Al Jazirah NewsPaper Saturday  23/02/2008 G Issue 12931
السبت 16 صفر 1429   العدد  12931
رصد ظواهر الإجرام لدراستها وعلاج الأسباب
محمد إبراهيم فايع - خميس مشيط

لا أظن أحداً سمع بكثير من قصص الانحراف والجريمة التي حدثت وتحدث في مجتمعنا والسلوكيات الشاذة ولم يستأ منها ومن تلك الأخبار المحزنة وكذلك المفجعة والتي تنذر بالخطر لمستقبل الأجيال القادمة حينما يسمع الصغار ويبصرون ما نسمعه ونبصره من حوادث لم تكن عند سالف أجدادنا وأبائنا.

فمنذ مطلع شهر ذي الحجة حدثت ثلاث قصص قتل أبناء لأبائهم الشاب الذي قتل أمه بسكين كان يحملها والشباب الذي أحرق المنزل على والديه والشاب الذي أطلق النار على والده. حوادث دامية محزنة مفجعة بكل ما تحمله من تفاصيل في مجتمع تربى أولوه في المساجد وأبناؤه في المدارس مجتمع قبلي يصون الأعراف وكثير من التقاليد كصيانته لتعاليم الشرع الحنيف فماذ الذي يحدث؟

أين التربية في داخل الأسرة، وأين دور المسجد؟ وأين أثر التربية في المدرسة؟ هل كل هذه المؤسسات فشلت في أدوارها حتى نشهد شباباً في العشرينيات من أعمارهم يقتلون أباءهم! أمر خطير عظيم لو حدث في مجتمع لقلب الأحداث وجند الجهود للوقوف طويلاً عندما حدث فماذا بعد قتل الابن لأبيه والذي كان بأمر الله سببا في وجوده في الحياة؟

لماذا هذا الجحود! وهذا النكران وهذا العقوق: بل وهذه الجريمة بكل ألوانها تحدث عندنا وبهذا الحجم وهذه الخطورة وأنا لا أحاول أن أصنع من مجتمعي المثالية الكبرى كإحدى مدن أفلاطون فلا تحدث فيه الجريمة مطلقاً فنحن بشر ولكن لا أبالغ إذا ما قلت أن ما حدث كان يفوق ما قد تتصوره في مجتمع عرف بتدينه وتماسكه وتمسكه بالعادات العربية الأصيلة وبروز قانون العيب فيه بشكل ظاهر فيما لو اقترفت خطأ بسيطاً فما بالكم أن تحدث جرائم خطيرة كبيرة.

صحيح سيقول بعضكم نحن أمام تحولات نظراً لما يحدث في عالمنا وفي الإعلام ولكن هذا لا يمنع أن نعيد البوصلة إلى الاتجاه الصحيح ونسأل عن دور الأسرة وهل فقدت دورها التربوي نظراً لضعف سيطرة الأباء على أبنائهم أم لفقدانها للقدوة أم لأنها ركزت على البحث المادي وحياة الترف والتدليل الزائد في التربية ونسيت تربية النفس واهتمت بتربية الجسد مما فرخ أجساداً متورمة بفضل الأطعمة السريعة وتركت موضوع التربية للسائق والخادمة والإعلام المرئي المفتوح والإنترنت الذي امتلأ بالشرور. وأن نسأل عن دور المسجد بما في ذلك استثمار الندوات وخطب يوم الجمعة في حل وتناول قضايا المجتمع والشباب وقضايا أمور الدين بأساليب جذابة ومحببة تعيد الأمل عند النفوس البائسة وليس أن تزيدها بؤساً وقنوطاً من رحمة الله الذي يفرح بتوبة العبد التائب أشد فرحاً من ذلك الأعرابي الذي وجد دابته ومتاعه بعد أن فقدها وفقد الأمل في العثور عليها في الصحراء. وأن نسأل عن أثر المدرسة وبرامجها ومناشطها ومناهجها في سلوك الطلاب هل أجدت وأثرت أم لم يكن لها أثر عليهم، وما الأسباب الذي جعلنا نشعر بأن المدرسة لم تعد تربي وأنها اكتفت بالحدث الأدنى من وظيفة التعليم فقط وبهذا قصر المعلمون رسالتهم على التعليم وليس أكثر وهذا خلل في وظيفة المدرسة التي أسند إليها المجتمع وظيفتي التربية والتعليم لأبنائه.وفي لقطة لها صلة بالموضوع ما دار حول موضوع فتاة القطيف والذي كان لولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - دور في أن يضع حداً لما أثير حول القضية بقرار العفو عن الفتاة كنت أتمنى لو تناول الكتاب ما يمكن لبنات المجتمع استيعابه من هذه القصة في الجانب التربوي حتى تعرف كل فتاة سعودية كيف أن تحفظ نفسها من الذئاب البشرية الذين يزينون عبر المعاكسات في الأسواق والجوالات للبنات عبارات الحب والعشق والغرام والذي يمكن للبنت أن تسمعها وتهنأ بها في بيت الزوجية وبطرق شرعية ولا يمكن تصديق هراء الشباب الذين هدفهم التسلية ومن ثم الإيقاع ببنات الناس وقد تجر كثير من القصص إلى المهالك وخراب البيوت إذا لم نتعظ وخير الناس من وعظته مثل تلك القصص.

في الختام..

من الأهمية بمكان أن ندرس أسباب تنامي الجريمة وأن نمنع بالأساليب الإنمائية والوقائية مع الشباب وقوع الجريمة واستفحالها وأن تستثمر الندوات واللقاءات لخوض مثل هذه الأساليب على سبيل المثال ما سيعقد من فعاليات في مهرجانات الصيف في جميع المناطق ومنها صيف أبها لتفعيل هذا المحور(مكافحة الجريمة) من ضمن محاور المحور الرئيس.. الشباب ومتطلبات المستقبل.. حتى لا يكون الحديث عن الجريمة مجرد خبر يصل إلى أسماع الشباب كأي خبر من الأخبار والسلام.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد