمعروف والتنبيه عن المنهي عنه... والترغيب في المثوبة والإيضاح للصواب...

***

حقا حقا هذا ما تحتاج إليه المصليات....

دعوت لها ولكل من معها...

ولعل مثل هذا يحدث في مكة وفي مواسم العمرة والحج وفي الأشهر الحرم؛ حيث يتكاثر المعتمرون والزائرون والحاجون... وفيهم العدد الكبير من النساء بحاجة للتوعية.

***

اللهم بارك فيمن دعا وعمل...

وفيمن علم ووجَّه...

وفيمن مكن للعمل بما علم.. وأتاح فرصة التوجيه لزائرات مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المصليات فيه وفي روضته....

زادك بنيتي (ندى العوفي) وزميلاتك علماً وأجراً وثبتكن على ذلك.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد