Al Jazirah NewsPaper Sunday  24/02/2008 G Issue 12932
الأحد 17 صفر 1429   العدد  12932
دفق قلم
نصرة أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

إنني أنظر إلى الأعلى فلا أرى في الأفق البعيد الصافي إلا ذلك الوجه القمري المضيء، وتلك الابتسامة النبوية المشرقة، وذلك الجبين المحمَّدي الأزهر، أنظر إلى الأعلى فلا أرى إلا فماً ينطق بالخير، ويدعو إلى الخير، ويداً ترفع راية الحق، وتنشر الحق، ورأساً مرفوعاً يوجِّه عينين صافيتين إلى الله عز وجل، وقلباً مفعماً باليقين والإيمان والاطمئنان.

أنظر إلى الأعلى، فلا أرى إلاَّ ذلك الرجل القدير، بقلبه الطاهر النقي، وعقله الراجح السويّ، ويقينه بربِّه القوي، وعزمه الصادق الأبيّ، ذلك الرجل الذي فتح الله على يديه قلوب الغافلين، فاستقبلت نور اليقين، وارتفعت عن مستنقعات الغاوين، إلى قمم الصالحين المخلصين.

أنظر إلى الأعلى، فتختفي عن عينيّ وجوهٌ كالحة، رسمت عليها المعاصي صورَ الشقاء حتى أصبحت أقبح ما تقع عليه العين، وعزفت لها ألحاناً نشازاً حتى أصبحت أقبح ما تسمعه الأذن، تختفي ملامح الغاوين، وتتلاشى صور الملحدين، وتبقى تلك الصورة المضيئة في أفقها الأعلى بعيداً عن دخان الأحقاد، وغبار الأوهام والأباطيل.

أنظر إلى الأعلى فأرى هنالك محمداً -صلى الله عليه وسلم- قمراً مضيئاً لا يعرف الأفول، مرتفعاً لا يعرف النزول، أراه وجهاً مشرقاً بنور الإيمان، يزداد تألقاً كلما استقبل من الوحي المبين آية كريمة ترسم له معالم الحق والخير، ويسمو خُلقاً كلَّما تلقَّى من ربه عز وجل توجيهاً وإرشاداً وتأديباً، ويتَّسع صدراً كلَّما ضاقت من حوله صدور الواهمين، وأخلاق الحاسدين، وعقول الملحدين، ويرتفع قدراً عند ربِّه عز وجل فتصغر دونه الجبال الشامخات، والنفوس الطامحات، وتتلاشى أمامه مظاهر الهوى والوهم والكفر والفسوق، ويتصاغر عنده أصحاب هذه المظاهر حتى ما تراهم العين، ولا تسمعهم الأذن، وأنَّى تراهم العين وتسمعهم الأذن وهم مغموسون في أوحال الضلال، مدفونون في مستنقعات الضياع والانحراف والأوهام.

قالوا: إنَّ شِرْذَمةً من البشر في مواقع من الأرض ينالون من شخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحينما التفت إليهم لم أبصر إلا حشراتٍ لا قيمة لها، وجراثيم متهالكة مقبلة على الموت بما فيها من الداء قبل أن تصل عدواها إلى سواها، ولم أسمع إلا أصواتاً نشازاً يتآكل صَداها، وتنكسر نبراتها انكساراً كبيراً حتى تصبح بلا صوت ولا صدى، برغم ضجيجها الذي يوهم سامعيه بأنه ضجيج شيء ذي بال.

قالوا: إنهم يسيئون إلى أفضل الخلق -عليه الصلاة والسلام- برسوم يصوِّرها لهم خيالهم المريض، وتصنعها أذهانهم السقيمة، وحينما نظرت إلى الأفق الأعلى رأيت هنالك ذلك الوجه القمري المضيء، ينسف نوره الساطع النقيُّ ظلام الأوهام وضلال الواهمين، وحينها نسيت كلَّ ما قالوا عن تلك الجراثيم البشرية، وردَّدتُ بسعادةٍ ويقين.

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، ورحلت مع الصلاة عليه رحلةً روحيةً يصعب وصفها. وأنا أتذكر قوله -عليه الصلاة والسلام-: (من صلَّّى عليَّ صلاة واحدةً صلَّّى الله عليه بها عشر) ألا فلا سلمتْ أنامل الحاقدين.

إشارة

قالوا: البشر. قلت: النبي محمد خير البشر.

www.awfaz.com


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد