كيف يمكن للإنسان أن يحمي أفكاره؟ يتساءل مفكر عربي!، هل يمكن في العقود القادمة أن يتمكن الإنسان من حماية أفكاره؟.. يتساءل آخر، هل يوجد مكان رسمي لاحتضان الأفكار المبتكرة في مختلف المجالات؟ يتساءل الكاتب، هل حماية الحقوق الملكية باتت أولوية عربية يتساءل خبير في نظم المعلومات والاتصالات في جريدة الحياة!، قراصنة الأفكار في السعودية... لصوص لكن طلقاء! يتساءل كاتب مصري في موقع الإسلام اليوم، كم اختراعاً تملك؟ يتساءل كاتب آخر في جريدة الرياض، الكويت تواصل حملتها لتطبيق قانون الحماية الفكرية.. موضوع نشر في جريدة الشرق الأوسط، إن وجدت أفكار وطنية مبتكرة وفعالة من يقوم بحمايتها وتسويقها وتفعيلها؟ يتساءل الكاتب.

لنا أن نتساءل مع إمكانية وجود إجابات ضمنية على ما سبق طرحه أن نطلق العنان حول إسهامات الجيل الحاضر ومدى إمكانيته واستعداده لتوليده أفكار متميزة وجادة، وفي نظري ونظر بعض الخبراء المعاصرين في مجال التعليم أنه يجب توجيه اللوم للتعليم لدينا في ظاهرة (الفشل الفكري) الذي يعانيه الكثير من الطلاب سواء في التعليم العام أو التعليم العالي بسبب أنه وجه معظم برامجه إلى مسألة (كيف يفكر الطالب وليس بماذا يفكر) وتقرير البنك الدولي مؤخراً يؤكد ذلك التوجه.

كثيراً من الاكتشافات المهمة في مختلف العلوم بدأت بأفكار مبتكرة وعلمية بسيطة ثم تبلورت وتراكمت عبر الزمن إلى أن أصبحت نظريات علمية أو نماذج يتم تعلمها في الكثير من المقررات حول العالم، ومثال على ذلك أن الكثير من النظريات العلمية التي ظهرت في أوروبا في القرن الرابع عشر كلها تقريباً مستندة إلى أعمال وأفكار ابن الهيثم، ومنهجه العلمي... (انظر كتاب حبات المعرفة للدكتور محمد التكريتي)، وفي نفس المجال يقول المفكر الإسلامي مالك بن نبي - رحمه الله -: (لقد أرانا تاريخ ألمانية الحديث كيف أن بلداً شهد الانهيار الكامل (لعالم أشيائه)، قد استطاع باحتفاظه (بعالم أفكاره) أن يبني كيانه من جديد)، وبفضل الله ثم فضل العلماء أمثال لويس باستر وروبرت كوخ، وإسحاق نيوتن، وفون لايبنز، وإنشتاين، وغيرهم تطورت العلوم في مختلف المجالات بعد اكتشافاتهم المذهلة التي بدأت بأفكار يسيرة ولكن وجدت مناخ وبيئة مناسبة فنجم عن ذلك تغيير في إدراك أساليب جديدة في التعامل مع العالم الطبيعي اليوم، فمؤسس شركة (جيليت) العالمية كينغ كامب جيليت الذي كان شعاره الرئيسي (أن معظم الأفكار العظيمة وأفضلها هي أفكار بسيطة وغير معقدة)، وكذلك شركة مايكروسوفت التي بدأت من فكرة ووجدت من يؤمن بها ومع العمل والنجاح فكانت النتيجة مليارات، وفكرة بسيطة انطلقت من رأس صيدلي (كليب برادهام) كان يحاول أن يركب دواء لمعالجة سوء الهضم، وإذا به يكتشف شراباً لذيذا ومرطبا غير من نمط الأكل والشرب في العالم (انظر كتاب عظماء بلا مدارس لعبدالله الجمعة)، لأجل هذا تتمتع الدول المتقدمة - عكس الدول العربية - بالتزامات موضوعية ومدروسة من خلال تنظيمات ومؤسسات فكرية تؤطر للحماية الفكرية بنظامية واضحة المعالم ناهيك عن وجود بيئة مناسبة لتلك الأفكار.

وفي ضوء ما سبق يشير الكاتب إلى درجة الصعوبة التي ستواجهنا في تطوير آليات لحماية (الأفكار المتماسكة) - وأعني بها كل فكرة تصنع أثراً نوعياً متى ما وجدت أناس يؤمنون بها ويوفرون لها البيئة المناسبة - في العالم العربي والتي قد تحمل في طياتها ولادة مشروع وطني كبير والأمثلة على ذلك لا حصر لها، ونقلها من عالم الخيال إلى عالم الواقع، ويمكن القول إن حماية الملكية الفكرية لدينا تتضمن أنواعاً متعددة من الإجراءات تتمثل في براءة الاختراع والعلامات التجارية وحقوق التأليف وحقوق الملكية الفكرية للمنتجات الصوتية والمرئية وكل ذلك متواجد حالياً، ولكن في نظري أنه لا توجد حماية للأفكار بشكل عام، ومن الممكن وضع أنظمة قانونية تضبط الآليات لنتجاوز بها السلبيات والمشاهدات التي نشاهدها اليوم فيما تتعلق بحقوق الأفكار لتحفظ لأصحاب تلك الأفكار حقوقهم ومن الممكن العمل على بعض تلك الآليات وتطويرها وتجريبها ولو بعد سنوات من الآن وهذا ما نهدف إليه من هذا المقال عن طريق إيجاد موقع رسمي تابع لأحد المؤسسات المختصة كمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تحت مسمى معين وليكن (بنك الأفكار الوطنية)، ويهدف ذلك الموقع إلى استقبال تلك الأفكار بشرط تعبئة نماذج رسمية من الموقع يتم تعبئتها من قبل صاحب الفكرة كاسم الفكرة وأهدافها، وشرح تفصيلي لها، وجوانب عملها، وغير ذلك مما يتطلبه ذلك الموقع من ارتباطات وأعمال قانونية ليتم حمايتها، بعد ذلك يتم فرز تلك الأفكار والتي سوف تعد - في نظري - بالآلاف بواسطة مختصين في المجالات ذات العلاقة بالفكرة بحيث يتم طرح (الأفكار المتماسكة) مع ذكر أسماء أصحابها وشرح تفصيلي لها، كل ستة أشهر بمجلد فاخر، وتسويقها على الوزارات ذات العلاقة وكذلك الجامعات والشركات المتميزة والمؤسسات بحيث إن كل فكرة يتم الموافقة عليها يتم التنسيق بين الموقع ومالك الفكرة لكي يستفيد الجميع مالياً، ليس هذا فقط فجميع الأفكار التي تطبق وتجد نجاحاً يتم نشرها سنوياً في كتاب مستقل ليتم توزيعه من أجل تحفيز المبدعين..

إن تلك الخطوات أعلاه سوف تعطي نتائج مذهلة تصب في حفز الإبداع وإظهار الإمكانات الخلاقة لدى المواطن السعودي لكي يسهم في التطور والتنمية التي تشهدها المملكة.. ومن الممكن أن نسأل القارئ الكريم الآن كم فكرة تملك!، ولتشارك في نهضة بلدك.