Al Jazirah NewsPaper Monday  17/03/2008 G Issue 12954
الأثنين 09 ربيع الأول 1429   العدد  12954
بين قولين
وظيفة أرنوب
عبدالحفيظ الشمري

تحوَّل شاب مؤهل بشهادة (الثانوية العامة) بين ليلة وضحاها إلى هيئة (أرنب عملاقة) بحجم رجل، وفتى آخر خرج إلى الناس بصورة (قرد ضخم)، فيما بدا أحدهم أمام الجميع وكأنه (فيل) ضخم، ورابع بمنظر (حمار وحشي) مقلم.. فلم يكن هذا التحوُّل مسخاً، أو عبثاً بقدرة الله. إنما هي حالة من التحوُّل الطوعي للترفيه عن جماهير المنتزهات العامة أو الخاصة.

فتقمُّص شخصية (أرنوب) أو (قرود) أو (فيلوه) لم يكن بدوافع ومتطلبات عمل مسرحي ممنهج أو مدروس، إنما على هيئة تهريج واستظراف وخفة دم لكي يقهقه الأطفال، وتبتسم جميع العائلات، وقد تؤخذ صور كثيرة للذكرى مع هذا الشاب الذي لم يجد له عملاً إلا أن يحاكي الأرنب في قفزه، ويقلد القرد في مشيته، ويردد صوت الحيوانات وكأنه واحد من فصيلتها.. فكل هذا من أجل القوت وستر الحال.

حتى وإن أخرجنا الكلام المعسول، والتوجيه الأبوي الواقعي، وارتدينا مسوح النظرة الأولى بأن العمل ليس عيباً، وأكدنا مراراً أن الأمر هو من أجل تنشيط الدورة الدموية والرئوية للسياحة فهذا لن ينجينا من غلظة سؤال:

ألم يجد خريج الثانوية أو المعهد أو الجامعي أحياناً إلا هذه الوظيفة التي لا يتجاوز راتبها (1200) ريال فقط بلا بدلات، أو أي حوافز، حتى وإن ارتدى مسوح كل الحيوانات وقفز أمام الناس بكل الحركات الرشيقة؟!.. فالأمر محير وشاق، يعبث بالمشاعر، ويخيفنا حقيقة من المصير الذي قد يؤول إليه مستقبل الأجيال بيننا.

هذه الوظيفة قد تكون لوافد طيب يمارس حقه المشروع في البحث عن الرزق.. فقد يرضى بالقليل، فيما الوظيفة المفترضة لهذا الرجل الأرنوبي المهرِّج يشغلها ذلك القادم بعقود ومواثيق.. فهو الذي يتمتع بكل المزايا، بل ولديه فرصة كبيرة ومناسبة أن يستقدم عائلته؛ ليسرحوا ويمرحوا.. بل ويذهبوا معاً أيام العطل إلى المنتزهات؛ ليروحوا عن أنفسهم، وهذا حق مشروع.. بل ويستمتعوا بالفرجة على الشباب الذين يرتدي بعضهم دمى المخلوقات اللطيفة والأليفة، فيما يقلد البعض الآخر تقافزها الرشيق، ويردد البعض منهم أصواتها العجيبة طمعاً بريالات قد لا تسد أي حاجة، لكنها رغبة في البقاء على أنغام لعل وعسى!!



hrbda2000@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5217 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد