Al Jazirah NewsPaper Tuesday  11/03/2008 G Issue 12948
الثلاثاء 03 ربيع الأول 1429   العدد  12948
نوافذ
ترمد.... مرحلة
أميمة الخميس

يختلف كثير من المؤرخين حول تاريخ دخول المطبعة الأولى إلى العالم العربي، فبينما ينسبها البعض إلى نابليون عندما غزا مصر في أواخر القرن الثامن عشر، فأن البعض يجعل أسبقية دخولها إلى الحملات التبشيرية التي كانت تقصد جبل لبنان آنذاك، وبعيدا عن هذا وذاك فأن المطبعة هنا توظف كمؤشر يقاس من خلاله مطالع المرحلة التنويرية النهضوية في العصر الحديث، لأن القدرة على صناعة الكتاب على المستوى الجماهيري أسهمت في تأسيس المراكز الثقافية في العالم العربي.

وكانت كل عاصمة مما سبق تحاول أن تستأثر لنفسها بالريادة النهضوية في العصر الحديث، بحيث راجت مقولة في الستينات، تقول بأن مصر تؤلف ولبنان تطبع وأهل العراق يقرؤون،

عندها كان العالم العربي يلتف حول المذياع ويصيخ السمع بترقب خطب جمال عبدالناصر أو أغاني أم كلثوم، وكانت الكتب والأفلام المصرية هي التي تقود أذواق الشباب في أسلوب حياتهم.

على الشق الآخر كانت تيارات الأخوان المسلمين في مصر وكتبهم ومنشوراتهم تؤسس لتيارات فكرية ذات أبعاد مختلفة تغزو المحيط العربي، بينما المستشفيات والمدارس والجامعات تمتلئ بالمدرسين المصريين الذين أسهموا أسهاما وافرا في نهضة المكان.

لكن اليوم وفي المرحلة الحالية وبعد سنوات مما سبق، وفي الفترة التي تعاني منها الثقافة في العالم العربي من مأزق عنق الزجاجة، والمد الظلامي المكتسح، ومن تقهقر الكثير من المشاريع النهضوية، ورياح معتمة تعصف بجميع الشموع التي أوقدها الرواد، فأننا الآن لابد أن نعود ونراجع بعض من المفاهيم التي تحولت إلى ثوابت حول مركزية الثقافة في العالم العربي.

وحق لنا أيضا الآن أن نقف وأن نتسأل؟ عن دور تلك المراكز ومسؤولياتها، وهل مازالت تمارس أدوارها المناطة بها في هذا المجال؟ أم أنها يجب أن تعترف بشيخوختها وهرمها، وأن تتنحى قليلا لتفسح المجال لمشاريع أخرى ذات زخم وحيوية وخطط واضحة المعالم.

يندرج تحت هذا صدمتنا بالكثير من الذين يطرحون أنفسهم كمنظرين ومثقفين في العالم العربي (والذين يحصلون على أمجاد وأضواء وشهرة ولمعان جماهيري) لأنهم حينما يحاصرون ببعض المواقف على مستوى الممارسة الفعلية، ستتكشف كوامنهم و ستدهشنا مدى تورم الأنا الجوفاء لديهم، واستمرارهم الغفو على أمجاد شعارات باتت بالية مهترئة منذ زمن (عفلق) ...وأمة عربية خالدة.

أوروبا التي أمضت قرونا من تاريخها في حروب وصراعات داخلية، لا أعتقد أن أي بند من بنود التحالف (الاتحاد الأوروبي) الآن يتعلق بأن يكون هناك مركزا ثقافيا فكريا يقود الجميع (على الرغم من تهرئه وتهلهله) بينما يظل البقية.... أتباع. هناك تكامل هناك تجاور هناك أهداف إستراتيجية واضحة ومدروسة يتفق عليها الجميع خالية من الشعارات والخطب النارية وجميع الكلام الممل الذي لا يود أحد أن ينصت له اليوم.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد