لا زلت أصر أو مصرّاً على عدم الكتابة والخوض في غمار أي شأن سياسي، لأسباب أبديتها، وأكررها الآن، الأول: أن ليس فيما يقال صدى مهما بلغ بلاغته.. والثاني: أن غالب من يخوض بهذا هو للظهور فحسب! بظل المعطية الأولى.
ولكن - أي: مع هذا - فلا أحسب بوح كهذا.. هو (سياسة) بقدر ما هي: هموم.. وجراح الأمة النازفة من قلوب مكلومة - بخاصة وهي مكتفة - على ما يصيبها من جراح المعتدي، وخذلان ابن دمي..
لكن هناك ما يجذبك أو قل يجبلك إلى العودة عن هذا القرار.. بين حينٍ ومين، أي حال حدوث ما يدعو (قسراً)، بخاصة بعد أن أعلنت ربيبة الغرب.. ومركز رحي اهتمامها في عالمنا (الأوسطي) عن هلووكوست.. في (غزة)، فما أدري بالله: ماذا كانت تصف صنيعها الذي لم يتوقف - وحتى بعد مؤتمر (أنا بلوس) 300 قتيل - من إخواننا هناك؛ لكن ما يجبر شيء من تلكم أنها:
إن شاء الله ليست (غزة) فحسب، بل شوكة أو (رمح) بخاصرة من لا يألون بمؤمن إلاً ولا ذمة: اليهود، هؤلاء الذين لا يعرفون أو لا يتعاملون إلا مع منطق القوة. فهي التي جلبتهم ل(أوسلو) على يدي الانتفاضة - صغار الحجارة -.. مهما تحذلق مُدّعو السلام، أو ألبسوا ذلك الصنيع - مع وهنه.. ومهانته لكافة الأمة، لأنه مثل (تحرّك الجبل فولد بيضة) - بعبارات دعم المجتمع الدولي، أو غيرها من تلك الهرطقات.. والتي (لا تقتل ذبابة)!!.
ولكن العجيب.. أن أمريكا (متعهدة ذلك) ليتها لا تحرك ساكناً فحسب، بل تُعطي (ضوءاً أخضر) على تلك الصنائع.. في الوقت الذي تقوم قائمتها على أي دولة يندفع منها ما تصفهم ب(الإرهابيين) على العراق - مثلاً) - ولا يهتز لها رمش عين.. هذا إن لم تكن فتحت الباب، لحالة كهذه: فيما نشرته الجزيرة (الصفحة الأولى). بعنوان: مقتل جندي إسرائيلي في بغداد ب(لغم أرضي).
(كشفت صحيفة معاريف العبرية النقاب عن مقتل جندي إسرائيلي في العاصمة العراقية (بغداد) بعد استهداف لغم أرضي للجيب العسكري الذي تواجد بداخله قبل أسبوع تقريباً، ليقتل على الفور.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن الجندي الإسرائيلي (عامي حاي بيتون) تطوع للخدمة في صفوف الجيش الأمريكي بالعراق، موضحة أنه أول من رفع علم إسرائيل في عاصمة الخلافة العباسية: (بغداد) - ما شاء الله مرام حرام علينا،.. حلال عليهم! أو على حد وصف أحمد شوقي:
حرام على بلابله الدوح
حلال للطير من كل جنس
في الوقت التي تتلقى إسرائيل من الغرب - وأمريكا على الأخص - كل دعم مادي و(معنوي، بالفيتو.. وغيرهما) يُحرّم علينا حتى الصراخ لحال ما يحدث لإخواننا في فلسطين، أما العراق.. فلا يمكن بالمطلق القول في هذا (شرو نقير).
ولأن كان التنديد - سابقاً - دون مأمل إخواننا هناك، فقد بخلت حال هذه المجزرة (حتى) به.. معظم دول العرب اليوم!، وإن كان يخيّل إليك من سحرها.. أنها صادقة - أقصد (سحر) بيانات.. شجبها، التي كانت!-، والخوف بعدها أن يضنّو حتى بإرسال صناديق النعوش، في الوقت الذي كان يأملون بدلاً منها كراتين الأغذية والأدوية.
لكني (بالمناسبة) لن أغض طرفي عما هاجني، وفاضت منه و(له) عبرات أحرفي وأنا أنصت للمصدر المسؤول في وطن - أمس الأحد - 24 صفر - بوصفه (لهذه الوحشية (بتحويل غزة إلى محرقة) إنها تُحاكي جرائم الحرب النازية!).
أقول بهذا.. بناء على معطيات كثر، لعل أظهرها - بهذه الحرب (النازفة) لكل طاقة - حالتان، الأولى: لعلها اتضحت لكل.. من اطلع على وثيقة (الإعلام) العربي،.. ثم التفت إلى ما يبثه معظم أقنية الأخبار عما يحدث لإخواننا وأهلنا بخاصة في (غزة) على يدي جلاودة (ربيبة) الغرب.. كأنه يختبر قدرة أعصابنا
على الاحتمال، بخاصة غياب إمكانية (الرّد) أو حتى الدعم المالي - الذي قُطعت أوصال إبلاغه.. (.. من أحد (ثمار) ضبط الإرهاب).
وسبحان الله كل المكاسب لأولئك.. وتؤول إليهم - أما الدعم السلاحي لإخواننا، فهو مستحيل.. كاستحالة الدعم البشري لهم، الذي أصبح لدى بعض دول الجوار من الموبقات السبع.
فما أدري - بالله - علام هذا الضجيج، وهذا الحماس في عرض ما يحدث، والتكلف الزائد من قبل تلك القنوات.. في البحث عن المادة والتسابق عليها في إرسال مراسلين.. ومن منهم الأجود، ومن.. إلخ.
وقد كتب الأديب (حمد القاضي) المجلة العربية عدد 372.
(رغم إيماننا - نحن العرب - بأن فلسطين لن ترجع بالمقالات والكلمات وأن الكرامة لن تُستعاد بحرب الفضائيات فما زلنا - ووسائل إعلامنا - منذ حوالي نصف قرن وكل يوم يمضي يتأكد - مع الأسف - أننا (ظاهرة صوتية)!!.
وقد زاد الأمر في المدة الأخيرة - وهذا.. أحد مرامي (شاهدي) -: أصواتاً وصراخاً بعد أن دخلت (الفضائيات) على الخط.
ثم يقول: لقد سكبنا على مدى ما يقارب نصف قرن (ترليونات) الكلمات وبلايين المقالات على أنهار الصحف، فضلاً عن (أكوام من الزعقات) في الفضائيات، ومليارات الخطب والبيانات.. وربما لو وقرنا كل هذا الجهد المبذول سواء كان وقتاً أو مالاً أو تفكيراً لكان ذلك أفيد لقضيتنا وأنفع لإخواننا في فلسطين..) إلخ. طبعاً.. هو - حفظه الله - عطف بمادته إلى الدعم المالي (مع الدعاء)، ثم السياسي (الذي لا أحسب أن هناك جدوى.. من ورائه)، بخاصة بعد الشقة التي حدثت، والموقف العربي الذي وهن، أو قل تضعضع: حال ضياع جهده خلف هواجس خلافات بين علية القوم!! فبالله.. كيف نوفّق أو نوافق.. أو حتى نبلع هاتين (المترادفتين) - وإن كان بوجه خفي!! - أجيبوني يا إعلام العرب وعُقلاء العالم أيضاً،.. أي أمر يُنشد من خلال.. (تمضية) هذا الهدف إلى مرمى خاصرتنا.. إن لم أقل كرامتنا، وهل - بعدها - تسأل عن هذا الموت الذي (بدأ) يتسلل إلينا ويدبّ في حواسنا.. وإلى مشاعرنا.. وإلى...!
mohsnali@yahoo.com