Al Jazirah NewsPaper Thursday  13/03/2008 G Issue 12950
الخميس 05 ربيع الأول 1429   العدد  12950
سماحة المفتي مخاطبا قضاة ديوان المظالم:
الدعاوى الكيدية ظلم، وانظروا لحال المتخاصمين بعدل وانصاف

«الجزيرة» - وهيب الوهيبي

حذّر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء من الدعاوى الكيدية التي تقام بلا حق ومصدرها العدوان وأرشد سماحته القضاة إلى النظر في حال المترافعين أمامهم نظرة عدل وإنصاف، مراقبين الله قبل كل شيء في حكمه، عالمين أن هذا الحكم في الدنيا وإن مضى، وإذا لم يكن على وفق الشرع فلا بد أن تعاد المظالم يوم القيامة.. جاء ذلك خلال لقائه بقضاة ديوان المظالم بحضور رئيس ديوان المظالم الشيخ محمد عبد الله بن محمد الأمين ومعالي نائبه الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى صباح أمس الأربعاء بمناسبة إلقاء سماحته محاضرة على منسوبي الديوان حول تحمل الأمانة والمسؤولية ضمن برامج النشاط الثقافي الذي ينظمه الديوان لمنسوبيه.

وقال سماحته: إن الله سبحانه وتعالى أنزل كتابه حجة على العالمين: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} من حكم به عدل، ومن دعا إليه نصر، ومن عمل به سعد في الدنيا والآخرة.

وأكد سماحة المفتي العام أن الله عزّ وجلّ جعل هذا القرآن دستوراً لهذه الأمة فهو شرفها وعزها وسبب رفعتها وبقائها وقوتها، {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ}

وأضاف سماحته قائلاً: ولا شك أن المعرضين عنه دليل على مرض قلوبهم وفساد فطرتهم.

قال جلّ وعلا عن المنافقين: {وَإِذَا دُعُوا إلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إذا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ، فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أولئك هُمُ الظَّالِمُونَ}

فالظالمون الذين إذا دُعوا إلى حكم الله أعرضوا وإذا أُمروا بالتحاكم إلى شرع الله أعرضوا ولم يستجيبوا ولم ينقادوا لأن فيهم مرض الشك والنفاق وأساءوا الظن بالقرآن وأساءوا الظن بالسنّة، ورأوا أنهما غير قادرين على التحكيم والتحاكم، لذلك قال سبحانه: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}

ووجه سماحته المسلمين بالرضا بحكم الله وأن يقنعوا بذلك، وألا يكون في صدورهم حرج بل منقادون سامعون مطيعون: {وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}

وبيّن سماحته أن الله عزّ وجلّ أمرنا بالعدل وحرم علينا الظلم فقال:

إن الله جعل العدل واجباً علينا وأمرنا به بقوله: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }، مشيراً سماحته إلى أن هذه الآية اشتملت على كثير من الأوامر والنواهي، فقد أمرنا بالعدل فيما بيننا وفي أنفسنا وفيما بيننا وبين ربنا والعدل فيما بين أهلينا وأولادنا، والعدل فيما بيننا وبين مجتمعنا وكذلك ما بيننا وبين أعدائنا، فالعدل خلق المسلم لا يحيد يمنة ولا يسرة، لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ: (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) وجاء في بعض الألفاظ (ولو كان فاجراً). فقال صلى الله عليه وسلم: (من خاصم في باطلٍ لم يزل في سخط الله حتى ينزع)، فالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يحذر المسلم قبل أن يقيم الدعوى ويحذره قبل الدخول فيها، فينظر هل دعواه التي يقيمها له عليها بينة، وهل هو محق فيما يدعي، أم مبطل، فإن كان محقاً فليقدم فإن دفاع الإنسان عن حقه أمر لا عيب فيه لأن حفظ الأموال والدفاع عنها أمر مشروع، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قتل دون ماله فهو شهيد).

وأضاف سماحته أن على المسلم أن ينظر في نفسه، هل هذه الدعوى التي يريد أن يقيمها مبنية على حق وصواب فيقدم أم مبنية على باطل وظلم فيرتدع، فالرجوع إلى الحق فضيلة، والتخلص من الظلم نعمة من الله على العبد.

وعرج سماحة المفتي إلى ديوان المظالم فقال: إن هذا السلك القضائي لا سيما في هذه الدار المباركة (ديوان المظالم) يجب أن يتحلى أهله بالخير، والصدق، وإن كان المظهر -ولله الحمد- طيب والسمعة حسنة، ولكن مزيداً من الخير والتقدم فيه، والتحلي بالأمانة، والتعاون فيما بين أفراد هذا الجهاز، وأن يكون الجميع يداً واحدة، والقلوب متفقة والأهداف واضحة، والهدف الأسمى إيصال الحق إلى أهله وقطع دابر الفساد، وردع الظالم والأخذ على يده وإيقافه عند حده حتى لا يستشري الفساد.

وأكد سماحته أن القضاء إذا انتظم واعتدل، وسار على الطريق السوي، واخلص فيه أربابه فيما بينهم وبين الله؛ سبب عظيم لإصلاح المجتمع.

وأوضح سماحته في حديثه لأصحاب الفضيلة القضاة أهمية التعاون والتكاتف فيما بينهم وأن ذلك مدعاة لوحدة الصف وقوة الجهاز ورفعة شأنه، وقال: إن القضاة كلّما كانوا على المستوى المطلوب في أنفسهم أخلاقاً وسلوكاً وتعاملاً ورفقاً بالمتخاصمين وعدلاً بينهم كان أطيب لنفوس المتخاصمين فيخرجان وقد اقتنعا بما صدر من حكم.وأشار سماحته إلى التعاون بين أفراد الديوان وقال: إن هذا أمر مطلوب، فإن هذا التعاون يجعل الجميع قوة، فالإنسان بالله ثم بإخوانه، تعاوناً على الخير وحرصاً على السعي في مصالح العامة التي تضمن أن يؤدي الديوان عمله على الوجه الأكمل وأن يتحمل مسؤوليته التي أنيطت به، حتى لو تضخمت هذه المسؤولية بكثرة القضايا الواردة له، مقارنة بما كان عليه العهد قبل سنوات.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد