Al Jazirah NewsPaper Wednesday  05/03/2008 G Issue 12942
الاربعاء 27 صفر 1429   العدد  12942
الوزير الذي ترجل!!
فهد العجلان (*)

لم أشأ أن أكتب ما أكتبه اليوم حين كان وزير التجارة السابق يتربع على كرسي الوزارة خشية أن أضع نفسي في شبهة التملق والتزلف إلى وزير.. لكني اليوم أجد نفسي حراً لأكتب شيئاً مما في نفسي عن حقيقة معالي وزير التجارة الدكتور هاشم عبدالله يماني بعد أن أضحى الوزير السابق.

في منتصف التسعينيات الميلادية تقريباً جمعني أول لقاء بالوزير يماني بعد أن أعددت حواراً صحفياً مطولاً لمجلة اليمامة حيث كنت أعمل صحفياً متعاوناً وكان حينها وزيراً للصناعة والكهرباء.. تقبل الدكتور عبدالله الجحلان رئيس تحرير المجلة اقتراحي بصدر رحب وشجعني عليه ولم يقل لي حينها إن مسؤولاً بحجم وزير لا يمكن أن يجري معه حوار مطول صحفي متعاون مبتدئ مايزال طالباً جامعياً.. كان الدكتور الجحلان ومايزال - حسب علمي - مشجعاً للشباب ومحمساً لهم على العطاء وخوض التجارب.

لم يمض أسبوع حتى اتصل بي مكتب الوزير ليخبرني بأن الوزير ينتظرني في مكتبه لإجراء الحوار.. حين دخلت المكتب كان عدد غير قليل من الزملاء قد حذروني وقطعوا أواصر رجائي في إنجاز حوار كهذا بتأكيد قاطع أن الوزراء لا يجرون حوارات خاصة مطولة إلا مع صحفيين بمستوى مدير تحرير أو رئيس قسم.. لكن استقبال الدكتور هاشم لي كان عكس ذلك تماماً فقد رحب بي ترحيباً حاراً قائلاً: جميل أن نرى شبابنا السعودي في مجال الصحافة والإعلام في سن مبكرة ويشرفني أن ألتقي بك!!

تم إجراء الحوار ومن ثم نشره ووجد أصداء إيجابية واسعة.. لم تفارق الأريحية والابتسامة وجه الوزير طوال الحوار، وحين حاول أحد موظفي العلاقات العامة ثنيي عن طرح أحد الأسئلة باعتبار أن موضوع الصناعة يتطلب الوقوف على الأرقام الدقيقة قبل الإجابة وبَّخه الوزير أمامي!!

تجدد لقائي بالوزير يماني في طائرة الوفد السعودي المغادر إلى جنيف بصفتي ممثلاً لصحيفة الجزيرة حيث تم توقيع الاتفاقية التاريخية لانضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، وقد أدهشني انكبابه على الأوراق والملفات طيلة ساعات الرحلة بينما كان السرير الوثير في الطائرة الخاصة من نصيب عدد من أعضاء الفريق الفني التفاوضي..

وموخراً حين بدأت الموجة الإعلامية حول ارتفاعات الأسعار والتضخم تجتاح الأسواق طلبت مقابلة الوزير وحين التقيته وجدته مبتسماً هادئاً.. ولم يلمني على كثير مما نشر في هذه الصحيفة وتحديداً في الصفحات التي أُشرف على تحريرها خصوصا أن الجزيرة كانت أول من علَّق على حواره التلفزيوني مع الزميل الإعلامي المميز طلعت حافظ وبشكل لم يخلُ من القسوة.. لكني أتذكر جيداً كلمة قالها أن الحقيقة وليس غير الحقيقة هي ما ينشده من الصحافة والإعلام في تناول وطرح الموضوعات ولن يغضب أبداً من صحفي يكتب ما يمليه عليه ضميره..

الوزير يماني طلب إعفاءه من الكرسي الذي آمن بأنه تكليف وليس تشريف وأكده بترجله النزيه، فلا أقل من أن نقدم له التحية والتقدير على اختيار شجاع من وزير برتبة مواطن!!

(*) مدير التحرير للشؤون الاقتصادية


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 959 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد