Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/03/2008 G Issue 12955
الثلاثاء 10 ربيع الأول 1429   العدد  12955
أوتار
الدين لله والوطن للجميع
د. موسى بن عيسى العويس

أول ما ابتدر إلى ذهني بعد إعلان إطلاق (السوق الخليجية المشتركة) هذه المقولة (الدين لله والوطن للجميع) رغم أنها حُمّلت أكثر مما تحتمل إبان فترة الاستعمار، وفُسّرت أكثر من تفسير في أوج المراحل التي مرت بها حركات التحرير في الوطن العربي مطلع (القرن العشرين)، وزاد من لهيبها بروز القومية العربية التي كانت وعاءً فكرياً للوحدة العربية المزعومة، أو المتوهمة، والتي ترى أن ما تهدمه السياسة يبنيه الفكر، والعكس أحياناً.

* عقود من الزمن مظلمة مرّت على بعض الأقطار العربية لا أحد ينكر أو يتجاهل ما وقعت فيه من نزاعات وصراعات لا قيمة لها، لكنها بُذرت عندهم واستنبتت من حيث يدركون أو لا يدركون.. زادت على إثرها الفجوات، واتسع حجم الخلافات بدوافع كثيرة، إما دينية، أو سياسية، أو اقتصادية، أو جغرافية، وقليل منها ما كان مبعثه التاريخ، لأن التاريخ المشترك في ظني كان أقوى من أن يمتطى أو يتخذ وسيلة للفرقة بين المتآلفين، ولم يخترقوا من خلاله في تلك الفترة، لأن المناوئين لوحدة الشعوب ضربوا عليه سياجا متينا.

* صنعت الفواصل، أو اصطنعت بين الدول، وامتطيت الأديان والاختلافات المذهبية أساساً للعزلة بين الشعوب في الأقطار العربية بوصف أوتارها الموقد لأتون الصراعات، والمذكي لجذوتها، فالدين على حد تعبيرهم (أفيون الشعوب) فدخلت هذه الأقاليم، ومن ورائهم ساستهم الساحات من هذا الباب، في وقت كانت الدول التي مارست الوصاية في المنطقة وأججت جذور الاختلاف قد قطعت مشواراً كبيراً بالوحدة فيما بينها، سياسياً، وعسكرياً، واقتصادياً.

* في خضم تلك التحالفات والمعاهدات بين الدول المتقدمة، وما نشأ عنها من تكتلات حاولت الدول العربية، وبالذات الخليجية منها الإفاقة من سباتها العميق، وبخاصة في ظل الوعي المتنامي لدى شعوبها وقادتها، حين أدركوا ما يحيط بهم من مخاطر، ويهدد كياناتهم الثقافية جرّاء التفكك والانفصال، فكانت تلك الالتفاتة الجادة والقوية من صناع القرار السياسي لاحتواء كل ما يمكن احتواؤه واستثماره من قدرات ومقدرات لمستقبل أجيال هذه المنطقة الحيوية والمؤثرة في العالم، وأمام المصالح دائماً تلتغي الإقليمية، وتذوب الفوارق الجغرافية. وتنصهر الاختلافات السياسية مهما كان حجمها.

* من الطبيعي أن تتلو هذه الخطوة الاقتصادية الجريئة والجبارة في الوقت نفسه خطوات أخرى من شأنها دعم مسيرة التنمية بين (دول مجلس التعاون الخليجي)، وتقوية الأواصر والعلاقات فيما بينها، ومن شأنها كذلك أن تجعل مواطني (دول المجلس) أمام تحدٍ كبير لإثبات ذواتهم فيما أتيح لهم من فرص، منطلقين في هذه التوجهات من وحدة الهدف، والجنس، والمصير، والتاريخ المشترك، بعد أن هيأ الله لها من القادة من أدرك هذه المسؤولية وتبناها بوعي تام لمخرجاتها، وهؤلاء سيكتب له التاريخ زعامة حقيقية من خلال هذه المبادرات الكبيرة، بعيدة الأثر في حياة أبناء هذه المنطقة.



dr_alawees@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7789 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد