Al Jazirah NewsPaper Tuesday  11/03/2008 G Issue 12948
الثلاثاء 03 ربيع الأول 1429   العدد  12948
رحمه الله أم عفا الله عنه
د.محمد الخراز-جامعة القصيم

هل نقول لمن مات (رحمه الله) أم (عفا الله عنه)؟ قد يبدو السؤال غريباً، لكن أجدادنا الفاهمون كانوا يفرقون بينهما، فمن علموا عليه في حياته من الهنات والأخطاء الظاهرة دعوا له بالعفو، ومن علموا من ظاهر حاله الصلاح والاستقامة في حياته طلبوا له الرحمة والمغفرة. ليس فعلهم شرعاً ولا فتوى، لكنها فطرة نقدية أحسوا بها وجبلوا عليها، وقد أندثر هذا التفريق الآن، ولا أدعو لتصنيف الناس حتى في الدعاء لهم، لكن أدعو إلى سلوك حضاري واع، بأن لا نخشى شيئاً من تقييم الناس حتى بعد موتهم، ما دام قصدنا حسناً وكلامنا فيهم عدلاً، وإلا فلن تتغير أوضاعنا، ما دمنا نخشى بطش المخطئين أو نرجو نفعهم وهم أحياء، ثم إذا ما ماتوا قلنا (قدموا إلى ما قدموا).. هذا لا شك فيه، إلا أن أولئك الناس ذوي الأثر في مناصبهم لا بد أن ينتقد خطؤهم ويصحح زللهم، وإلا فلن تستقيم الأمور أبداً، هذا صدام فعل في العراق ما فعل من الخير والشر، وإذا ما أردت أن تتبصر في محطات الفشل في سياسته وتصرفه مع شعبه انبرى لك من يعتقد أن الموتى لا يصح أن ننتقدهم ولا أن نتكلم بوجهات نظرنا عن تصرفاتهم، فظللنا في دائرة من الأخطاء لا تنتهي. أقول: يجب أن ندرس سيرة الناس في حياتهم ونسهم في توجيههم وإرشادهم والنصح لهم، فإن خفنا منهم وهم أحياء فلا شيء يمنع من تدارك أخطائهم بعد وفاتهم، والحوار والمناقشة حولها، لئلا تتكرر الأخطاء، بعد أن يأمن المخطئ المحاسبة في الدنيا، وسوء الذكر بعد فراقها.






 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد