ذكرت دراسة حول مواقف الأكاديميين تجاه أوضاعهم المهنية أن رأي الأكاديميين في أي بلد في العالم يمثل جزءاً كبيراً من أسباب تطوير عناصر التعليم العالي في ذلك البلد.
كما تكون مواقفهم توجهات تعد مصادر ضغط رئيسية لها آثار واضحة في توجهات صانعي القرار وواضعي السياسات الخاصة بأنظمة التعليم العالي وممارساته. والجامعة التي تعد أحد الأركان الأساسية في المجتمع المتطور يجد الأستاذ نفسه محل ضغط من جهات متعددة.
وأعضاء هيئة التدريس في الجامعة الذين يجمعون بين حبهم للتعليم ورغبتهم في تقديم الأفضل وبين تطوير النظام وحبهم للاستزادة من الثقافة بأشكالها والبحث الخلاق هم أكثر موارد الجماعة قيمة وأهمية. ومن أجل رعاية هذا المورد والعناية به يجب زيادة جهود الجامعة واستمرارها في استقطاب أعضاء جدد لتدعيم الكادر الموجود لديها وذلك بالحرص على أن تكون المخصصات تنافسية لجذب الكفاءات المؤهلة والتقليل من الاعتماد على المحاضرين غير المتفرغين أو الأساتذة الزائرين، إذ أن عضو هيئة التدريس المستقر أكثر التزاماً وانتماءً لمؤسسته من غيره. ومن جهة أخرى بحسب الدراسة فإنه يجب تقديم الحوافز المعنوية والمادية للفاعلين منهم في مجالات التعليم والنشاط الجامعي وخدمات المجتمع المحلي ومساعدتهم على الارتقاء في كادرهم المهني وتوفير البيئة الكفيلة بمنحهم الأمان الوظيفي. كما يتوجب كذلك دعم النشاطات البحثية العلمية بكل أنواعها وتخصصاتها وزيادة إشراك أعضاء هيئة التدريس ومساهمتهم في التخطيط ورسم السياسات التعليمية واتخاذ القرار برفع مستوى فعالية الاتصال بين مختلف المستويات في الجامعة وتسهيل مساهمة أعضاء هيئة التدريس في وضع مقاييس الأداء ومن ثم استمرار دعم النشاطات الإرشادية لهم. وتقول الدراسة إن الأكاديميين في معظم أنحاء العالم مهتمون بالحوار حول إعادة هيكلة التعليم العالي وتشكيله وربطه بشكل جيد بسوق العمل وتغيير أنماط تمويله ومصادره وتنويعها. والعمل الأكاديمي في مختلف أنحاء العالم يواجه بعض المشكلات العامة في التواجهات والموازنات والخطط والضغوط التي تعترض الجامعة، فالمشكلة المالية تكاد تكون عامة في كل الجامعات والموارد المحدودة وما يقابلها من تزايد كبير في نسب الالتحاق والزيادة غير العادية في تكلفة التجهيزات التكنولوجية الحديثة والمطالبة الملحة من قبل صانعي القرار والسياسات وقادة الفكر بإعادة النظر في دور المهنة الأكاديمية في مجالات التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع كلها أصبحت تمثل ضغوطاً ينوء بحملها كاهل التعليم العالي. ولذلك فقد تزايدت الصيحات من كل المهتمين للبحث عن حلول لهذه المشكلات التي تلقي بظلالها أكثر ما تلقي على كواهل الأكاديميين. كما أن المناداة بأن يكون الأكاديميون أكثر التزاماً وأن يكون عملهم أكثر خلقاً وتجديداً بدأت ترتفع أصواتها مطالبة بمزيد من البحث العلمي والمشاريع الريادية التي تجلب موارد مادية للجامعات والمعاهد العلمية. ولأن الأكاديميين هم أكثر فئات المجتمع إحساساً بهذه المشكلات وتحملاً لتبعاتها فإن الدراسة تحث الأكاديميين على أن يبادروا إلى قبول التحدي وأن يتمكنوا من القيام بالدور المنتظر منهم وأن يتمكنوا من التعبير عن مواقفهم في الظروف التي يعيشونها وإعطاء الوصف الحقيقي للمؤثرات التي تعترض عملهم سواء على مستوى المسؤولين المباشرين أو نظام التعليم العالي أو حرية القول والعمل في البيئة الأكاديمية. وعلى الله الاتكال.