Al Jazirah NewsPaper Monday  10/03/2008 G Issue 12947
الأثنين 03 ربيع الأول 1429   العدد  12947
علاقة مصيرية بدأها الأجداد وطورها الآباء وستستمر أكثر قوة في عهد الأبناء
زيارة الأمير سلطان لقطر تعزيز للعلاقات الثنائية ونقلها إلى آفاق واسعة

«الجزيرة» - أحمد أبا الخيل

تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى الدوحة في إطار تطوير العلاقات الأخوية بين المملكة وجاراتها دول الخليج العربي. إذ إن السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية تقوم على مبادئ وثوابت ومعطيات دينية وجغرافية وتاريخية واقتصادية وأمنية وسياسية وضمن أطر رئيسة أهمها حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتعزيز العلاقات مع دول الخليج والجزيرة العربية بما يخدم المصالح المشتركة لهذه الدول ويدافع عن قضاياها. ومنذ تأسيس المملكة العربية السعودية على يد المغفور له بحول الله تعالى الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود والدائرة الخليجية تعتبر من أهم دوائر السياسة الخارجية للمملكة وذلك لأسباب عدة من أهمها أواصر القربى والارتباط التاريخي والجوار الجغرافي في التميز الذي يجمع المملكة بدول الخليج العربية إلى جانب تماثل الأنظمة السياسية والاقتصادية القائمة فيها.

ومن هذه الدول الخليجية المهمة دولة قطر الشقيقة التي يقوم سمو ولي العهد الأمير سلطان بزيارة رسمية إليها. ولقد تعززت العلاقات بين المملكة وقطر بفضل حكمة وبصيرة قائدي البلدين الشقيقين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر، والاهتمام الكبير الذي يوليانه نحو نقل هذه العلاقات نحو آفاق أوسع بما يخدم الشعبين الشقيقين وشعوب المنطقة الخليجية قاطبة. ولا شك في أن الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين الشقيقين تزيد من التعاون المشترك في جميع المجالات، كما أنها تمكن البلدين من التنسيق والتشاور الفعال حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية. إن زيارة سمو ولي العهد إلى قطر ستنعكس بالإيجاب على مسيرة التعاون الخليجي مما سيعمل على تحقيق أهداف العمل الخليجي الموحد وتذليل العقبات التي تقف في طريق هذه الأهداف التي تتطلع إليها الشعوب الخليجية انطلاقاً من الشعور المشترك بوحدة المصير.

وقد شهدت الأشهر الماضية زيارات متبادلة في غاية الأهمية بين المملكة وقطر عززت من العلاقات بين البلدين الشقيقين. ففي شهر ديسمبر الماضي قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بزيارة رسمية إلى الدوحة للمشاركة في أعمال القمة الخليجية الثامنة والعشرين. وقد رحبت قطر قيادة وشعباً بحضور الملك عبدالله وتزينت شوارع الدوحة بعبارات الترحيب والابتهاج بمقدم خادم الحرمين الشريفين. وفي تلك المناسبة قال الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري: إن (حضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله شيء مهم لأي قمة خليجية ونحن سعداء بحضور كل القادة الخليجيين والعلاقات السعودية القطرية تسير في طريق إيجابي وجيد، وكما تعرفون وقد ذكرت في أكثر من مناسبة أن المملكة هي العمود الفقري لدول مجلس التعاون ومن المهم أن تكون علاقتنا بهم علاقة ود ومحبة وتقارب ونحن سعداء لهذا الجو الإيجابي في الاجتماع ولحضور خادم الحرمين هذه القمة).

وأضاف الشيخ حمد بن جاسم في مؤتمر صحفي في ختام أعمال القمة رداً على سؤال أحد الصحفيين أن (العلاقات السعودية القطرية راسخة شابها بعض سوء الفهم نحمد الله أن هذا الموضوع وبحكمة القادة في البلدين عولج معالجة جذرية وأريد أن أؤكد لك من جانبنا أننا لا نعمل أشياء تكتيكية أو وقتية بل نعتقد أن العلاقة مع المملكة علاقة مصيرية بدأت مع الآباء والأجداد وستستمر كما كانت وأكثر قوة).

كذلك شهدت الأشهر الماضية ثلاث زيارات مهمة قام بها سمو الشيخ حمد بن خليفة إلى المملكة وذلك في ديسمبر 2006م لحضور القمة الخليجية بالرياض، أما الزيارة الثانية فكانت في نوفمبر 2007م للمشاركة في قمة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إلى إضافة إلى زيارة قام بها في سبتمبر الماضي أجرى خلالها مباحثات مهمة مع خادم الحرمين الشريفين وعقد جلسة محادثات مع خادم الحرمين بحثا خلالها تعزيز العلاقات بين البلدين والأوضاع الإقليمية والدولية، إضافة إلى الملفات العراقية واللبنانية والفلسطينية والملف النووي الإيراني.

كذلك قام الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية بزيارات عدة إلى المملكة، وقد أجرى خلالها محادثات مع سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز وبحث من خلالها التعاون الثنائي بين البلدين وسبل دعمه وتعزيزه في مختلف المجالات بما يحقق ما تصبو إليه قيادتا البلدين من تطوير وتوطيد العلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين.

ومما يشير إلى تطور العلاقات السعودية القطرية مباشرة السفير أحمد القحطاني لمهام عمله في الدوحة مستهلاً إياها بالتحضير لزيارة الأمير سلطان إلى قطر.

وقد أكد السفير القحطاني على أن وضع تطلعات القيادة الحكيمة موضع التنفيذ سيكون على رأس أولوياته وذلك عبر تعزيز وتنمية العلاقات السعودية القطرية في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية.

وقال: إنه من حسن الطالع أن يبدأ مهمته بالتحضير لزيارة الأمير سلطان لقطر وذلك في إطار التشاور والتنسيق بين البلدين. وأضاف أن زيارة بهذا المستوى الرفيع لها أهميتها الكبرى خصوصاً في هذا التوقيت الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط من تطورات والظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني وما تمر به الأمة العربية من أزمات والتي تحتاج إلى حنكة ورؤية القيادتين الحكيمتين. وقال: نحن على يقين أن نتائج إيجابية ستظهر لهذه الزيارة التاريخية ليس فقط على مستوى تعزيز العلاقات الثنائية بل إزاء تعزيز العمل الخليجي والعربي المشترك وإيجاد حلول لقضايا الأمة العربية.

وأشار السفير القحطاني إلى أن العلاقات بين المملكة وقطر هي في الحقيقة علاقات متجذرة وقوية وممتازة وتاريخية مشيراً إلى أنه سيسعى إلى تنميتها وتقويتها في جميع الميادين. وأكد أن ما يربط قيادتي البلدين من علاقات حب واحترام وتقدير سيسهل من مهمتي بهدف الرقي بهذه العلاقات إلى مستوى تطلعات القيادتين.

ومن جهته وصف القائم بأعمال السفارة السعودية في الدوحة علي قزاز العلاقات بين المملكة وقطر بأنها (جيدة جداً)، وقال قزاز: إن (الجميع يترقب الزيارة لتعميق الروابط المشتركة بين البلدين وتعزيز العلاقات الثنائية).

وبنظرة تاريخية على علاقات المملكة بقطر يمكن القول: إن جذورها تعود في بدايتها إلى منتصف القرن التاسع عشر للميلاد إذ كانت العلاقات بين حكام المملكة وقطر علاقات وثيقة. وبعد سقوط الدولة السعودية الثانية ظلت العلاقات بين أسرة آل ثاني وأسرة آل سعود حميمة ومتطورة. وحين استرد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمه الله تعالى ملك آبائه في الفترة ما بين (1902 - 1932م) رحب القطريون كثيراً بهذا الإنجاز وطربوا لانتصارات الملك عبدالعزيز المتلاحقة. وكانت العلاقة بين الملك عبدالعزيز والشيخ قاسم بن محمد آل ثاني ممتازة. وبعد وفاة الشيخ قاسم خلفه ابنه عبدالله الذي اقتفى خطى والده واستمر في تعزيز العلاقات الحميمة مع المملكة. وحين انتقل الملك عبدالعزيز آل سعود إلى جوار ربه الأعلى في عام 1953م خلفه الملك سعود الذي حافظ على حرارة العلاقات الأخوية بين بلاده ودولة قطر. وفي عهد كل من الملك فيصل والملك خالد والملك فهد رحمهم الله نمت العلاقات السعودية القطرية وتجذرت بشكل يبعث على الارتياح، ولقد سار الملك عبدالله بن عبدالعزيز على هذا الخط المتمثل في تعميق العلاقات الأخوية بين البلدين، الأمر الذي يخدم مصالح شعبي المملكة وقطر وشعوب المنطقة الخليجية برمتها.

وليس غريباً أن تكون العلاقات السعودية القطرية متطورة فسياسة المملكة العربية السعودية تجاه دول الخليج العربية سارت بخطى إيجابية وثابتة حققت من خلال ذلك تقارباً كبيراً مع تلك الدول، وشكلت على مدى قرن من الزمن علاقات متميزة تكاد تكون فريدة من نوعها بين الأمم، وذلك من حيث التنسيق والتعاون. وقد لوحظ أن علاقات المملكة بدول الخليج تتميز بالتلاحم والتنسيق في جميع المجالات، ولم تؤثر فيها بعض الخلافات (مثل الخلافات الحدودية أو الأمنية أو غيرها) التي تحدث من حين لآخر آخذة في الحسبان جميع المتغيرات الإقليمية والدولية.

إن علاقات المملكة بدول الخليج العربي ركزت على مجموعة من المحاور، كان من أهمها العمل الدؤوب والجاد على تصفية جميع الخلافات بما في ذلك المشكلات الحدودية، كذلك حرص المملكة الشديد والدائم على أهمية التنسيق الاقتصادي بين دول المجلس من خلال الحث المستمر على بناء الخليج بشكل صحيح، وإقامة سوق اقتصادية مشتركة توحد السياسات الاقتصادية لتلك الدول في إطار مجلس التعاون، وذلك لمواكبة المتغيرات الدولية المتلاحقة، والحد من آثار خطيرة قد تحل بالمنطقة في حال عدم وجود هذا التنسيق والتعاون. من هنا حرصت المملكة على التأكيد على التنسيق في السياسة النفطية مع بقية دول المجلس، وذلك فيما يخدم مصلحة الجميع.

ولم تُغفل المملكة كذلك أهمية التنسيق والتعاون قدر المستطاع في مسائل الأمن والدفاع لحماية المنطقة، والوقوف بوجه جميع التيارات والدول التي تحاول إيجاد الاضطرابات، وبث عدم الاستقرار، وإيجاد المشكلات الأمنية لدول المجلس على وجه الخصوص.

وتبين كذلك اهتمام المملكة وحرصها الشديدين على ضرورة تنسيق السياسات الخارجية قدر الإمكان من حيث إن السياسة أصبحت اليوم تلازم وبشكل كبير الاقتصاد والأمن، وقد برز هذا التعاون جلياً في الأزمات التي مرت بالمنطقة، وذلك بفضل الجهد الدؤوب والسياسة الحكيمة التي مارستها قيادة المملكة المتعاقبة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد