هذه المقالة ستتيح لك فرصة توسيع نطاق معلوماتك المتعلقة بالقامة القصيرة، لا سيما فيما يتعلّق بحالةٍ معيّنة تُعرَفُ بالنقص الشديد في عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين وعلاقة العلاج بنقص السكر. ولا بدّ من الإشارة إلى أن كلمتي (طويل) و(قصير) نسبيّتان. فما يعدُّ طولاً (طبيعيًا) يرتبط بشكلٍ وثيقٍ بالمحيط الثقافي والتراث العرقي. فحتى ضمن ثقافةٍ معيّنة، يعدُّ هامش مفهوم الطول والوزن الطبيعي واسع النطاق.
ومن المهم أيضاً معرفة أن الطفل قد يكون (قصير القامة) وطبيعياً تماماً ويتمتَّع بصحّةٍ جيّدة. ولكن، لا بد من التساؤل عمّا إذا كان الحجم الصغير للطفل ناتجًا عن حالةٍ طبيةٍ لا يُمكن إهمالُها. ويُمكن لطبيب الأطفال المختصُّ بالغدد الصمّاء أن يُعاين الطّفل ويطلب الفحوصات اللازمة لمعرفة ما إذا كانت حالة الطفل الطبيّة تؤثّر على نموّه. في هذه الحالة، يُمكن للطبيب اقتراح عدة خيارات للعلاج أثبتَتْ نتائجها الفعّالة من حيث النمو.
أنواع قصر القامة الشائعة
ينتمي معظم الأطفال الذين يعانون قصرًا في القامة إلى إحدى الفئات التالية:
قصر القامة العائلي: يعني قصر القامة العائلي أن القامة القصيرة متوارثة في العائلة.
تأخّر نمو البنية: يعدُّ الأطفال الذين تتأخَّر بنيتهم في النمو صغار الحجم بالنسبة إلى سنّهم وهم يميلون إلى التأخر قليلاً في دخول سن البلوغ. إلاّ أنهم وبسبب متابعة نموّهم بمعدّل طبيعي، يتمكّنون من (التعويض) والوصول إلى قامةٍ طبيعيّةٍ في سن الرشد. وفي بعض الأحيان، قد يُسمّى الأطفال الذين تتأخّر بنيتهم في النمو (المتأخّرين في دخول سنّ البلوغ).
قصر القامة المجهول السبب
هي عبارة شاملة تُستعمَل، في
بعض الحالات، لوصف حالة قصر القامة، حيث لم يتمّ تحديد أي سبب لغياب النمو بشكل طبيعي.
صغيرو الحجم بالنسبة إلى عمرهم في خلال فترة الحمل: في بعض الحالات، يبدأ الأطفال بمواجهة مشكلات النمو حتّى ما قبل ولادتهم. وقد تستمر هذه المشكلات في خلال طفولتهم.
أمراض الغدد الصمّاء: تشكّل الهرمونات المواد الكيميائية في الجسم التي تنظّم طريقة عمل خلايا مُحدّدة وتتحكّم بها. ويعدُّ المرض هرمونيًّا حين يكون معدل الهرمون إما مرتفعًا جداً أو منخفضاً جدًا، ممّا قد يؤثّر على النّشاط الجسدي الذي يتحكّم به الهرمون. أمّا الاختلالان الهرمونيّان اللّذان يؤثّران على النمو، فهما النقص في هرمون النمو والنقص في عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين.
النقص في هرمون النمو
انه خللٌ ناجمٌ عن النقص في هرمون النمو الذي يدفع الجسم إلى النمو. ولتحديد هذا التشخيص، يأخذ الطبيب بعين الاعتبار عوامل عدة، منها الفحوص المخبريّة التي تُظهر قدرة الجسم على إفراز هرمون النمو بنفسه.
النقص الشديد في عامل
النمو الأول الشبيه بالأنسولين
يمكن لهذه العبارة أن تفسر قصر
القامة لدى بعض الأطفال. فعامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين هو هرمون يلعب دوراً أساسياً في نمو الإنسان. ويعدُّ النّقص الشديد في هذا الهرمون خللاً يكون فيه معدّل عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين منخفضًا.
الأمراض التي تصيب الجسم كلّه: تؤثّر أمراض مزمنةٌ عديدةٌ، من بينها الأمراض التي تُصيب الكبد والقلب والرئة والكلية، في الجسم كلّه. وبالتالي، تؤثّر على صحة الطفل وعافيته وعلى مدى نموه.
خطوات النمو الطبيعي
الخطوة الأولى:
تبدأ عملية النّمو الطبيعي حين تقوم الغدة النخاميّة الموجودة في المخ بإفراز هرمون النمو وينتقل هذا الهرمون عبر مجرى الدم، حيث يلتصق ببنى محدّدةٍ موجودةٍ على الخلايا تسمّى (مستقبِلات).
الخطوة الثانية
فلنعتبر أن المستقبِلات الموجودة على الخلايا هي أقفالٌ صغيرة. ويلعب هرمون النمو دور المفتاح. فحين يلتصق هرمون النمو بمُستقبِل ما، (يُطلق) عملية النمو.
الخطوة الثالثة
حين يعمل المُستقبِل بشكلٍ جيّد، يُرسل إشارة إلى الخليّة تدفعها إلى البدء بإفراز عامل النمو الأول الشبيه (بالأنسولين)
IGF-1 الذي يعدُّ عنصراً أساسياً
يحتاج الإنسان إليه لتحقيق النمو.
الخطوة الرابعة
في حالة النمو الطبيعي، تبدأ الخليّة بإنتاج عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين وهو هرمونٌ مهمٌّ جداً لنمو الجسم بكامله.
الخطوة الخامسة
ويتمّ عندئذٍ إفراز عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين في مجرى الدم، حيث ينتقل إلى خلايا متخصّصةٍ أخرى موجودةٍ في العظام والغضروف والكبد وأنسجةٍ أخرى في الجسم ويدفعها إلى النمو.
حين لا يكون النمو طبيعيًا
حتى لو كانت مستويات هرمون النمو جيّدةً...
ثمّة احتمال ألاّ يعمل مُستقبِل هرمون النّمو بطريقةٍ جيّدة. إذ قد يلتصق المفتاح (هرمون النمو) مثلاً، لكن القفل (المُستقبِل) لا يفتح، وبالتالي لا يُمكن أن تبدأ عمليّة النمو.
قد يحدث خطأ ما في إطلاق العمليّة ضمن الخليّة. ولا يتمّ تمرير الرسالة لصنع عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين كما يجب. عندئذٍ، لا تُستَكمل عمليّة النمو بشكلٍ طبيعي.
يُمكن أن يكون في الجين خللٌ ما. والجين هو جزءٌ من الحمض النووي يتضمَّن (الشيفرة الجينيّة) الخاصة بمواصفات أحد والدَي الفرد التي قد تنتقل من جيلٍ إلى آخر. وفي حال كان في الجين الخاص بعامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين خللٌ ما، لا يمكن للخليّة إنتاج هذا الهرمون بطريقةٍ صحيحةٍ، حتى لو أتت (رسالة) إنتاجه واضحةً تماماً.
في حال كان عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين غير كافٍ، لا ينمو الجسم كما يجب.
أسباب النقص الشديد في عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين:
1- إفراز هرمون النمو.
2- مُستقبِل هرمون النمو.
3- توصيل بعد مُستقبِل هرمون النمو.
4- ظهور الجين المنتج لعامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين - 1 5- نمو الجسم بفضل عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين.
طبيعة حالة النقص الشديد في عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين
*ما هو عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين؟
على مرّ سنواتٍ طويلةٍ، كان الباحثون والعالمون يشكّون في ارتباط عنصرٍ ما في جسم الإنسان غير هرمون النمو بعملية تحفيز النمو. الاّ أن هذا العنصر لم يتمَّ تحديده قبل السبعينات والثمانينات وأطلق عليه اسم عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين.
في الواقع، ويؤدّي هذا العامل دوراً مهماً في عمليّة نمو الإنسان. وتشير الدراسات إلى أن عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين يلعب دوراً أهم من دور هرمون النمو وحدَه في تنظيم عمليّة تحديد الطول.
*متى يكون عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين كافيًا... وغير كافٍ؟
متى كان عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين كافياً عند الأطفال، ينمون بشكلٍ طبيعي مع الأخذ بعين الاعتبار تاريخ العائلة والافتراض بأنهم يتمتّعون بصحّةٍ جيدة بالإجمال وبأنهم يحصلون على نظامٍ غذائي مناسبٍ وعلى قدر كافٍ من النوم.
ومتى كان عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين غير كافٍ، لا ينمون كسائر الأطفال في سنّهم. وقد يحصل هذا الاختلال في النمو الطبيعي حتّى عندما تكون مستويات هرمون النمو في الجسم طبيعيّةً أو مرتفعة. وحين لا يكون نمو الطفل طبيعيًّا، بالإضافة إلى معايير أخرى مُبيَّنة فيما يلي، تُسمّى الحالة بالنقص الشديد في عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين عند قصيري القامة وهي التسمية المُتعارَف عليها بين الأطباء المتخصّصين في الغدد الصمّاء. ويصل عدد الأطفال الذين يعانون هذه الحالة في الولايات المتحدة إلى 6 آلاف طفلٍ تقريبًا.
تشخيص النقص الشديد في عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين
*كيف يستطيع طبيبك التعرّف إلى حالة النقص الشديد في عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين؟
- يكون الطفل أقصر من 99.8 % من سائر الأطفال بعمره ومن جنسه.
- تكون مستويات عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين في الجسم منخفضةً أكثر من تلك التي يسجّلها 99.8% من سائر الأطفال بعمره ومن جنسه.
- تكون مستويات هرمون النمو في الجسم طبيعيّةً أو حتى مرتفعة.
العلاج باستخدام عامل
النمو الأول الشبيه بالأنسولين
في سبيل استبدال عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين في حال لا يستطيع الجسم إنتاج هذا الهرمون بشكلٍ كافٍ ليؤمّن نمواً طبيعيًا،لا بدّ من استعمال عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين تُطلق هذه التسمية على المنتج الموجود في الأسواق، وهو عبارة عن مادةٍ كيميائيّةٍ تشبه عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين الذي يفرزه الجسم. بفضل تقنيّة الحمض النووي، يتطابق عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين والمصنوع في المختبر تماماً مع عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين الذي يُنتجُه جسم الإنسان بشكلٍ طبيعي. وتعد عمليّة استبدال هذا الهرمون، بالنّسبة إلى الأطفال الذين يعانون النّقص الشديد في عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين، علاجًا لم يكن متوفراً من قبل. فقد أُجريَتْ اختبارات تحليليّة وأبحاث عديدة على مدى سنوات قبل موافقة إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية على عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين لا بدّ من الإشارة إلى أنه كسائرِ الأدوية، فقد يكون للانكريليكس آثارٌ جانبيّةٌ لدى بعض المرضى، على غرار انخفاض سكر الدم والتضخّم اللوزي. ويُمكن لطبيب الأطفال المتخصّص بالغدد الصمّاء أن يفسّر فوائد عامل النمو الأول الشبيه بالأنسولين وأخطارَه وأن يعرف ما إذا كان مناسبًا لحالة قصر القامة المعيّنة.