Al Jazirah NewsPaper Tuesday  04/03/2008 G Issue 12941
الثلاثاء 26 صفر 1429   العدد  12941
في افتتاح معرض الكتاب الدولي
وزارة الثقافة والإعلام تكرم رواد صحافة الأفراد
محمد بن عبدالرزاق القشعمي

روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَن سَنّ سُنة حسنة فله أجرها.. إلخ). وتكريم الرواد في حياتهم وبعد مماتهم سُنة حميدة؛ فقد كان من المعتاد ألا يذكر أحد من الرموز أو يكتب عنه إلا بعد وفاته.. والآن ومنذ تسنم معالي الأستاذ إياد بن أمين مدني - الأديب ابن الأديب والمؤرخ - وزارة الثقافة والإعلام ما وجدته إلا يحث بل ويحرض على تكريم الرواد، كل في بلده أو مدينته؛ فقد سمعته أكثر من مرة وهو يطالب مسؤولي الأندية الأدبية بأخذ زمام المبادرة بتكريم الرواد الأحياء قبل رحيلهم، وكذا تكريم مَن رحلوا بإقامة الندوات والمحاضرات عنهم وكتابة الدراسات التوثيقية؛ ليعرف الجميع أننا أمة وفيّة لروادها الأوائل، وليكون ذلك حافزاً ومشجعاً لغيرهم.وبمناسبة إقامة المعرض الدولي للكتاب بالرياض هذا العام 1429هـ - 2008م فقد كانت الفرصة مواتية لتكريم رواد الصحافة الأوائل - صحافة الأفراد - الأحياء؛ إذ سوف يُحتفى بهم في حفل الافتتاح، وسيقدم لهم راعي المناسبة باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز شهادات التقدير والعرفان؛ تقديراً واعترافاً بما قدموه من تضحيات وجهود تذكر فتشكر؛ فهم الذين رفعوا المشاعل لتضيء الطريق للجميع، وهم الذين تكبدوا المشاق وصارعوا دعاة الجمود والتجهيل، ودعوا إلى التطور والتقدم، وتقدموا الصفوف بآرائهم النيّرة ودفعوا المواطن للمستقبل برفع مستوى وعيه وإدراكه، ويبصرونه بما له وما عليه من واجبات وحقوق، ويطالبون الدولة بتحسين وضعه وتأمين متطلباته الصحية والعلمية والاجتماعية.. والخدمات الأخرى.

لقد تكبدت هذه الكوكبة المضيئة في سماء الوطن الكثير من المشاق في الوقت الذي يصعب فيه وجود الإمكانات ومراكز المعلومات التي تتوافر هذا اليوم.. فكان عهد صحافة الأفراد عهداً مضيئاً أشرقت بنوره كل أرجاء الوطن. لقد قدموا كل ما يستطيعونه لهذا الوطن العزيز، وتعرضوا للكثير من المضايقات والمصاعب والخسائر المادية والمعنوية، وحتى العقوبات لم يسلموا منها.. ومع ذلك لم ينسهم الوطن وولاة الأمر.. فها هم يقدمون على غيرهم، وها هم يجنون ثمرة ما زرعوا، وها هم يتجمعون من أنحاء الوطن ليشهدوا هذا الحدث (معرض الكتاب)، وليكونوا هم إحدى أهم فقراته.. فالكل يعرف كيف كانت الإمكانات قبل نصف قرن أو أكثر، وكيف كان أسلوب وطريقة الطباعة بالرصاص وبالحروف المفردة؟ وكم من الوقت يمضي من أجل صف موضوع أو مقال أو قصيدة، فهذا الشيخ عبدالله بن خميس يقول إنهم يبدؤون في صف مواضيع مجلته (الجزيرة) من أول الشهر إلى آخره، وكلها لا تتجاوز الأربعين صفحة، فكيف بإمكانات اليوم وتوافر جميع الوسائل، فنجد الجرائد والمجلات بمئات الصفحات تصف وتنجز في أقل من ساعة.

أعود لأشيد بدور وزارة الثقافة والإعلام ومبادرتها الرائدة، فاليوم يجري تكريم رواد الصحافة الأوائل، وقبلهم أوائل الشعراء الذين طبعوا دواوين قبل أربعين عاماً، وغداً لمن سيكون التكريم؟ هناك الكثير ممن يستحق؛ فهناك رواد العمل الاجتماعي.. وهناك أصحاب المكتبات الخاصة والعامة وأصحاب المتاحف الخاصة الذين فتحوها للجميع لينهل منها طلبة العلم، وهناك أوائل أصحاب المنتديات والصالونات الثقافية، وهناك مَن افتتح المدارس على حسابه الخاص قبل انتشار التعليم وتحمُّل الدولة كل مؤسساته ومدارسه، وهناك أوائل مَن دعا وتولى إدارة الأندية الأدبية.. إضافة إلى مَن أسس أول مطبعة في بلده أو دار نشر.. وهذا يعيدني إلى ما سبق أن قاله علامة الجزيرة العربية الأستاذ الراحل حمد الجاسر وهو يذهب ليقدم نسخة من العدد الأول من مجلة (اليمامة) عند صدورها بالقاهرة عام 1372هـ - 1953م للأستاذ محب الدين الخطيب، فاستقبل هذه الخطوة بما تستحقه من التقدير والإعجاب.. ولكنه قال له: إن أي جريدة أو مجلة لن يكتب لها الخلود ما لم تنشأ بجانبها مطبعة؛ ولهذا فقد عاد إلى الرياض؛ ليجمع ما يقدمه بعض أساتذة وطلبة المعهد العلمي للمساهمة في أول مطبعة تحضر العاصمة الرياض عام 1374هـ وتطبع بها جميع المطبوعات الرسمية والخاصة من صحف ومجلات وغيرها لسنوات كثيرة.

أختم هذا الحديث السريع برجاء لمعالي الوزير (إياد مدني)، وهو المدرك لذلك، أن يرفع اقتراحاً للمسؤولين، ويبرره بأهمية تخليد ذكرى هؤلاء الرواد بتسمية شوارع بالعاصمة بأسمائهم، وكذا بالمدينة أو البلدة التي ولدوا بها أو صدرت بها هذه المجلة أو الجريدة.. وكذا اقتراح للجامعات والمؤسسات العلمية بتسمية القاعات والمدرجات بأسمائهم، وحث الطلبة والدارسين على بحث ودراسة آثارهم وتقدير جهودهم.

فالدولة لا تألو جهداً في إعطائهم ما يستحقون من التقدير (فالدال على الخير كفاعله) كما ورد في الحديث الصحيح. وبالله التوفيق




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد