Al Jazirah NewsPaper Monday  17/03/2008 G Issue 12954
الأثنين 09 ربيع الأول 1429   العدد  12954
الرئة الثالثة
شيء من الكتابة عن الكتابة!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

1ولد عشقُ الحرف في وجداني يوم كنت ابن التاسعة أرعى الغنم في سفوح الجبال المتاخمة لدار جدي (لأمي) طيب الله ثراهما، وجاء هذا العشق بعد أن تجاوزت بوابة الهجاء.. والرسم على الورق بالحروف الأولى.. ربما تسلل عشقُ الحرف إليّ خلسةً عبر جدار الصمت في أحضان الجبال، وقد يكون قبَساً أشْعله في خاطري عزفُ حوافر الأغنام من حولي، مترنمةً بحبّ الزاد! لست أدريّ، وقد يكون الخوفُ من الكلام وأنا صغير في حضور الكبار من الأهل وغير الأهل قد أرغمني على البحث عن بديل له، فكانت الكتابة.. في بدايتها وبدائياتها هي ذلك البديل. ومرة أخرى أكرر: لستُ أدري!

**

* باختصار، (ولدتُ) كتابةً وفي يدي (ريشة) من خشب الخيزران كنت اصطنعها لنفسي.. وأغمسُها في مسحوق الفحم المبلل بالماء كنتُ ألجأ إليه في غياب المداد الحقيقي، حين لا أجدُ إليه سبيلاً، ونموتُ.. ونما العشقُ للكتابة معي، وحين تجاوزتُ المرحلة المتوسطة، شعرت ولأول مرة بفتنة الكلام على الورق، فكانت (المراهقات) الأولى عبر (كرّاس) الإنشاء.. ثم قفزتْ بي الفتنةُ إلى صفحات جريدة (القصيم).. وكانت هذه أجملَ بداية! أخيرا لم يشْغلني العملُ يوما.. ولا ألهتني تكاليفُ العيش عن الكتابة، ولن يشغلني عنها شاغل - بإذن الله -، فهي عشقي.. وهي قَدرَي!

-2-

* طلبت (الجزيرة) قبل حين من كتّاب أعمدتها اختصارَ مشاركتهم بما لا يتجاوز (850) كلمة للعمود الواحد، وقد حاولتُ الامتثالَ لهذا الطلب والالتزام به، على الرغم من أنني أميلُ بوجه عام إلى الاختصار فيما أطرحه عبر هذه الزاوية، لا لغرضِ الاختصار فحسب، ولكن لإشباع مطلب بلاغيّ، وهو أنّ ما تستطيعُ أن تعبر عنه في سطر أو سطرين بدقة ووضوح، خير من ألف سطرٍ تحملُ المعنَى ذاته!

**

* والحقّ أنّ هناك مشكلةً دائمة ترتبط بكتابة أي زاوية، وهي ضرورةُ الالتزام بالضَّوابط التي تفْرضُها مساحةُ الزاوية، أما الأمر الثاني، فإن الإيجازَ في الكتابة، مع عَدم الإخلال بالمعنى فنّ عَسير، يتطلبُ من الكاتب جُهْداً في الصياغة، مثْلما يتطلب من القارئ جهداً في فَهْم ما بين السطور إذا لم يَعِ ظاهرَها!

**

* وأقرُّ هنا أنّ فشلَ بعض القراء في إدراك معنى بعض ما أكتب بعض الأحيان يعود إلى واحد من اثنين: إما قصور في التعبير، وهو أمر لا أنفيه ولا أنافحُ عنه، وإمَّا قصور في فَهْم القارئ الكريم، وهو أمر وارد، وفي كلا الحالين، ألتمسُ العذَر لكلينا!

**

* أخيراً أسلم بأن الكتَّابَ يختلفُون في آليات طرحهم، فهناك منْ يسهب إسهاباً مملاً يجعل الفَهمَ معه أكثرَ عسراً من الاختصار، وهناك من يوجزُ في الطرح إيجازاً يغلفُه الغموض، فيخلُّ بالمعنى ولا يعين على الفَهْم، وأرجو ألا أكونَ أحدَ أولئك أو هؤلاء!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5141 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد