Al Jazirah NewsPaper Sunday  24/02/2008 G Issue 12932
الأحد 17 صفر 1429   العدد  12932
فاعلية المساعدات للدول النامية
د. أحمد بن صالح العثيم

على الرغم من أن المساعدات التنموية الموجهة إلى الدول النامية مستمرة منذ عقود مضت، سواء من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد و... إضافة إلى المساعدات من الدول الغنية في المنطقة مثل السعودية، إلا أنه لم تتحقق نهضة شاملة في الدول النامية كما تحققت في أوروبا عقب مشروع مارشال؟!

فلقد بلغت مساعدات الدول المانحة للدول النامية من أجل التنمية في عام 2006 نحو 104 مليارات دولار (ما يوازي 8 أضعاف ما وجهه إلى أوروبا في 4 أعوام قد تلقته الدول النامية في عام واحد)، وذلك حسب تقديرات منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، كما أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة الموجهة إلى الدول النامية في عام 2006 بلغت نحو 167 مليار دولار، حسب أرقام معهد التمويل الدولي، كما بلغت تحويلات العاملين المهاجرين في الدول الصناعية والمتقدمة إلى دولهم الأصلية التي اغلبها من الدول النامية نحو 300 مليار دولار عام 2006 حسب تقديرات متحفظة تأخذ في الاعتبار التحويلات الدائمة فقط.

في ضوء ما سبق يأتي التساؤل حول مدى فاعلية المساعدات الإنمائية للدول النامية ولماذا لم تؤت ثمارها كما هو مأمول منها، ولماذا لم تسهم كل تلك المبالغ الطائلة في التنمية؟؟هناك العديد من الأسباب وراء عدم تمتع الدول النامية بثمار تلك المبالغ فبرامج المساعدات الخارجية ما زال أثرها على الاقتصاد الوطني ضعيفا على الرغم من قيمتها الكبيرة ولعل من أهم تلك الأسباب:-

أولاً: أن جزءا كبيرا من المساعدات والمعونات هي في شكل (معونة مشروطة) أو مقيدة وهي تلك المعونة التي تشترط أن تأتي مشتريات المشروع من شركات تابعة للدول المانحة، مما يؤدي إلى إعادة تحويل جزء كبير جدا من تلك المعونة مرة أخرى إلى الدول المانحة.

ثانياً: أن جزءا كبيرا من الأموال ينفق في أوجه لا تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، فعلى سبيل المثال يحصل مستشارو البرنامج وأعضاء إدارته على أموال ضخمة جدا وتحسب جميعها ضمن مخصصات تلك المساعدات المقدمة للبلد النامي، لا بل إن بعض الدراسات البحثية لتلك المشروعات التي جرى تمويل تنفيذها التي تكلفت مئات الآلاف من الدولارات يتم وضعها بادراج المسؤولين وإعداد أخرى بدلا منها لسبب بسيط هو أنها غير ملائمة لخصائص الاقتصاد ولا تلبي احتياجات القطاع الخاص الذي يواجه تحديات جسيمة من أهمها ضعف تنافسيته في الأسواق الخارجية.

ثالثاً: القائمون على تلك البرامج يهتمون بإجمالي ما تم إنفاقه من المعونات والمساعدات وليس بنوعية الإنفاق، على اعتبار أن نجاح برامجهم مرتبط بإنفاق قيمة المعونة، إلا أنه للأسف فإن جزءا كبيرا من تلك المشروعات التي جرى تمويلها لم يكن له أي جوانب اقتصادية إيجابية على درجة كبيرة من الأهمية، فالمشكلة الرئيسية في تلك المشروعات أنها خارج أولويات السياسة الاقتصادية الرسمية لذلك فإن آثارها ضعيفة للغاية, ويعتقد البعض أنها لا تعود بالنفع سوى على من يعمل بها.

وبالتالي فإن الدول النامية ليس أمامها سوى الاستفادة القصوى من تحويلات أبنائها بالخارج من خلال طرح مشروعات إنتاجية تتناسب ومتطلبات تلك الفئات من العاملين بالخارج وذويهم بالداخل، إضافة إلى أوعية إدخارية تتناسب مع تفضيلاتهم للاستفادة من تلك المدخرات في تمويل عملية التنمية.فيمكن الربط بين تلك التحويلات ومشروعات الإقراض الصغرى وتطوير أشكال محلية للاستفادة مما يدخر من تلك التحويلات في مشروعات صغيرة تشجيعا على التنمية، كما يمكن ربطها بخطة طموحة للربط بين تسهيل التحويلات وتقليل تكلفتها وإنشاء بنوك الفقراء، وذلك بأن تعمل تلك المؤسسات في عملية التحويل لزيادة المنافسة في سوقها الكبيرة بما يعود بالفائدة على التجمعات الفقيرة في الدول التي يهاجر أبناؤها للعمل في الدول المتقدمة.ولا يعني ذلك بأي حال إعفاء الدول الكبرى والمتقدمة اقتصاديا من مسؤوليتها في دعم التنمية في الدول الفقيرة، إلا أنه يجب أن يتواكب مع زيادة القدرة التفاوضية للدول النامية حتى لا تقبل بالمشروعات التي لا تتناسب مع خططها التنموية ولا بالمعونات التي تضع على كاهلها قيودا لا تستطيع تحملها، وهذا ما قامت به أوروبا عند قبولها لخطة مارشال فلقد اجتمعت وتشاورت ثم قبلت، وهذا ما نتمنى أن تقوم الدول النامية بتنفيذه حتى يمكن الاستفادة مما يقدم لها من مساعدات ومعونات إنمائية من الدول المتقدمة.



asa5533@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد