Al Jazirah NewsPaper Thursday  13/03/2008 G Issue 12950
الخميس 05 ربيع الأول 1429   العدد  12950

إضافات إلى ما كتبه الموينع عن إقبال

 

قرأت ما كتبه الأخ سعد بن محمد الموينع في الجزيرة العدد 12930 يوم الجمعة 15 من صفر 1429 هـ وفيه ترجمة للشاعر محمد إقبال وقد أجاد فيما كتبه تعليقاً على بيتين أوردهما الكاتب الرياضي صالح رضا هما:

إذا الإيمان ضاع فلا أمان

ولا دنيا لمن لم يحيى دينا

ومن رضي الحياة بغير دين

فقد جعل الفناء لها قرينا

والبيتان للشاعر محمد إقبال

وتعقيباً أحب أذكر الأمور التالية:

أولاً: إن محمد إقبال ولد في بيت كان أهله من (البراهمة) في كشمير وأسلم جده الأعلى قبل مائتي سنة وكانت بلاده ضمن مملكة الهند الكبرى.

ثانياً: لم يكن يشعر أنه هندي أعجمي ولكنه كان يشعر بانتمائه الإسلامي ويشارك المسلمين مشاعرهم في كل نازلة تحل بهم أو حرب تشن عليهم فهو يقول:

إن كان لي نغم الهنود ولحنهم

لكن هذا الصوت من عدنان

وينكر على أبناء قومه ما هم فيه من جهل وتخلف ويدعوهم إلى ما فيه عزهم فيقول:

أونصنع الأصنام ثم نبيعها

حاشا الموحد أن يذل لمال

أيام سلمان بنا موصولة

وتُقَى أويس في آذان بلال

ثالثاً: محمد إقبال هو أول من دعا إلى (فكرة باكستان) التي على ضوئها استقلت عن مملكة الهند وصارت بحمد الله بلداً إسلامياً كبيراً له مكانته ووزنه بين المسلمين.

وكان ذلك عام 1930م في مؤتمر الرابطة الإسلامية الذي عقد في مدينة (إله آباد) وقد انتخب إقبال رئيساً للمؤتمر.

رابعاً: من أصدق من كتب عن محمد إقبال هي ما كتبه الشيخ أبوالحسن الندوي الحاصل على جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام عام 1400هـ في كتابه القيّم (روائع إقبال)، وكان الشيخ قد التقى محمد إقبال قبل وفاته بشهور في السادس عشر من رمضان 1356 هـ في (لاهور) ودار بينهما أحاديث كثيرة.

خامساً: الرجل الثاني الذي كتب عن محمد إقبال وترجم شعره إلى العربية هو عبدالوهاب عزام حيث قابله في طريقه إلى حضور المؤتمر الإسلامي الذي عقد في المسجد الأقصى عام 1931م.. وكتب عبدالوهاب عزام كتابه (محمد إقبال سيرته وفلسفته وشعره).

وقد ترجم عزام شعر محمد إقبال الذي كان نظمه باللغة الأردية وكانت الترجمة نظماً ونثراً.. ومن أجود وأروع ذلك الشعر القصيدتين المشهورتين:

1 - شكوى التي جاءت في 120 بيتاً وترجمها أول مرة محمد حسن الأعظمي والصاوي على شعلان ونشرت ترجمتها العربية هذه سنة 1392 هـ.

2 - جواب شكوى وجاء في 140 بيتاً ونشرت مع شكوى وللمترجمين نفسيهما.

سادساً: كان إقبال شاعر الطموح والحب والإيمان، وأشهد على نفسي أني كلما قرأت شعره جاش خاطري وثارت عواطفي وشعرت بدبيب المعاني والأحاسيس في نفسي وبحركة للحماسة الإسلامية في عروقي، وتلك قيمة شعره وأدبه في نظري روائع إقبال ص 20 - 21 - 22 ولكي يستمتع القارئ ويعيش مع الشاعر سمو أفكاره وروعة معانيه أورد أبياتاً لمحمد إقبال تدل على شرف المسلمين وعلو مجدهم فقد فتحوا الممالك بالأخلاق لا بالسلاح ونشر العدل والدين بحسن التعامل مع الناس وكسب قلوبهم وليس بالشدة والحرب والقتال يقول رحمه الله:

كنا جبالاً في الجبال وربَّما

سرنا على موج البحار بحارا

بمعابد الإفرنج كان أذاننا

قبل الكتائب يفتح الأمصارا

لم تنس إفريقيا ولا صحراؤها

سجداتنا والأرض تقذف نارا

وعن دور المسلمين في نشر الحرية والعدل والإنصاف في العالم يقول:

أحم البرايا لم تكن من قبلنا

إلا عبيداً في إسار عبيد

بلغت بنا الأجيال حرياتها

من بعد أصفاد وذل قيود

ولم يكن المسلمون طالبين لمال أو جاه أو زعامات؛ وإنما رسل رحمة للناس ودعاة هدى وقادة إلى سعادة الآخرة.. أما الدنيا فلم تكن أكبر همهم ولم تغرهم شهواتها ولم يحسدوا العالم على ما ملكه منها.. يقول إقبال:

أنا ما حسدت الكافرين وقد غدوا

في أنعم ومواكب وقصور

بل محنتي ألا أرى في أمتي

عملاً تقدمه صداق الحور

ويخاطب الكسالى ممن قعدت بهم همومهم الخاوية وشهواتهم العارمة فضيعوا وفرطوا في قيمهم ومثلهم فيقول:

لأي مآثر القوم انتسبتم؟

لتكتسبوا فخار المسلمينا

فأين مقام ذي النورين منكم

ودولة عزه دنيا ودينا

وفقر عليٍّ الأواب هلا

ربحتم فيه كنز الفاتحينا

أقمتم في الذنوب وفي الخطايا

وتغتابون حتى الصالحينا

وهم سرّوا عيوب الخلق فضلاً

وإن كانوا أبر المتقينا

ودُرَر شعر إقبال كثيرة؛ ولكن يكفي من الحلية ما أحاط بالعنق..

عبدالعزيز بن صالح العسكر

عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد